TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراقي"ينتحب"

العراقي"ينتحب"

نشر في: 10 إبريل, 2013: 09:01 م

عادل شاب في التاسعة عشرة من عمره ، يعاني فقدان حاستي النطق والسمع ، يسكن حي الجهاد ، ويعمل في ورشة لتصليح السيارات بأجر يومي قدره خمسة آلاف دينار ، عبَّر عن سعادته بالمشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوته  للمرة الاولى في حياته ، حديث عادل جاء عبر مترجمه شقيقه الاصغر امجد ، وهو الآخر يعاني صعوبة في نطق الحروف وخاصة حرف الخاء الذي يتحول لديه الى حاء فقال ان اخاه "عادل ينتحب " اي ينتخب إياد علاوي لاعتقاده بان زعيم القائمة العراقية احد المرشحين لخوض الانتخابات المحلية .
"عادل ينتحب " اصبح شعاراً يردده العاملون بالحي الصناعي  في البياع  وتحويره الى "العراقي ينتحب" وصوَّروا لعادل أن الإدلاء بصوته سيكون فاتحة خير له ، والمرشح الذي سيحظى بصوته بعد ان يوفقه الله بالحصول على مقعد في مجلس محافظة بغداد ،  سيوفر فرص العمل لجميع العاطلين ، ويمنح ذوي الاحتياجات الخاصة قروضاً مالية ميسرة تساعدهم على اقامة مشاريع صناعية صغيرة،  توفر لهم الدخل الثابت ثم الزواج بعد العثور على بنت الحال .
ما ذكره امجد عن احلام وتمنيات شقيقه  عادل لا تستطيع الحكومة تنفيذها ، فهو يريد مواصلة تحصيله الدراسي ، والحصول على راتب شهري لا يقل عن مليون دينار ، وسيارة آخر موديل ، وشقة مؤثثة او دار سكن ، والحلم الاكبر لديه ان يسعفه الحظ بالارتباط بزوجة صالحة،  تنجب له  ابناءً وبنات لا يعانون العاهات .
زملاء عادل وبلغة الإشارة أخبروه بأن أحلامه يعجز عن تحقيقها حتى  الانبياء ، ودعوه للتنازل عن سقف مطالبه ، وجعلها مشروعة ومنطقية وواقعية ، حتى لا تكون شبيهة بمطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية ، ينتهي بها المطاف بين اللجنتين الخماسية والسباعية ، والتوافقات السياسية فتخضع للتأجيل ، لكونها تخالف الدستور ، وفي بعض الاحيان تعبـِّر عن اجندات اقليمية تسعى للاطاحة بالنظام الديمقراطي .
 عادل يصر على ان" ينتحب "  مرشحاً يحقق مطالبه ، ويرفض التنازل عن حرف واحد منها ، ويرسم دائرة باصبعه حول رأسه  يتولى امجد  ترجمة الإشارة ، وينقل عن شقيقه انه لا يعلق آماله على مرشحين  من نوع يشبه  اولئك الدذين يصلِّحون سياراتهم في ورشة عمله ويرفضون منحه البخشيش ، لانه  حرام ثم حرام من وجهة نظرهم ، ولا يجوز اعطاء  العامل مبلغا اكثر من اجرته ، وله الأجر والثواب والرزق الحلال  باذن الله .
تجاهل عادل مزاح زملائه ليبعد عن نفسه مشاعر الإحباط ، فقرر في العشرين من الشهر الحالي ان" ينتحب " مثل  معظم العراقيين  في ممارسة حقهم باختيار ممثليهم لشغل مقاعد مجالس المحافظات لتجاوز اخطاء المجالس السابقة بعون الله حتى يشعر الناخبون ان اصواتهم ذهبت لمن يستحقها غير نادمين عليها، وعادل سيضع كل احلامه في الصندوق ، لكنه يخشى ان يصل محرِّمو البخشيش الى مقاعد المجالس ، فيتجاهلون  تلبية مطالبه التعجيزية ، وحينذاك سيتفرغ للنحيب  ويكون أول النادمين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram