عادل شاب في التاسعة عشرة من عمره ، يعاني فقدان حاستي النطق والسمع ، يسكن حي الجهاد ، ويعمل في ورشة لتصليح السيارات بأجر يومي قدره خمسة آلاف دينار ، عبَّر عن سعادته بالمشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوته للمرة الاولى في حياته ، حديث عادل جاء عبر مترجمه شقيقه الاصغر امجد ، وهو الآخر يعاني صعوبة في نطق الحروف وخاصة حرف الخاء الذي يتحول لديه الى حاء فقال ان اخاه "عادل ينتحب " اي ينتخب إياد علاوي لاعتقاده بان زعيم القائمة العراقية احد المرشحين لخوض الانتخابات المحلية .
"عادل ينتحب " اصبح شعاراً يردده العاملون بالحي الصناعي في البياع وتحويره الى "العراقي ينتحب" وصوَّروا لعادل أن الإدلاء بصوته سيكون فاتحة خير له ، والمرشح الذي سيحظى بصوته بعد ان يوفقه الله بالحصول على مقعد في مجلس محافظة بغداد ، سيوفر فرص العمل لجميع العاطلين ، ويمنح ذوي الاحتياجات الخاصة قروضاً مالية ميسرة تساعدهم على اقامة مشاريع صناعية صغيرة، توفر لهم الدخل الثابت ثم الزواج بعد العثور على بنت الحال .
ما ذكره امجد عن احلام وتمنيات شقيقه عادل لا تستطيع الحكومة تنفيذها ، فهو يريد مواصلة تحصيله الدراسي ، والحصول على راتب شهري لا يقل عن مليون دينار ، وسيارة آخر موديل ، وشقة مؤثثة او دار سكن ، والحلم الاكبر لديه ان يسعفه الحظ بالارتباط بزوجة صالحة، تنجب له ابناءً وبنات لا يعانون العاهات .
زملاء عادل وبلغة الإشارة أخبروه بأن أحلامه يعجز عن تحقيقها حتى الانبياء ، ودعوه للتنازل عن سقف مطالبه ، وجعلها مشروعة ومنطقية وواقعية ، حتى لا تكون شبيهة بمطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية ، ينتهي بها المطاف بين اللجنتين الخماسية والسباعية ، والتوافقات السياسية فتخضع للتأجيل ، لكونها تخالف الدستور ، وفي بعض الاحيان تعبـِّر عن اجندات اقليمية تسعى للاطاحة بالنظام الديمقراطي .
عادل يصر على ان" ينتحب " مرشحاً يحقق مطالبه ، ويرفض التنازل عن حرف واحد منها ، ويرسم دائرة باصبعه حول رأسه يتولى امجد ترجمة الإشارة ، وينقل عن شقيقه انه لا يعلق آماله على مرشحين من نوع يشبه اولئك الدذين يصلِّحون سياراتهم في ورشة عمله ويرفضون منحه البخشيش ، لانه حرام ثم حرام من وجهة نظرهم ، ولا يجوز اعطاء العامل مبلغا اكثر من اجرته ، وله الأجر والثواب والرزق الحلال باذن الله .
تجاهل عادل مزاح زملائه ليبعد عن نفسه مشاعر الإحباط ، فقرر في العشرين من الشهر الحالي ان" ينتحب " مثل معظم العراقيين في ممارسة حقهم باختيار ممثليهم لشغل مقاعد مجالس المحافظات لتجاوز اخطاء المجالس السابقة بعون الله حتى يشعر الناخبون ان اصواتهم ذهبت لمن يستحقها غير نادمين عليها، وعادل سيضع كل احلامه في الصندوق ، لكنه يخشى ان يصل محرِّمو البخشيش الى مقاعد المجالس ، فيتجاهلون تلبية مطالبه التعجيزية ، وحينذاك سيتفرغ للنحيب ويكون أول النادمين .
العراقي"ينتحب"
[post-views]
نشر في: 10 إبريل, 2013: 09:01 م