ضمن فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب لهذا العام أقامت مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، وبالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى فرع العراق، ندوة ثقافية فكرية بحضور عدد كبير من الأدباء والمثقفين ومن زوار المعرض، تحت عنوان (عامان على اندلاعها.. ال
ضمن فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب لهذا العام أقامت مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، وبالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى فرع العراق، ندوة ثقافية فكرية بحضور عدد كبير من الأدباء والمثقفين ومن زوار المعرض، تحت عنوان (عامان على اندلاعها.. الانتفاضات العربية الى أين)، قدم الجلسة الدكتور هشام داود، وحاضر فيها الباحث هاني فحص من لبنان والدكتور عبد الجبار الرفاعي من العراق، والكاتبة فريدة النقاش من مصر.
تحدث اولا الدكتور هاشم داود في بداية الندوة عن الربيع العربي، والشعوب التي انتفضت على الدكتاتوريات، ودور الشبكة العنكبوتية في تسهيل التواصل بين الثوار والمتظاهرين، ثم يتساءل عن مصير الكلمة على فيسبوك، وعن أبنائه الذين هدأوا والطريق مازال في بدايته لديمقراطية صحيحة، ويتساءل أيضا عن نجاح الثورة من دون قائد، وكيف كان لها أن تنجح بدونه ؟، ثم يتساءل: هل ستكون هناك انتفاضة أخرى ناجحة قريبا؟
. إسقاط المستبد
ليترك الحديث بعدها للباحث هاني فحص الذي تحدث عن الحراك العربي وعن الربيع العربي، ويقول " الشعب المصري يكشف بحراكه اليومي عن شوقه للحرية. إن الجماهير وبصرف النظر عن توصيفها ذاقت طعم حلاوة إسقاط المستبد ويبدو أنها لن تبدل رأيها والدليل على ذلك مصر وتونس، وستستمر، وفي تقديري ماحصل هو سقوط للباطل نلتقي ضده حتى لو كنا مختلفين والباطل سهل تشخيصه والمستبد حتى شركائه يذوقون مرارته والحرب تحتاج الى والى وعي مشترك والى قبول الآخر والى صبر.. لانتقبله على مضض بل يجب ان نتعرف عليه، وهذا يحتاج الى حوارات وطروحات وهو ليس بالأمر السهل، وهنا لايمكن اختزال الدولة بالسلطة، والتسليم الى أمر انه من غير القائد نضيع، هناك رحم عربي فيه حمل لكنه حمل مشوه، والربيع العربي أنا فرح به لكني أخاف عليه خوف العقلاء، العاقل هو الذي يخاف وهو ليس خوفا من رجوع المستبد بل هو خوف على المستقبل "،
الإسلام السياسي
بعدها كانت هناك كلمه للصحفية فريدة النقاش التي تحدثت عن مشروع الإسلام السياسي ومشروعه، لتؤكد إن الإسلام السياسي ليس لديه كفاءات،وهناك فقر واضح في هذا الموضوع، وقد انكشف ذلك في تشكيل الوزارة التي خلت تماما من الكفاءات، ثم تحدثت عن الاستبداد الذي استبدل باستبداد آخر بوجه إسلامي، وتواصل " ان ماحدث كان نتيجة جهد وعمل، وفي فترة ما قبل الثورة شهدت مصر أكثر من ألف ثورة واعتصام وصل حد النوم في الشوارع، كما شهد الشارع المصري عددا من الإضرابات، وهذا يدل على إن صوت مصر كان عاليا في التعبير عن رفضها للدكتاتوريات "، ثم تحدثت عن دستور الرئيس المصري محمد مرسي، الذي تم تغييره وتم فرض عدد من النواب على الشارع لأنهم من الإخوان المسلمين، ولكن الجديد الآن إن الشعب المصري، كسر حاجز الخوف الى الأبد.. "،
التغيير أساسي وضروري
وتتواصل الحوارات الحرة على قاعدة نقاش صريحة في المعرض، لتصل الكلمة الى الدكتور عبد الجبار الرفاعي، الذي ركز في حديثه على إيمانه بالربيع العربي ولايعتبره خريفا مثلما يروج له البعض، و رأيه إن ما يحدث واقع مركب متعدد الأبعاد ومتعدد العلل، مرئية وغير مرئية وهي التي تنتج هذه الظواهر الاجتماعية والنفسية، " اعتقد إن الربيع العربي هو استجابة لضغوطات وكبت من الحكومات المستبدة التي تصورت إن الشعوب في حالة سبات، لكنها أثبتت أنها رافضة لكل تهميش وكل تقييد فسعت الى الحرية التي ترى فيها الخلاص، فالحرية شرط للتعبير.. وهي شرط للكتابة.. وللحوار، إذن فالحرية هي قدر للشعوب، ولكن، هل استبدلنا الاستبداد بآخر؟ لا اعتقد ذلك، وعلى الرغم من وجود الأزمات الا أنها ساعية للتغيير، واعتقد إن التغيير أساسي وضروري لكل التحولات، وحسب رؤيتي للمستقبل لا أجدني قلقا رغم ظهور الجماعات السلفية في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي.
سجالات في الندوة
ولابد هنا من التمييز بين الإسلاميين والسلفيين، ولايمكن أن نفكر إن الربيع العربي لايتحقق إلا بالخلاص من هؤلاء، وإلا سنكون مستبدين حالنا حال بقية الديكتاتوريات، وهنا أؤكد إن الربيع العربي يتحقق بنا جميعا.. " بعدها كان هناك مداخلات من قبل الحضور ومن كل التوجهات، فمنهم دافع عن الجماعات الإسلامية بدعوى حرية الرأي والرأي الآخر من خلال الحوار، احد الحاضرين قال: " إن الصراع بين الجاهلية والإسلام قديم منذ الأزل، والشعب الذي انتظر هذا الدين طويلا يتساءل لماذا هذا الهجوم المكرس بدعاوى وأباطيل، ويدعو الى الحوار قبل التنظير، ثم مداخله أخرى من قبل الحضور بسؤال حول كيفية العمل على النهوض بالعقل العربي، وآخر أكد على إن المشروع الإصلاحي مشروع لمن يمتلك برنامجا واضحا لتطوير الشعوب وما هو المشروع البديل لنجاح التجربة السياسية، داعيا الى طاولة مستديرة بين المثقفين والناشطين العراقيين والمصريين
قتل باسم الدين
وهناك من تساءل عن الثورات العربية هل هي شك بالثورة أم هي ثورة الشك، ومن بين الحضور أطلقت صوتها سيدة لتدعو الإسلاميين الى الدفاع عن هويتهم وصورتهم بعد ان شوهها من يقتل باسم الدين، وأكد المحاضرون بعد ذلك على إن الندوة والحوار ليس ضد فكر معين، بل حوار حر لأجل الجميع، وتحدثت في ختام الجلسة الصحفية فريدة النقاش عن أهمية رفض تهميش فكر الآخر، وعدم الادعاء بالديمقراطية دون الإيمان الحقيقي بها، بالابتعاد عن الممارسات الخاطئة، التي تجعل الآخر يبتعد عنا ويشوه صورتنا، ويجب أن يكون الهدف الأول هو الإيمان بان الوطن للجميع والحفاظ عليه، وختمت حديثها بان اليسار المصري هو أول من دافع عن حق الجماعات الدينية في بناء نفسها ومقراتها، لكن المشكلة أنهم لايملكون الكفاءات في الإدارة او السياسة، ثم كانت الكلمة للأستاذ فخري كريم الذي أكد على إن هذه الندوة ليست مواجهة بين القوى العلمانية والإسلام السياسي لان الصحيح هو إن المؤسسة الإسلامية عريقة في مصر ومثال على ذلك جامعة الأزهر وهي على الضد من تلك القوى الإسلامية المشوهة للدين الإسلامي ولفكره النير.