يشهد قطاع الاستثمار في البلاد تراجعاً كبيرا، بسبب ما تمر به البلاد من أوضاع سياسية واقتصادية متردية، فضلاً عن البيروقراطية والإجراءات الروتينية المتبعة في الدوائر والمؤسسات المعنية بعملية الاستثمار. وارجع عضو لجنة الاقتصاد في مجلس النواب عبد الحسين
يشهد قطاع الاستثمار في البلاد تراجعاً كبيرا، بسبب ما تمر به البلاد من أوضاع سياسية واقتصادية متردية، فضلاً عن البيروقراطية والإجراءات الروتينية المتبعة في الدوائر والمؤسسات المعنية بعملية الاستثمار.
وارجع عضو لجنة الاقتصاد في مجلس النواب عبد الحسين عبطان مشكلة تلكؤ وعرقلة الاستثمار في البلاد إلى عوامل عدة منها "عدم وجود هيئة عليا تكون اكبر من هيئة الاستثمار "،مبيناً: " المشترك في الاستثمار هو ليس فقط الهيئة بل هناك وزارات ومؤسسات ومحافظات أيضاً مشتركة فيه، والعلاقة في ما بينها هي علاقة توازي، وبالتالي تحتاج هذه المؤسسات إلى من يشرف عليها، لذا نحن بحاجة إلى منظومة أو لجنة عليا أو مجلس أعلى للإشراف على عملية الاستثمار"، مؤكداً انه :"ليس بالضرورة أن يكون هذا التشكيل تشكيلاً دائمياً، وإنما مؤقت من اجل عدم الاستثمار".
وأضاف عبطان في حديث للمدى: "أن العامل الثاني هو هناك بيروقراطية وضعف في التنسيق بين كل المؤسسات المعنية بالاستثمار، والمتمثلة بالوزارات والمحافظات والمؤسسات الأخرى، فضلاً عن القسم الفاعل من هذه المؤسسات مثل التأمين والمصارف والمؤسسات الأمنية وغيرها".
وأوضح : "اليوم لا يوجد تنسيق في عملية إنجاح الاستثمار، إذ نجد بعض المستثمرين الأجانب عندما يحصلون على فرصة استثمارية فإنهم لا يستطيعون الحصول على الفيزا، كذلك لا يستطيعون أن يدخلوا أموالهم، وغيرها من المشكلات".
وعن العامل الثالث قال عضو لجنة الاقتصاد: "إن العامل الأهم هو آفة الفساد، لأنه للأسف هناك ضعفا كبيرا في عملية متابعة الاستثمار، حيث هناك حيتان ومافيات تعمل كسماسرة للحصول على الفرص الاستثمارية، والذين يعملون كدلالين، يدللون بعقارات وأموال الدولة"، مضيفاً أن "قسماً من هذه المافيات يعمل بالتنسيق مع مسؤولين كبار في بعض المناصب الحكومية المهمة، وهذا ما سبب عزوف الكثير من رجال الأعمال والقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب عن المشاركة في الاستثمار بالعراق، لان عملية الاستثمار غير شفافة وغير نزيهة وبالتالي لا يمكن دخول المستثمرين الحقيقيين في مثل هكذا مخاضات".
وردّ عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار على سؤال يتعلق بقانون الاستثمار بالقول :"إن القانون فيه الكثير من الايجابيات، وقد حدد خارطة طريق للعملية الاستثمارية في العراق" مستدركاً "لكنه يحتاج إلى بعض التعديلات".
وعن المعالجات التي يمكن أن تسهم في إنجاح عملية الاستثمار في البلاد شدد النائب على:"ضرورة تشكيل هذه اللجنة - اللجنة العليا - على أن يكون للوزارات والمحافظات والمؤسسات المعنية تمثيل فيها، علماً أن وزارة المالية تشترك في أبواب عدة من عملية الاستثمار منها عقارات الدولة، دائرة الكمارك، المصارف، والرابع التأمين، إذ أن هذه المؤسسات إذا لم تكن فاعلة ومشاركة في هذه اللجنة فانه لا يمكن أن تنجح عملية الاستثمار"
وبين "عند تشكيل هذه اللجنة سيكون من السهل القضاء على الفساد لأنها سوف تدير العملية الاستثمارية بشفافية، وتتابع المستثمرين أولاً بأول ومعاقبتهم ومحاسبتهم بشكل سريع".
