TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ستوتة " لكلّ عراقي

"ستوتة " لكلّ عراقي

نشر في: 8 إبريل, 2013: 09:01 م

بعد انتهاء حرب تحرير الكويت في العام 1991 قررت الحكومة الكويتية منح مواطنيها سيارة حديثة موديل ذلك العام ،  وفي العراق  حصل المواطن على دجاجة مجمدة  وزعت ضمن مفردات البطاقة التموينية ، تعبيرا عن اعتزاز القيادة  بالوقفة الجماهيرية والصمود الشعبي ودحر مخططات "العدوان الثلاثيني" وبين السيارة الحديثة ، والدجاجة المجمدة ، يتضح الفارق الكبير في تعامل السلطة مع شعبها وعلاقة الحاكم بالمحكوم ، القيادة والجماهير.
 في مثل هذا اليوم التاسع من نيسان من العام 2003 شهد العراق  زلزالاً  على المقياس الأميركي ، فبعد الإطاحة بالنظام السابق ، وصف البعض ذلك اليوم بأنه سيكون منعطفا تاريخيا سيمهد لإقامة نظام ديمقراطي تعددي ، وستحقق" الجماهير" إرادتها عبر صناديق الاقتراع في انتخاب قادتها ، وانتهاء حكم الحزب الواحد ، باعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة في البلاد. قبل أن تظهر تداعيات الزلزال الأميركي على أرض الواقع ، هناك من طالب بأن يكون التاسع من نيسان  عيدا وطنيا لأنه يوم "تحرير العراق" من الديكتاتورية ، وأصحاب هذا الرأي  لم   يستفيدوا من القرار الكويتي في يوم تحريرها بتوزيع سيارات حديثة بين المواطنين ، بل قدموا وعودا كثيرة  برسم  صورة الغد المشرق للعراقيين ، وبعد مرور عشر سنوات على الإطاحة بالنظام السابق والانتقال من نظام شمولي إلى ديمقراطي ، لم يحصل العراقي على" ستوتة"  في  الزمن الديمقراطي  ، وتحمل أعباء ثقيلة  أفرزتها الأحداث بعد مرور عشر سنوات على الزلزال الأميركي وما خلفه من دمار وخراب .
بعد  انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام 2011 بموجب اتفاقية أمنية وتعاون ستراتيجي مشترك بين بغداد وواشنطن ، أعلن أصحاب رأي تحرير العراق ، أن مقاومتهم الباسلة أجبرت المحتل على الانسحاب ، وبصرف النظر عن صحة تلك  الادعاءات والمزاعم لم يبادروا  بمنح كل عراقي "ستوتة" تعينه على حمل  أثقاله وتجاوز السيطرات المنتشرة في العاصمة بغداد وبقية المحافظات ، وتوفر له فرصة  التنقل السهل للوصول إلى عمله في أسرع وقت ممكن ليسهم في عمليات إعادة البناء والإعمار ، ورسم ملاح الغد المشرق .
حلم الحصول على "الستوتة" سيبقى مؤجلا  في بلد يعد من أغنى دول المنطقة ، وعلى الرغم  من امتلاك الأسرة العراقية سيارة أو أكثر ، إلا أن هذا الأمر لم يعد مؤشرا حقيقيا على الرفاهية والغد المشرق ، في ظل قطع الطرق والجسور ، والشوارع ، وفصل المناطق والأحياء بالحواجز الكونكريتية ،لأسباب أمنية ، وهذه الأسباب وغيرها ، كانت عاملا مهما في انعدام الشعور  بحصول تغيير إيجابي بعد الزلزال الأميركي ، الذي منح لجهات  معينة الاستحواذ على السلطة بنظام انتخابي مازال مثار جدل واعتراض ، لأنه سرق الديمقراطية في وضح النهار  بمواد دستورية ملغومة كتبت بإشراف الجانب الأميركي،  وبتوقيع من يدعي اليوم أنه كان وراء طرد المحتل من الأراضي العراقية بصولاته الجهادية ، وحين يحل موعد يوم الغد المشرق سيكون العراقي بانتظار من يمنحه "الستوتة" المدرعة  لمواجهة  زلزال محتمل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram