عبد الله السكوتييحكى ان برقية وصلت الى والي بغداد من (اسطنبول) تطلب احصاء المواشي الموجودة في انحاء العراق،وتقديم معلومات دقيقة عن ذلك. وكان الوالي اميا غبيا،وكذلك كاتبه ومن يحيط به من بطانته وحاشيته...ولم يكن بينهم شخص متعلم سوى القاضي ،
فكان بطبيعة الحال،مكروها من الوالي وبطانته ، فلما وصلت البرقية ظن الكاتب ان كلمة (المواشي) تعني جمع (الماشي امره) أي المستحق للترفيع فقرأها بهذا المعنى على الوالي.فقال الوالي:اكتب الجواب (كول كلنه مواشي ما عدا القاضي)وهو يعني انهم يستحقون الترفيع جميعاً ما عدا القاضي. هذه المرة يجب فهم الرسالة جيدا حين قراءتها وهي واضحة وليست عصية على الفهم،اطراف متحالفة،اجندات مخابرات دولية على مستوى عال من التخطيط،حرامي دار محنك وضليع،تيارات مختلفة وكتل سياسية تتألف من خليط غير متجانس،وشعب اعزل ذبحه الارهاب حتى اصبح احدهم يتلفت عدة مرات حين الخروج من الدار، رأى مسلسلا من الاحداث الدامية ابتدأ بمأساة الحرب والمقابر ثم عصابات الخطف والتسليب مرورا بأحداث (2006) البشعة التي قاربت في قساوتها من الاقتتال الداخلي ولا تريد الاطراف المتعددة ان تضع نهاية لهذا المسلسل الممل،وكل ينتظر الدور،وعلينا احصاء وزاراتنا التي لم تتعرض بعد لاعمال اجرامية واحصاء البشر الذين احتفظوا بعافيتهم الجسمانية والنفسية،لا نريد ان نحصي اليتامى والارامل والمعاقين،فالامر مرعب وسيضعنا امام الف حساب،اطلقنا على ايامنا الدامية الاربعاء والاحد واذا عدنا للخلف سنحتاج الى اكثر من سنين دامية فهناك الجمعة الدامية وهناك شباط الدامي وايلول الدامي،وهناك الجسور الدامية من جسر الائمة الى محمد القاسم الى وتطول القافلة لتصل حدود العراق من جهاتها الخمس او الاربع بعدد الدول المجاورة والدول التي تطالب بحق مهتضم في العراق وتلقي بمفكرة الثورية بجميع مفرداتها القديمة مسامع الشعب الحائر بالموت ام الفقر ام التشرذم ام التقسيم ولا يدري بأي نبي يهتدي واين يدير بوجهه؟! فثمة وجه الارهاب الكالح والفساد القاتل،لصوص وقتلة ومفسدون وقوانين اجتثات ومساءلة وتحجيم وتعطيل ،وهناك مشادات كلامية واتهامات بالارهاب والخيانة والسرقة،اظن انكم تعبتم ولم تقرأوا الرسالة بعد كاملة ولا اظن ان القاضي والوالي ايضاً يقرأون. وانا اقرأ رواية الزناد للكبير شمران الياسري تأثرت كثيراً بشخصية حسين الذي حسده خلف الدواح بأكثر من مناسبة لمناسبة اقواله مقتضى الحال،وحين عرج على سعدون بن مهلهل الذي اصبح اقطاعيا بفضل الانكليز،واخذ يضع القوانين الاولى للجور والتعسف، وحين ندم خلف على زرع ديمته التي صادر نصفها ابن مهلهل،ردد حسين هوسته المعهودة والذي لا يمل ترديدها, (فن غير المنّا ايكص بينه) كنت ارى الامور بحسب رؤية حسين ونبوءته عن طريق الهوسات(اليوم اهون باجر ضوكه)،هل لهذا الامر من نهاية؟ الم يشبع قاتلنا بعد؟ ،الكثير من الملاحم انتهت بفوز احد الاطراف المتنازعة اما نحن فملحمتنا قائمة منذ عهود الجور الى تسلط الافراد والدكتاتوريات ونظام القرع بالعصا،حتى تشوهت حياتنا وصار منطق الموت لا يفارق كتاباتنا وتصرفاتنا،وننوح لكل شيء وعلى أي شيء هل اختط لنا القدر ان يرمينا من ايد آثمة الى اخرى تغتسل بدمائنا؟ ام ان سخرية القدر حطت بارضنا ولا تريد الخروج؟ لقد بدأ الكلام عن رحلة سعدون بن مهلهل ثانية للإنكليز ليأخذ مكافأته ويرجع ليستبدل(كلاش) (احميّد ابو لبينه) والمسلسل لم ينته بعد.
هواء في شبك: (كلنه مواشي ما عدا القاضي)
نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 07:19 م