اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أزمة السكن تتفاقم مع عودة اللاجئين

أزمة السكن تتفاقم مع عودة اللاجئين

نشر في: 9 إبريل, 2013: 09:01 م

تصدى الشاب عمار العقد الثالث من عمره، وكان قد أجل فكرة الزواج أكثر من مرة ليس لعدم رغبته بالزواج، وإنما لسوء الحالة المادية، فبعد أن عمل سائقا لدى إحدى الشركات الأهلية، وبدأ يتقاضى مرتبا متواضعا لا يتعدى الـ (300) ألف دينار. وبعد إصرار من الأهل قرر

تصدى الشاب عمار العقد الثالث من عمره، وكان قد أجل فكرة الزواج أكثر من مرة ليس لعدم رغبته بالزواج، وإنما لسوء الحالة المادية، فبعد أن عمل سائقا لدى إحدى الشركات الأهلية، وبدأ يتقاضى مرتبا متواضعا لا يتعدى الـ (300) ألف دينار.

وبعد إصرار من الأهل قرر الارتباط بقريبته التي لم يحالفها الحظ بإكمال دراستها وبقيت أسيرة البيت منتظرة (القسمة) ومن سيحررها من قيود المنزل، لم يكن يدور في بال عمار وقريبته ( زوجته ) أن التخلص من قيد العمل والحصول على راتب شهري كفيل بأن يدفعهم الى الزواج، فالبيت الذي يسكن فيه عمار هو ما بقي له من رائحة والده الذي توفي منذ سنوات وترك 8 بنين و3 بنات، اخوان عمار السبعة تزوج منهم خمسة كلهم قرروا العيش في البيت ذي الـ 130 متراً مربعاً بمدينة الصدر وأصبح العدد الكلي داخل هذا البيت المتزاحم 16 فردا، ولم يعد بالإمكان ان يتزوج شخص آخر بالبيت بعد أن تزوج الأخ الخامس في المطبخ وجعله غرفة نومه، فكان على عمار أن يبحث عن سكن للإيجار ولكن أي منزل سيرضى بدخل عمار المتواضع، فأرخص الإيجارات تصل الى 300 ألف دينار.

مشكلة السكن واحدة من أهم المشاكل المتفاقمة في البلاد حاليا والتي تشغل وتؤرق المواطن، فبعد فترة التهجير القسري من قبل الجماعات الإرهابية والمليشيات برزت هذه الظاهرة على السطح بعد الاستقرار الأمني ارتفعت الأسعار بشكل كبير.

ومشكلة السكن قد أهملت ردحا من الزمن ولكنها اليوم تفاقمت وتضخمت وكل الحلول والعلاجات والاقتراحات المقدمة من قبل الحكومة هي مجرد شعارات رنانة لم يلمس المواطن منها شيئاً.

وان نمو وتزايد السكان والانشطار الطبيعي للأسر العراقية وكذلك المهجرين زادوا من هذه المشكلة فيما تقف الحكومة إزاءها مكتوفة الأيدي ولم يحصل المواطن سوى التصريحات والوعود والأحلام الرمادية لان الوردية انعدمت من ذاكرة الإنسان العراقي في ظل الظروف الراهنة.

ما ذنب زيادة الرواتب؟

يعتقد محمد صاحب وهو أحد المتضررين من ارتفاع بدلات الإيجارات أن ارتفاع رواتب الموظفين ممن يعملون في قطاعات الدولة المختلفة يمكن أن يكون احد الأسباب في ارتفاع بدلات الإيجار كحالة تناسب طردي مع زيادة الرواتب وساعد على ذلك أيضاً غياب قانون يضع حداً أدنى أو أعلى لبدلات الإيجار إضافة إلى عودة الكثير من العراقيين الذين كانوا في الخارج ويضاف إلى ذلك ازدياد نفوس سكنة بغداد وهكذا يكون لكل هذه الأسباب الأثر السلبي على أسعار الإيجارات.

