اتهمت الهيئة العامة لمصرف الشمال للتمويل والاستثمار أمس الأحد البنك المركزي العراقي بعدم تلبية احتياج السوق العراقي من العملة الصعبة طوال الأشهر الخمسة الماضية وإحالة ذلك إلى عاتق المصارف الأهلية، فيما أكدت أن العراق بحاجة لضخ ما يقارب الــ 300 مليون
اتهمت الهيئة العامة لمصرف الشمال للتمويل والاستثمار أمس الأحد البنك المركزي العراقي بعدم تلبية احتياج السوق العراقي من العملة الصعبة طوال الأشهر الخمسة الماضية وإحالة ذلك إلى عاتق المصارف الأهلية، فيما أكدت أن العراق بحاجة لضخ ما يقارب الــ 300 مليون دولار في السوق يوميا لسد حاجته من العملة . في حين انتقد البنك المركزي هذه التصريحات وعد أنها هجوم عليه ونابعة من جهل وعدم معرفة بالسياسة النقدية.
وقال رئيس مجلس إدارة مصرف الشمال والاستثمار والتمويل نوزاد داوود الجاف في حديث إلى المدى برس، إن البنك المركزي العراقي لم يلب احتياجات السوق العراقية من العملة الصعبة منذ أكثر من خمسة أشهر، مبينا أن أكثر من ثلتي الاحتياجات تلبيها البنوك المحلية ،ما يحدث إرباكا كبيرا ما بين التجار والبنوك.
وبين الجاف: أن قسما كبيرا من السياسيين ومسؤولي البنك المركزي يؤكدون أن احتياجات العراق من العملة الصعبة تتراوح بين 85 إلى 90 مليون دولار باليوم، لكن في الحقيقة السوق بحاجة إلى أكثر من 250 وتصل إلى 300 مليون دولار .يوميا. وأكد الجاف: أن هذا الكلام لم يأت من دون مستندات أو إثباتات، موضحا أن أغلب المواطنين يستبدلون الدينار العراقي بعملة الدولار، وهذه إحدى الدلالات على احتياج السوق إلى الدولار.
وأكد رئيس مجلس إدارة مصرف الشمال الذي يعتبر من أكبر البنوك العراقية الخاصة أن تقصير البنك المركزي في توفير العملة الصعبة وعدم التزام الحكومة بسياسة السوق الحر يحدث إرباكا في السوق، إلا أنه استدرك قائلاً: لكن نحن مصدر جدارة من حيث توفير الأموال،و لدينا موارد عالية من الإيداعات وقوة مالية كبيرة في هذا المجال.
وكانت إدارة مصرف الشمال أعلنت في مؤتمر سنوي عقدته السبت الماضي: أن أرباحها في العام 2012 بلغت 68.813 مليار دينار عراقي وهي الأعلى خلال السنوات الأخيرة بين عموم المصارف العراقية الخاصة التي زاد عددها على 35 مصرفا، وأكد أن ودائعه بلغت 1.604 ترليون دينار عراقي. وعد الجاف أن إجراءات البنك المركزي ربما كانت آتية بعد موجة الضغوط السياسية والإعلامية، مؤكدا أن البنوك الأهلية ليست بحاجة للدعم المالي من الحكومة ، لكنها بحاجة إلى الدعم المعنوي والحفاظ على كيانها المصرفي وفتح الأبواب أمامها للتعامل مع البنوك الخارجية بشكل أفضل.
وكان نواب وسياسيون واقتصاديون اتهموا البنك المركزي العراقي على مدى الأشهر الماضية بحرق ما معدله أربعة مليارات دولار شهريا في مزاد العملة الصعبة لصالح عشرة مصارف أغلبها ذات رأس مال خليجي، تشتري يوميا معظم ما يطرحه البنك المركزي من العملة الصعبة وتحقق ربحا فاحشا يصل إلى 6% بما يجعلها تتحكم بالاقتصاد العراقي.
من جانبه، قال عضو قسم التفتيش في المديرية العامة لمراقبة الصيرفة والائتمان في البنك المركزي علي محمود في حديث إلى المدى برس: إن رأي مصرف الشمال بسياسة البنك المركزي هي بمثابة شن هجمة على البنك، مبينا أن أسباب هذه الحملة هي عدم تفهم السياسة النقدية وما معروف عن السياسة النقدية.
وأضاف محمود: في السنوات الأخيرة بعد العام 2003 أعطيت للمصارف الخاصة الحرية الكاملة بعد رفع الفوائد وتحرر العمولات ،وهذه الأمور هي من الأمور الإيجابية لتلك المصارف. وتابع محمود: إلا أن بعض المساهمين المصرفيين جهلة يبحثون فقط عن الأرباح من دون معرفة باقي الأمور، واتهمهم بأنهم يفكرون بالربح الخالص من دون التفكير بالمخاطر التي تتعرض لها المصارف، مبينا أن دور البنك المركزي هو الحد من هذه المخاطر ومتابعة السياسة النقدية ومسيرها إلى الأمام أو تراجعها. وقرر مجلس الوزراء العراقي في 16 تشرين الأول 2012، تكليف رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي بمهام محافظ البنك المركزي وكالة بديلا عن محافظ البنك السابق سنان الشبيبي على خلفية اتهامه بقضايا فساد مالي وإداري في البنك خصوصا في عمليات المزاد على الدولار، إلا أن شيئا لم يطرأ على عمل البنك ومزاد العملة، في حين شهد سعر صرف الدينار العراقي تراجعا كبيرا أمام الدولار، إذ قفز من 1170 دينارا للدولار الواحد في خريف 2012 إلى 1270 دينارا للدولار الواحد في نيسان 2013.
وكان الصندوق قد ذكر في تقرير أصدره في 21/ 3/ 2013 عقب انتهاء مشاورات أجريت في عمان بين وفد من الصندوق ووفد عراقي برئاسة وزير التخطيط علي الشكري واطلعت المدى برس عليه حدوث تحسن في القطاع المالي، لكنه أكد أنه ما زال بحاجة إلى جهود أكبر من قبل البنك المركزي في تنقيح أدوات السياسة النقدية وتعزيز الرقابة المصرفية، والتعجيل بإعادة هيكلة النظام المصرفي.
ودعا صندوق النقد الدولي البنك المركزي العراقي إلى اتخاذ تدابير تدريجية نحو تحرير عرض النقد الأجنبي من خلال المزادات التي يقيمها البنك وذلك حتى لا تتكرر الاضطرابات التي تعرضت لها السوق المالية في العام الماضي.
وشدد الصندوق على أن إقامة نظام مصرفي قومي يستوجب التخلي عن النموذج الحالي الذي تسيطر فيه البنوك الضعيفة المملوكة للدولة التي تحظى بمعاملة تفضيلية تميزها عن المصارف الخاصة، داعيا العراق إلى القيام بتقوية مؤسساته المالية العامة لضمان الكفاءة والشفافية في استخدام الإيرادات النفطية.