من جانبه، دعا الخبير الاقتصادي غازي الكناني إلى "تشريع قانون جديد للاستثمار يكون مشابها لقانون إقليم كردستان الذي يقضي بتمليك الأرض للمستثمر، إذ أن القانون الحالي أجريت عليه تعديلات ثلاث مرات"، مضيفاً "يراد حزمة من القوانين الاقتصادية المكملة للاستثمار".
وقال الكناني في حديث للمدى:" لا توجد أي ثقة في الاستثمار الوطني، بسبب وجود جملة أمور طاردة للاستثمار، منها الوضع السياسي المتأزم، والجانب الأمني غير المستقر، وبالتالي لا يمكن مجيء مستثمر أجنبي في ظل هكذا تعقيدات، محذراً من رجوع "الظروف السياسية الاقتصادية والاجتماعية إلى المربع الأول".
وأشار إلى وجود معوقات أخرى يواجهها المستثمرون منها "الفساد الإداري والمالي والبيروقراطية، وصعوبة الحصول على الفيزا"، مبيناً ان "ابن البلد الذي يعرف الدوائر والمؤسسات والروتين والتعقيدات والتعليمات التي لم ينزل الله بها من سلطان، نلاحظه يعزف عن الاستثمار المحلي".
وتابع انه "إذا لا تقوم الحكومة بتقديم عروض وتسهيلات مناسبة للمستثمر الأجنبي، وتشجيع عودة المحلي الذي يهاجر كل يوم، فلا يمكن أن يكون هناك استثمار ناجح، إذ الأخبار السياسية والاقتصادية اليومية التي يسمعها المستثمر تكون كافية لهروبه"، مؤكداً "نحن ننفخ في جربة مثقوبة ".
ووصف الخبير الاقتصادي الشركات المستثمرة في البلاد بـ"الوهمية، وذات منفعة سريعة، ومن ثم الهرب، أما الشركات الحقيقية فإنها لا تأتي لأنها تخاف على مهندسيها وإدارييها وفنييها في ظل هذه الظروف، لذا يجب توفر كل شروط النجاح من اجل مجيء مستثمر حقيقي".
وعن عمل ودور هيئة الاستثمار قال الكناني إنها "جعجعة بلا طحين، إذ أن رئيس الهيئة لم يستطع أن يقنع الشركات الأجنبية الرصينة بالاستثمار في العراق، والدليل على ذلك مشروع بسماية الذي تروِّج له من سنين إلا أن المواطن لم يرَ بناءً حقيقياً، ولا مخيماً للشركة الأجنبية".
وفي ما يتعلق بتصريح سابق لرئيس هيئة الاستثمار سامي الأعرجي أشار فيه الى "عدم وجود تعاون من قبل اغلب الوزارات مع الهيئة"، أكد الكناني كلام الأعرجي، قائلاً:"أنا اتفق معه على هذا القول، لذا يجب توفر مركزية في اتخاذ القرارات، عبر تشكيل مجلس خاص، يحصر التعليمات والقرارات بيده، للتخلص من الإجراءات الروتينية المعرقلة لنجاح الاستثمار".
وأضاف الخبير الاقتصادي ان الشركات النفطية العاملة في البلاد "مستعدة للعمل في كل الظروف حتى في الحرب الأهلية، مثلا في نيجيريا يوجد خطف وحرب وتلاحظ الشركات النفطية تعمل هناك، فهذه حالة استثنائية".
ودعا الكناني إلى توفير بنى تحتية مناسبة، من حيث الطرق والجسور والموانئ والطاقة، كما في ماليزيا والسعودية ودبي وإقليم كردستان"، مضيفاً انه "عند بناء فندق مثلاً لا يمكن الاعتماد على المولدات فقط، لذا على هيئة الاستثمار تشجيع المستثمر المحلي الذي فشلت في كسبه، بسبب الإجراءات المعرقلة، لأنه عندما يريد أن يحصل على إجازة من مجلس المحافظة، يتم تحويله إلى أمانة العاصمة وهناك يستغرق إصدار الإجازة سنة أو سنتين".