من جهته يقول عباس ناجي صاحب مكتب في زيونة للعقار: ان أسعار الإيجارات ازدادت كثيرا مع ذلك فان البحث عن منزل أو شقة للإيجار أمر صعب جدا، إذ لا يقل إيجار شقة متوسطة عن 750 ألف دينار شهرياً،إضافة الى الدفع لستة أشهر أو سنة مقدما.

وبعد أن كانت البيوت الصغيرة أو ما تسمى بالمشتملات تصل أسعارها قبل سنتين الى 500 ألف دينار أصبحت الآن تصل الى المليون ونصف المليون دينار، فيما يؤكد إياد أبو محمد مدير مكتب في مجمع الصالحية إن أسعار الشقق في المجمع ارتفعت بنسبة 100% خلال الأعوام الأربعة الماضية بعد تحسن الأوضاع الأمنية.

المشكلة من الجانب الآخر

يقول أبو حيدر صاحب مكتب في الكرادة للعقار إن: "أسعار العقارات ارتفعت كثيرا خلال الفترة الأخيرة لاسيما بعد حالة الاستقرار الأمني والزيادة بلغت أكثر من 50% خلال الأعوام الثلاثة الماضية فقد كان سعر إيجار الشقة المتوسطة عام2009 نحو 250 ألف دينار لكنه يتجاوز اليوم الـ 700 ألف دينار في اقل تقدير لاسيما في منطقة الكرادة وان عددا كبيرا من أصدقائنا خارج العراق في دول عربية وأوروبية، مثل السويد وألمانيا والأردن والإمارات، اتصلوا بنا خلال اليومين الماضيين طالبين استئجار منازل لهم لحين عودتهم القريبة ويشير أبو حيدر الى ان :"التحسن الأمني في بغداد يساعد الكثيرين على الاستقرار بدلا من الفرار واللجوء الى دول الجوار كما كان في السابق".

وتعرض العراق الى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار بعد أحداث مايعرف بـ"الربيع العربي " وعودة الكثير من العراقيين من سوريا لاسيما بعد الأحداث الأخيرة والعنف الذي اجبر العراقيين على الهروب . . والرجوع الى العراق .

ويوضح أبو علي صاحب مكتب عقار في بغداد الجديدة :إن الكثير من الأصدقاء والزبائن الذين يراجعون مكتبه يشكون من حالة ارتفاع الإيجارات وهذا انعكس على رغبة الكثير من العراقيين المقيمين في الخارج من العودة الى العراق، حيث إن الكثير من العوائل قد تركت ما وراءها وهربت من جنون العنف وبعد أشهر أعطت وكالات لمحامين وأقارب لها ممن بقوا في العراق وأعطتهم التفويض ببيع بيوتها ظنا منها إن لا عودة الى ارض الوطن، لكن الأوضاع تغيرت في الخارج وظروف الحرب في بعض الدول العربية، ووجد العراقيون إن الوقت أصبح مناسبا للعودة الى العراق لكنهم اصطدموا بجدار الأسعار الجنونية، وحتى لو فكروا بالاستئجار فأنه يصبح مشكلة لان العراقي الذي هاجر عاد بلا مال ولا عمل!

غياب القانون

فيما قالت (أم سارة) 45 سنة في حديثها عن ارتفاع أسعار الإيجارات : إن غياب القانون جعل من مالك الدار يتحكم بالمستأجر بحيث أصبح يرفع بدلات الإيجار أضعافاً مضاعفة وإذا اعترض المستأجر هدده بالطرد أو الإخلاء من خلال جلب أحد الذين (لا يخافون الله) ليرمي له أغراضه في الشارع بالقوة دون رادع.

إن القانون يجب أن يكون عاملا وليس عاطلا فحتى لو كان القانون موجودا ولا توجد فيه ثغرات ويكون بمصلحة المستأجر لكن لا احد يعتد به لان كل أصحاب الشقق والمنازل لا يقبلون إبرام عقود إيجار.

