بعد انتهاء حرب تحرير الكويت في العام 1991 قررت الحكومة الكويتية منح مواطنيها سيارة حديثة موديل ذلك العام ، وفي العراق حصل المواطن على دجاجة مجمدة وزعت ضمن مفردات البطاقة التموينية ، تعبيرا عن اعتزاز القيادة بالوقفة الجماهيرية والصمود الشعبي ودحر مخططات "العدوان الثلاثيني" وبين السيارة الحديثة ، والدجاجة المجمدة ، يتضح الفارق الكبير في تعامل السلطة مع شعبها وعلاقة الحاكم بالمحكوم ، القيادة والجماهير.
في مثل هذا اليوم التاسع من نيسان من العام 2003 شهد العراق زلزالاً على المقياس الأميركي ، فبعد الإطاحة بالنظام السابق ، وصف البعض ذلك اليوم بأنه سيكون منعطفا تاريخيا سيمهد لإقامة نظام ديمقراطي تعددي ، وستحقق" الجماهير" إرادتها عبر صناديق الاقتراع في انتخاب قادتها ، وانتهاء حكم الحزب الواحد ، باعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة في البلاد. قبل أن تظهر تداعيات الزلزال الأميركي على أرض الواقع ، هناك من طالب بأن يكون التاسع من نيسان عيدا وطنيا لأنه يوم "تحرير العراق" من الديكتاتورية ، وأصحاب هذا الرأي لم يستفيدوا من القرار الكويتي في يوم تحريرها بتوزيع سيارات حديثة بين المواطنين ، بل قدموا وعودا كثيرة برسم صورة الغد المشرق للعراقيين ، وبعد مرور عشر سنوات على الإطاحة بالنظام السابق والانتقال من نظام شمولي إلى ديمقراطي ، لم يحصل العراقي على" ستوتة" في الزمن الديمقراطي ، وتحمل أعباء ثقيلة أفرزتها الأحداث بعد مرور عشر سنوات على الزلزال الأميركي وما خلفه من دمار وخراب .
بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام 2011 بموجب اتفاقية أمنية وتعاون ستراتيجي مشترك بين بغداد وواشنطن ، أعلن أصحاب رأي تحرير العراق ، أن مقاومتهم الباسلة أجبرت المحتل على الانسحاب ، وبصرف النظر عن صحة تلك الادعاءات والمزاعم لم يبادروا بمنح كل عراقي "ستوتة" تعينه على حمل أثقاله وتجاوز السيطرات المنتشرة في العاصمة بغداد وبقية المحافظات ، وتوفر له فرصة التنقل السهل للوصول إلى عمله في أسرع وقت ممكن ليسهم في عمليات إعادة البناء والإعمار ، ورسم ملاح الغد المشرق .
حلم الحصول على "الستوتة" سيبقى مؤجلا في بلد يعد من أغنى دول المنطقة ، وعلى الرغم من امتلاك الأسرة العراقية سيارة أو أكثر ، إلا أن هذا الأمر لم يعد مؤشرا حقيقيا على الرفاهية والغد المشرق ، في ظل قطع الطرق والجسور ، والشوارع ، وفصل المناطق والأحياء بالحواجز الكونكريتية ،لأسباب أمنية ، وهذه الأسباب وغيرها ، كانت عاملا مهما في انعدام الشعور بحصول تغيير إيجابي بعد الزلزال الأميركي ، الذي منح لجهات معينة الاستحواذ على السلطة بنظام انتخابي مازال مثار جدل واعتراض ، لأنه سرق الديمقراطية في وضح النهار بمواد دستورية ملغومة كتبت بإشراف الجانب الأميركي، وبتوقيع من يدعي اليوم أنه كان وراء طرد المحتل من الأراضي العراقية بصولاته الجهادية ، وحين يحل موعد يوم الغد المشرق سيكون العراقي بانتظار من يمنحه "الستوتة" المدرعة لمواجهة زلزال محتمل.
"ستوتة " لكلّ عراقي
[post-views]
نشر في: 8 إبريل, 2013: 09:01 م