كتبت في أكثر من عمود عن دور الأغنية في محاربة الطغيان. رجوت متظاهري الغربية، في واحد منها، أن يغنّوا لأن الغناء والطائفية لا يلتقيان. فالغناء سلاح ذو حدين: يبعد مندسي القاعدة ويرعب الطاغية. القاعدة والحزب الحاكم كلاهما يكره الغناء لا بل ويحرمه، فغنّوا.
ليس خافيا على احد الأسلوب الذي سلكته دولة قطر في التسلل إلى حيث تظهر أول بادرة ربيع لتدس "إصبعها" فيه. وإن كانت قد دخلت على خط الربيع في تونس وليبيا وسوريا ، إلا أن مساندتها للإخوان بمصر، بالمال والإعلام، تعد الضربة الأشد التي كادت أن تقصم ظهر الربيع العربي كله.
لم تحقق قطر أهدافها في تحويل أحلام المصريين بعد الثورة إلى كوابيس، ببلاش. صرفت من اجل ذلك أموالا يصعب عدها، تساندها ماكينة إعلام الجزيرة الجبّارة. تصرفت مع مصر مدفوعة بعقدة الأخ الأصغر أمام أخيه الأكبر، أو عقدة القزم أمام العملاق، إن جاز الوصف. استخدمت المال لتنفُذ عن طريق المنافع الاقتصادية مستغلة تدهور مصر الاقتصادي .
أجهد حكام قطر أنفسهم في إقناع المصريين، علنا، بأنهم يساعدون الإخوان لا من اجل الإخوان، بل من اجل مصر. وفي السر كانوا يطمعون باستئجار قناة السويس والأهرامات وكل ما من شأنه أن يدر موارد مالية على مصر. وكانت، بالمقابل، عقدة الشعور بالفضل تدفع الإخوان للسكوت: "قطري اديني كمان وأنا مرضي".
أغلب المثقفين والسياسيين بمصر لم يخفوا امتعاضهم من التدخل القطري في شأن بلدهم سياسيا واقتصاديا. حتى البسطاء من المصريين يعرفون أهداف تلك العطايا ويدركون الثمن الذي سيدفعه بلدهم مستقبلا بفعل "الصدقات" التي يتقبلها الإخوان من أجل البقاء في السلطة.
لم تتلق قطر ضربة حقيقية توقفها عند حدها، مثل تلك التي تلقتها من الإعلامي باسم يوسف. فبعد أغنية "قطري حبيبي" التي حاكى بها الأوبريت الستيني "وطني حبيبي"، ما عاد لقطر وجه تمشي به في شوارع مصر.
أغنية واحدة أسقطت جبروت "الجزيرة" ومليارات الشيوخ الذين تخصصوا في قلب كل ربيع عربي إلى خريف كالح. ألم أقل لكم غنّوا، فالغناء يصنع المعجزات؟
بالغناء تحرر السود في جنوب إفريقيا من ظلم البيض واستعادوا حريتهم. وبالغناء تمكن الأوروبيون من قطع الطريق إلى الأبد بوجه العودة للحروب العالمية. وبفعل أغنية واحدة اضطر رئيس وزراء قطر لعقد مؤتمر صحفي ليقول فيه: "نفهم أن الشعوب واعية، وتستطيع أن تميز بين الغث والسمين، والإعلام يغير كل شيء». بهذه الكلمات بعثر باسم يوسف الدولارات المليارية وفلّش دهاء الجزيرة القطرية:
قطري حبيبي الأخ الأصغر.. يوم ورا يوم أمواله بتكتر
استثماراته .. مالية حياته .. قطري بيصرف وبيتفشخر.. قطري قطري
متى يا عراق نسمع فيك أغنية تقطع الطريق على عودة الدكتاتورية وتقبر حلم الولاية الثالثة؟
وأنت يا عراق .. متى تغنّي؟
[post-views]
نشر في: 13 إبريل, 2013: 09:01 م