النازحون الجدد

هشام معروف احد المواطنين القادمين هو وعائلته المؤلفة من ستة أفراد من محافظة واسط والذي جاء للسكن في مدينة بغداد يقول لقد باءت محاولاتي بالفشل وأنا ابحث عن دار صغيرة للإيجار،وقد أصابني الإرهاق والتعب من كثرة مراجعاتي لمكاتب العقار آملا في الحصول على دار صغيرة للإيجار لإسكان عائلتي أو حتى غرفة كبيرة للإيجار لكن دون جدوى وذلك بسبب الارتفاع الهائل في أسعار الإيجارات ومحدودية إمكاناتي المادية ويعتقد هشام بأنه لن يجد أي مسكن يؤويه هو وأطفاله الأربعة، وهنالك احتمال كبير بان يعود أدراجه الى محافظة واسط لان أسعار الإيجارات تعادل ما يمكن ان يصرفه في الشهر الواحد بثلاثة أشهر، لكن محمد سعيد 30 سنة من مدينة العمارة كان قد جاء الى بغداد بعد ان بحث عن عمل في المدينة لكن دون جدوى فقرر الذهاب الى بغداد لكن دون أن يجلب عائلته لأنه يريد أن يتفحص الوضع ويجد مكانا لأهله وقد يكون خيرا ما فعل لانه وجد ان أجرته لن تتعدى الـ(10 آلاف دينار) وبالمقابل حتى الغرف التي لا يستطيع ان يعيش فيها مع عائلة تساوي هذا الأجر تقريبا في اليوم الواحد فكيف سيكون حاله لو كانت زوجته وأطفاله الثلاثة بصحبته.

المعيلة!

تقول (أم زينب) من سكنة منطقة الشعب :كان إيجار الدار التي نسكن فيها حالياً لا يتجاوز (350 ألف دينار) لكن وخلال العامين الماضيين طلب صاحب الدار زيادة قيمة الإيجار والحجة ارتفاع تكاليف الحياة وكأنما هو يعيش في العراق ونحن في السويد ولم يراع ظروفي الخاصة فلقد استشهد زوجي في احد الانفجارات وأصبحت المعيلة الوحيدة لعائلة تتكون من 8 أشخاص وقيمة الإيجار ارتفعت للضعف فهل يعني إني إذا لم استطع أن أسدد قيمة الإيجار سوف اطرد بالشارع ونحن عائلة لا حول لها ولا قوة في هذا الزمن وهل أن الحكومة عجزت عن توفير وحدات سكنية لنا ونحن المتضررون كغيرنا من عوائل كثيرة في هذا الزمن الصعب وأين دور الحكومة عن أزمة سكن تجاوزت العقود.

ضريبة الوطن

(كريمة غانم )موظفة تقول: هجرنا من دارنا في منطقة الدورة واضطرتنا الظروف الى السكن في حي أور وقيمة الإيجار كانت بـ( 500 ألف دينار) والمالك يستلم عن كل ستة أشهر (3ملايين) والله وحده يعلم كم كنا نعاني شهرياً في جمع الإيجار فالتعب والجهد يذهبان لصاحب الدار ومع هذا كنا نسدد الإيجار كل ستة أشهر لكن في الفترة الأخيرة زاد صاحب الدار قيمة الإيجار الى (650 ألف د دينار) الأمر الذي اضطرنا الى العودة الى منطقة الدورة بالرغم من المخاوف التي تساورنا من العودة لكنها أفضل من الظلم والجور الذي نعانيه من ارتفاع الإيجارات.

وربما حالة كريمة أفضل من غيرها فالهم الأكبر يكمن في أصحاب العوائل ممن لا يملكون دارا تؤويهم في ظل ارتفاع غير مبرر في أسعار الإيجارات.

بينما استبشر عادل صلال موظف في وزارة الصناعة خيرا بعد سقوط الصنم وأعتقد بأن الموظفين ستكون لهم دور يسكنون بها وسيتخلصون من عبء بدلات الإيجار، ويضيف :كنا نأمل أن لا يطرق علينا صاحب الدار الباب ليطالبنا بدفع الإيجار ولكن ما يجري بالسوق من ماراثون في ارتفاع الأسعار جعلنا نفقد الأمل ببناء مسكن يؤوي عوائلنا التي طال صبرها ولا احد يفكر بنا.

