لماذا تطغى البرودة والرتابة على فعاليات الحملات الدعائية للكيانات السياسية المشاركة بالانتخابات؟ لماذا تشعر وأنت تنقل عينيك بين البوسترات، بأن ليس هناك أي جهد إعلامي حقيقي، أو عناية لائقة بشد أنظار الناخبين. يوم أمس أحسست، وأنا التقط صوراً لبعض اللافتات الانتخابية، أنني أتجول بمقبرة، حيث شواهد القبور لا تريد الإعلان عن شيء، لأنها واقفة على الحد البارد بين الحياة والموت. عندما ننصب شاهداً على قبر ما فإننا، غالباً، لا نريد أن ندعو لشيء ولا أن نخبر عن حدث، فقط نريد أن نقول إن هذا القبر يعود لشخص كان يحمل هذا الاسم. وهذا ما تُحس به وأنت تراقب الدعايات وتقرأ المكتوب عليها، فلا تجد غير اسم المرشح وشعار جليدي يجعلك ترتجف من برد الرتابة الذي يُشعرك به.
لا شيء يتعدى المحاولات الساذجة للحضور من خلال صورة شخصية لا تصلح حتى للمعاملات، والمشكلة أنك تجد أغلبها معلقاً في الشوارع، بشكل فج وقبيح. ولا ممارسة تتعدى الاختفاء خلف شعارات لا تَعِد بمنجز ولا تتبرأ من خطأ ولا تنتقد تلكؤاً!
العملية السياسية ماتت، على الرغم من كل الضجيج الذي تزعجنا به أزماتها. ماتت لأنها افتقرت للتنافس الحقيقي، والتنافس اختفى لأن الناخب يكاد أن يكون بليداً. فهو لا يعرف كيف يستثمر قوة الورقة الانتخابية، ولا يُحسن استخدام ضغطها من أجل الحصول على حقوقه. لذلك تجد بأن المرشح من جهته لا يفكر بالناخب إلا قليلاً، إذ الناخب لم يحاسبه بشكل حقيقي على أمر ما، ليتجنبه، هناك ضجر من سوء الخدمات ولكنه لم يتحول إلى اعتراض منظم ومستمر تجاه جهة ما، لتحاول الجهات الأخرى أن تتجنب المتهم وتتبرأ من أفعاله. حتى في الانتخابات النيابية السابقة كان الوضع أكثر مبعثا على التفاعل، على الأقل كانت هناك برامج، وإن كانت مهلهلة، وعلى الأقل كانت هناك وعود بالقضاء على الفساد (مثلاً) وإن كانت وعود لا تقوم على خطة واضحة. وعلى الأقل كانت هناك شعارات تتناول مشكلة السكن ومشاكل البطالة والفقر ومجمل الخدمات. ويبدو أن القوائم اكتشفت بأن الدوافع التي ينطلق عنها الناخب في تحديد خياراته هي معايير الولاء لا معايير الكفاءة والخبرة، ومن هنا لم يبق لديها أي دوافع لتكشف للناخب عن خططها ونواياها. المشكلة مختصرة بعجز الناخب عن التأثير على السياسي، وهو عجز لا يتحمله وحده؛ بل نتحمل، كإعلاميين ومثقفين ومعنيين، الجزء الأكبر من مسؤوليته.
شواهد
[post-views]
نشر في: 7 إبريل, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
وليد الاسدي
من ينصف كريم عفتان ؟؟؟؟ وليد الاسدي يتندرا لعراقيون بمثلهم القائل ( مأكول مذموم ) والمذموم هنا كناية عند السمك العراقي الشهي الذي يتفننون في طبخة فمنهم من يتناوله مشويا ومنهم من يتناوله مقليا او مع الرز. وحديثنا هنا ليس على السمك إنما عن أداء وزارة الكهرب