بغداد/ إيناس طارق ظاهرة اطفال الشوارع باتت واضحة للعيان حيث ينتشرون عند تقاطعات المرور والاشارات الضوئية، بعضهم يمتهن التسول والبعض الاخر يبيع حاجيات مختلفة كالحلويات والبعض الاخر يقدم خدماته في غسل السيارات اثناء توقفها عند الاشارات
المرورية،ولا ينفكون عن التوسل بسائقي السيارات للشراء منهم . وجل ما يفعلونه هو التسول المبطن تحت غطاء بيع بعض الحاجيات ، والغريب ان هذه الظاهرة اصبحت مهنة للكثير من الاطفال ، فالدلائل تشير الى ان ازدياد اعداد الاطفال المشردين يؤسس لظاهرة غريبة. يعرف الجميع ان تردي الوضع الاقتصادي للبلد اسهم في خلق الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية،و في تفاقم هذه المشكلة الاجتماعية ، كما إن هؤلاء الأطفال سينشأون، وفي داخلهم حقد دفين ضد طبقات المجتمع الغنية نتيجة للفوارق الشاسعة وربما ضد المجتمع برمته... اين يمكن ان يوجد الحل اذن؟ كثير من المسؤولين يشاهدون يوميا هؤلاء الأولاد في هذه التقاطعات فلماذا لايقترحون اقامة المشاريع، او معرفة مشاكل عوائلهم والوقوف على الاسباب التي تدفعهم لرمي اطفالهم بالعمل الشاق في الشارع، إضافة الى امكانية استغلالهم من قبل بعض الجهات الإرهابية. وعند الحديث عن حقوق الطفل العراقي بالعيش برفاهية والامان كبقية اقرانه تاتيك اجابات المسؤولين بالحرف الواحد ، نحن دائما نطالب بحق الطفل العراقي ، ونحن نتساءل متى يأخذ الطفل العراقي حقه كبقية اطفال العالم !؟ مهند يبلغ من العمر احد عشر عاما،يعمل في مهن مختلفة باختلاف العرض والطلب، في الشارع ، يسكن في غرفة واحدة مع عائلته المكونة من خمسة افراد في منطقة باب المعظم. والده يعمل في تقاطع منطقة الصدرية ببيع المعجنات،واخوته الباقون يعملون مع والدتهم في جمع قناني العلب المعدنية الفارغة. اضطر الى ترك المدرسة وهو في الصف الثاني الابتدائي. كان يحب المدرسة، ويسعد كثيرا بالذهاب اليها للتعلم واللعب مع أصدقائه الذين هم الان في المرحلة الخامسة. والد مهند كان حزينا لترك أطفاله المدارس،لان الوضع الاقتصادي المتدني لعائلته وعدم استطاعته تغطية نفقات أولاده أثناء الدوام في المدارس هما ما يمنعانه من ردع أولاده عن مزاولة هذا العمل، وقد قدم أكثر من معاملة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لصرف راتب مالي يساعده ولو بجزء يسير في دفع اجرة الغرفة المتواضعة والتي لايتوفر فيها ابسط الشروط الصحية، ولكن الروتين الممل والانتظار الطويل امام بوابة الرعاية الاجتماعية سبب له الياس و جعله يترك مجرد التفكير في الحصول على المعونة الاجتماعية، وهذا نموذج واحد فقط لمئات الأطفال، أخذ يطلق عليهم اطفال الشوارع . ام عباس تمتهن واطفالها الثلاثة/ولدان وبنت/ العمل في بيع حاجات مختلفة في التقاطعات، تشرح حالتها بالقول: حكمت علي وعلى اطفالي قسوة المجتمع بان نعيش هذه المعيشة الصعبة، ومانحصل عليه يكفينا بالكاد لمعيشة يومنا.. اما ان يذهب اطفالي الى المدارس حالهم حال من هم في اعمارهم فان هذا الامر صار حلما بعيد المنال. إنا يئست من غيرة اخوالهم واعمامهم، ولم يبق امامي الا ان اهيب بالمسؤولين والخيرين إيجاد حل لمستقبل أطفالي. إما عن نفسي فليصبني المرض، ليست مشكلة ، اهم شيء في حياتي اطفالي.
أطفال الشوارع... ظاهرة تكتسح المجتمع
نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 06:09 م