اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مدرسة للمشاغبين

مدرسة للمشاغبين

نشر في: 5 إبريل, 2013: 09:01 م

خلال مطالعتي لبحث في أساليب التربية الحديثة التي تعتمد التفاعل الإيجابي لا التلقي السلبي، تذكرت الفيسبوك وتفاءلت كثيراً. فالتربية في مجتمعنا غير قابلة للعلاج حالياً، خاصَّة مع افتقارنا للتربويين القادرين على النهوض بواقعنا المنهار. وأيضاً مع وقوع وزارة التربية بأحضان بعض من وزراء الصدفة، ممن لم يفهموا أن وزارة التربية مسؤولة مسؤولية تامة عن إعادة بناء المجتمع.
على كل حل منشأ التفاؤل أنني وجدت في الفيسبوك ما يشبه المدرسة الكبيرة، التي تَسْتَخْدِم في نقل المعلومة مناهج التعليم التفاعلي/ الإيجابي، لا التلقين/ السلبي. ففي الفيسبوك تُطرح اليوم أهم قضايا المجتمع على بساط النقاش، ويتشارك الجميع بتقليب وجهات النظر حولها، ولا يكون بين هؤلاء المشاركين ـ غالباً ـ من هو معلم ومن هو تلميذ، حيث تجد آراء المثقفين "المعلمين" عرضة لنقد وربما تندر بقية المتلقين "الطلبة" وهذا النقد أو التندر لا يحدث لمجرد المشاكسة بل لمناقشة الفكرة وطرح وجهات نظر مستقلة عن وجهة نظر المثقف. وفي هذا الصدد حدثت لي تجربة مع مجموعة (نريد أن نعرف) على الفيسبوك، وهي مجموعة نَضَمْتُها مع مجموعة من الأصدقاء على هامش تظاهرات شباط عام 2011. وكان أن جَمَعَت هذه المجموعة نخبة كبيرة من الكتاب والمثقفين مع مواطنين مهتمين، وكانت تحدث في فضاء هذا العالم الافتراضي مناقشات "حامية الوطيس" على أهم القضايا ـ السياسية، الاجتماعية، الدينية ـ العالقة في العراق، ويتشارك فيها أفراد من مختلف طبقات وطوائف واثنيات وأعمار المجتمع، الأمر الذي جعل هذه النقاشات معقدة وغير قابلة للإنتاج في بداية الأمر، وكاد صبري وصبر بقية شركائي بالتجربة أن ينفد، لولا أن بصيصاً من الأمل أخذ يغرينا بالاستمرار، فقد بدأت بعض التغييرات تظهر على أكثر الشركاء تفاعلاً بالنقاش وتشدداً بآرائهم، وبدأت المواقف تتغير، الأمر الذي أثار استغرابنا وقتها، ولم نعرف بأن الموضوع يتعلق بتبلور مدرسة خاصَّة في بلد يفتقر إلى المدارس العامَّة، مدرسة لا يمتلكها أحد ولا يتغطرس فرد ما أو طائفة بوضع مناهجها التي تبث الكراهية أو تنتج العوق. مدرسة جميع أفرادها معلمون وطلبة بنفس الوقت، مدرسة لا تخاف من مناقشة أعقد مشاكل المجتمع وأكثر أمراضه نتانة.
في مدرسة الفيسبوك ما زلت تلميذاً يحرص أن يكون مثابراً، وقد تعلمت فيها الكثير من الحكمة، وكنت شاهداً على تبلور وبناء شخصيات وأفكار عراقية غاية بالأهمية. اليوم أعرف أصدقاء تحولوا إلى قامات مهمة، ولا يعرفون بأنهم كذلك، أصدقاء دخلوا عالم الفيسبوك وهم تلاميذ بسطاء، ثم وفي خضم سنوات قليلة قفزوا قفزات معرفية هائلة. هنيئاً لهم، وهنيئاً لنا بهم، وتحيا مدرسة المشاغبين في الفيسبوك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أحمد هاشم الحسيني

    تحياتي أستاذ سعدون ومع اني متابع جاد لمقالاتك اليومية وأفكارك الجميلة ولكني حزين جدا لما أراه من أخطاء إملائية أو نحوية متكررة للأسف لا تليق بالكاتب المرموق وقد تترك أثرا سيئا في إملاء القراء وقواعدهم حينما يقلدون ما تكتب على أساس أنك لا تكتب إلا الصحيح :

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram