على غرار الأسواق المؤقتة التي كان يعقدها من يُصطلح عليهم بـ(عرب الجاهلية)، كسوق عكاظ مثلاً، ستنعقد بعد أسابيع سوق لبيع وتأجير مؤسسات الدولة، وذلك بعد أن تُعلن نتائج الانتخابات ويعرف كل حزب، أو كيان، مجموع ما حصده من آمال وطموحات المخدوعين، ويعرف عندها ما يمكن له أن يساوم عليه من مجموع المغانم.
كراسي محافظي المحافظات ستكون سهام الغيلان، ولأنه لن يكون في مثل الحالة العراقية، المتشظية، غيلان تستطيع أن تلتهم تلك الكراسي بسهولة، ستظهر لدينا، مع شديد الأسف، مجموعة هائلة من فراخ الغيلان الجائعة والنهمة، ومن ثم ستكون كراسي الحكومات المحلية من حصة أكثر هذه الفراخ دهاء ومكراً. أقصد أكثرها قدرة على إقناع بقية رفاقه، من الغيلان الصغيرة الجائعة، بأنه لو جلس على كرسي المحافظ سيضمن لهم امتلاء كروشهم طوال الدورة الانتخابية. إذن بعد أن تنتهي آخر تكشيرة انتخابية يوجها مرشح لناخبيه، مع إعلان النتائج وعندها سيُدير لنا مجموعة المكشرين ظهورهم ويدخل الفائزون منهم إلى الغرف المظلمة، غرف مخصصة للأتقياء الورعين، أو الفضلاء من الوطنيين. وهناك ستقام طقوس نحر العراق وسلخه وتقطيع أوصاله، ثم عقد ولائم التهامه التي ستدوم أربع سنوات كاملة...
محصلة هذا الهذيان أنني أريد أن أوجه نصيحة لكل ناخب يعتقد بوجود مرشح واحد أو مجموعة مرشحين يستحقون الدعم لأنهم سيمثلون حلاً ما، ومضمون هذه النصيحة: أن المرض أخطر مما تتخيل يا سيدي الكريم. هناك مجموعة من السماسرة سيلتهمون أكثر الأصوات، أعرفهم وتعرفهم جيداً، وسيفتح هؤلاء مزاد تقاسم السلطات التشريعية والتنفيذية في المحافظات، ويخيرون بقية الفائزين بين الدخول بهذا المزاد أو الانزواء بعيداً، هذا ما حدث ويحدث منذ التغيير وحتى الآن، دائرة من الفساد والبغي والخيانة وكل أشكال الجريمة لم يسلم منها أحد. والعجيب بموضوع دائرة الجريمة هذه أنها تعمل وفق ثقافة تضامنية قل نظيرها، فهي لم تُسَلِّم أياً من مجرميها إلى العدالة لحد الآن، الأمر الذي يجعل وعودها محل احترام وثقة جمهور الفاسدين واللصوص، ويدفعهم ليكونوا أكثر إخلاصاً وتفانياً في تنفيذ المخططات التي ستفرزها المزادات.
هل أتحدث عن فراغ؟ بالتأكيد لا، ودونك يا سيدي الكريم سنواتنا المنصرمة ولك أن تسترجع أحداثها بدقة وتتذكر دوراتنا الانتخابية وما تمخض عنه، ثم تقرر بعد ذلك ما عليك أن تفعل.
جميع التعليقات 1
محمد السباهي
أتفق معك تماماً رغم النظرة المتشائمة جداً، ورغم الفشل الذريع في عملية تقديم الخدمات وتفريخ العنقاء أو الغول، لكن لابد من الدخول في العملية التصحيحية- لا أعني الشيوعيين- ولابد من الاشتراك في هذا الخضم، وإلا ستأكلنا العنقاء وسيبقى الغول جاثماً مع أفراخه فوق