حلول.. وحلول

من جهتها قالت رجاء عادل موظفة في دائرة التسجيل العقاري ان: زيادة إقبال المواطنين هذه الأيام على شراء وإيجار البيوت والأراضي نتيجة عوامل عديدة فرضتها التغييرات والتحولات الجديدة في البلاد فدائرتنا تشهد ازدياداً واضحاً في معاملات البيع والشراء للأراضي والدور السكنية ومكاتبات الإيجار وأضافت إن هنالك محاولات تقوم بها المديرية مع ممثلين من الهيئة العامة للضرائب لدراسة وضع ضوابط جديدة لتحديد قيمة الأراضي والعقارات والإيجارات في مناطق بغداد.

وأضافت انه: سيتم استحداث لجان مشتركة بين الدائرة والهيئة تتولى إجراء كشوفات على العقارات والأراضي ونسب وأسعار الإيجار تبعاً للمتغيرات.

وفي وقت سابق أعلنت محافظة بغداد عن قرب المباشرة في بناء مجمعات سكنية في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد تضم 700 شقة سكنية فضلا عن العديد من المرافق الخدمية وإن هذا المشروع يهدف الى الحد أو التقليل من أزمة السكن التي رافقها ارتفاع في أسعار بدلات الإيجار، وأضاف إن مجمع الرفاه في حي البلديات سوف يضم نحو 700 شقة ومرافق خدمية ومشروع فندق سياحي في منطقة العلاوي على شكل برجين باسمي دجلة والفرات، هذا وان مدينة بغداد تحتاج الى ما يقارب مليون وحدة سكنية في الأقل حسب تقديرات محافظة بغداد.

وفي دراسة أعدتها وزارة الإسكان تؤكد حاجة البلاد الى مليونين ونصف المليون وحدة سكنية حتى عام 2015، وأوضحت الدراسة على أن يتم بناء أكثر من 200 ألف وحدة سكنية سنويا، وهذا لا يتم إلا عن طريق الاستثمار كونه الحل الوحيد فلا بد من التوجه الى المستثمرين لبناء الوحدات السكنية.

وأقرت محافظة بغداد بوجود ارتفاع كبير غير مسيطر عليه ببدلات الإيجار وأوعزت بأن الاعتماد على البناء الأفقي وعدم اللجوء الى البناء العمودي وهذا ما فاقم أزمة السكن والتي تنعكس على أسعار الإيجارات، كما وان بغداد تكتظ بالسكان فعدد الساكنين ثلث سكان العراق وان البناء الأفقي يسرف في المساحات والخدمات بينما العمودي أكثر فائدة واقل في التكاليف.

وعن مشاريع المحافظة لحل هذه الأزمة أوضحت المحافظة في بيانات صحفية  بأن المحافظة تعاني من مشكلة عدم وجود أراض خاصة بها داخل بغداد وان أكثر الأراضي هي على أطراف المحافظة، كما إن الجهات الحكومية الأخرى لا تتعاون معنا وتعطينا الأراضي لبناء المجمعات والمشاريع السكنية.

وأشارت انه قبل فترة قليلة صدر قرار من مجلس الوزراء بحق امتلاك المحافظة كل الأراضي الفارغة العائدة للحكومة كما وان لها حق استملاك الأراضي التي تعود للأشخاص إذا وجد فيها مصلحة للمحافظة بعد إجراء التعويض حسب الإجراءات القانونية وان هذا القرار لم يطبق بعد.

وأكدت المحافظة أن :هناك مشاريع استثمارية لبناء وحدات سكنية في مناطق النهروان والبلديات والوزيرية بمساحة 300 متر للأرض والبناء بمساحة 100 متر وربما هذه المجمعات ستكون جزءا من حل مشكلة السكن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram