السليمانية/ مؤيد الخالديلابد لزائر السليمانية من ان يقوم بجولته الطبيعية في شوارعها وأسواقها ومحالها ولابد أيضاً من ان تكون حصة شارع سالم هي المقدمة على غيره لانه الشارع الرئيس فيها وهو في نفس الوقت يعج بالحركة منذ ساعات الصباح الأولى حتى منتصف الليل،
وعندما تخترق هذا الشارع لتتجول في محاله ومطاعمه وأبنيته الحديثة وأسواقه العامرة، لابد لك من زيارة احد المحال التي تهتم بالتراث والفولكلور الكردي خاصة والعراقي بشكل عام، حيث يتميز هذا المحل الذي يقع بالقرب من متحف السليمانية التاريخي باحتوائه على الكثير من الصناعات الشعبية اليدوية وغيرها من الصناعات التي انقرضت ولم يبق الا آثارها التي تحتفظ بها بعض العوائل التي تلجأ الى بيعها او عرضها في هذا المحل الذي يعتبر مركزا رئيسيا للتراث. فمركز (عالم الفولكلور) من معالم المدينة التراثية والفولكلورية التي تتضمن الذاكرة الحية لسكان المدينة واكتسب شهرته من احتوائه على تاريخ تطور مدينة السليمانية في مراحلها المختلفة ابتداءا من المقتنيات الأثرية والشعبية وتاريخ الصناعات اليدوية وانتهاء بأهم الأحداث السياسية والاجتماعية، حيث يوضح المتحف نمط الحياة وطريقة التفكير وأسلوب العيش وكيفية قضاء أوقات الفراغ وممارسة الهوايات إضافة إلى احتوائه على ذاكرة بصرية لأهم الشخصيات الاجتماعية والشعبية التي شهدتها هذه المدينة منذ تأسيسها إلى فترة قريبة من الماضي القريب. يقول فرياد عارف رشيد صاحب (عالم الفولكلور): اعمل في مجال اقتناء الآثار والأدوات الأثرية منذ أكثر من (35 سنة) ولم أتعلمها من أي شخص، بل انها إحدى هواياتي التي ولدت بالفطرة معي وانا اعشقها وأحبها كثيرا وذلك للحفاظ على التراث الشعبي من الضياع، كما ان البناء الذي نعرض فيه معروضاتنا شيد من طابقين بطريقة تراثية رائعة باستخدام الطوب والسمنت والخشب والقصب لتضيف عليه لمسة تراثية مميزة وتعطي للبناء طابعا تراثيا. ويضيف: لقد تم تشييد هذا البناء منذ اكثر من (25 سنة) بعد ان كان مكانه في منطقة (حوزة وشكه) أي (الحوض الجاف) داخل احد أسواق السليمانية قبل ان يتم نقله الى هنا واحتوى على القسم التراثي الذي يضم الأثاث المنزلي القديم والنقود والرسومات المصنوعة يدوياً والأزياء والأحذية والأواني الفضية والكؤوس والطوابع والصور الفوتوغرافية والمنسوجات والموزاييك، وقسم آخر يضم أثاراً رومانية وساسانية وإسلامية، ولقد حصلت على هذه الآثار من خلال شرائها من أشخاص واذا كانت أسعار هذه التحف عالية جدا نقوم بإرسالها الى متحف السليمانية ليقوم بشرائها. وعن علاقته وحبه لهذه المهنة يقول: لم ادرس في حياتي دراسة أكاديمية وإنما استندت في عملي الى حب المهنة، فلكل شخص هواية معينة فهناك من يهتم بحمام الزاجل وآخر بالكتب، اما انا فمولع بعملي حيث أرى من خلاله العالم من خلال السياح القادمين لزيارة المدينة والتعرف على أثارها وقيامهم بابتياع الأشياء في بعض الأحيان ومشاهدة التحف والتعرف على تاريخ وأصالة وعراقة السليمانية، كما تستخدم الموجودات في بعض الأحيان في مواقع التصوير التاريخية والاعمال الدرامية التي تنتجها القنوات الكردية المحلية من دون أي مقابل. وأشار الى ان المركز يحتوي على صورة أول (كبابجي) التقطت في مدينة السليمانية وهي أطرف الصور المعروضة وصور لـ (فريق كويره) او (فريق الاعور) وهو صاحب النكات اللاذعة والحكايات الشعبية آنذاك. ونظرة الى ساحات المتحف تجد ما يسرك من آلات تسجيل تعود الى سنوات الخمسينيات من القرن الماضي والعديد من الصناعات اليدوية التي اندثر معظمها بمرور الزمن والفضيات بمختلف أنواعها وأنواع السبحات والفرشات والعملات النقدية وأنواع السيوف والخناجر والبنادق والأسلحة الخفيفة التي تعود الى ثورات الكرد، كما تسترعي انتباه الزائر مجموعة الصور الفوتوغرافية للشخصيات التاريخية (الملك فيصل الثاني والسيدة حفصة خان وصور للشيخ الملك محمود الحفيد، إضافة الى أقدم الطوابع البريدية والكنبات التي تعود صناعتها الى 200 عام، إضافة الى لعب الأطفال القديمة وأباريق الشاي والقهوة المرة ونماذج للأزياء الكردية وعدد آخر من القطع المميزة). ولابد من الإشارة ونحن نختتم زيارتنا لهذا المركز التراثي الحيوي الى ان الشارع الرئيسي (شارع سالم) يشهد الآن حملة اعمارية حيث بدأ العمل في انجاز اول نفق في السليمانية يتوسط هذا الشارع والذي اثر بشكل مباشر على الحركة فيه، كما ان اعمال الصيانة ونصب شبكات المياه والكهرباء جارية على قدم وساق، ولحين انتهاء العمل فيه فان زيارة هذا المركز قد توقفت.