المزاج الشعبي العام مناهض للانتخابات. هذا ما تعكسه أحاديث الناس في الأماكن العامة كالمقاهي والمطاعم ووسائل النقل والتجمعات، فضلاً عن أحاديث البيوت والجلسات المحدودة.
ثمة ما يشبه الإجماع على أن المترشحين لانتخابات مجالس المحافظات إنما وضعوا نصب أعينهم المناصب والعوائد المالية والامتيازات المادية والمعنوية المترتبة على هذه المناصب.
تسمع من يقول: كلهم كذابون.. كلهم حرامية.. كلهم فاسدون.. كلهم طمّاعون. كلهم نهّابون. وتسمع أيضاً: انتخبناهم ولم يفعلوا لنا شيئاً. تحمّلنا الحر والبرد والإرهاب من اجل ان يفوزوا ولما جلسوا على الكراسي نسونا واهتموا بمصالحهم الشخصية والحزبية.. عقدوا الصفقات وكوّنوا الأرصدة واشتروا الفلل والشقق والعمارات داخل البلاد وخارجها وتزوجوا للمرة الثانية أو الثالثة.
هذا الكلام في عمومه لا يجانب الحقيقة ولا يجافي الواقع، فما حققته مجالس المحافظات، وقبلها وبعدها مجلس النواب الاتحادي، لم يلامس الحد الأدنى مما كان متوقعاً منها ومما كان يتوجب عليها عمله.. الخراب الشامل الذي يضرب البلاد هو الآن نفسه ما كان قبل أربع سنوات وقبل ثماني سنوات، وأحوال الناس البائسة هي نفسها منذ ذلك الوقت أيضاً.
هذا صحيح تماماً.. لكن مقاطعة الانتخابات ليست خياراً صحيحاً ولا هو بالقرار السليم، لأنها غير مجدية، بل ستترتب عليها نتائج بالغة السوء.. المقاطعة ستفيد المترشحين السيئين، الكذابين والحرامية والفاسدين والطماعين والنهابين، فهؤلاء لديهم القدرة على الحشد.. القدرة المتأتية من دعم أحزابهم وكتلهم لهم ومن الأموال المتاحة لهم، وهي في الغالب أموال حرام.. المقاطعة ستجعلهم يكتسحون الساحة، فضلاً عن إنها تفسح مجالاً أوسع للتلاعب بنتائج التصويت.
الخيار الصحيح والقرار السليم هما في الذهاب إلى المراكز الانتخابية في يوم التصويت والإدلاء بالأصوات في صناديق الاقتراع.. والخيار الأكثر صحة والقرار الأكثر سلامة هما في عدم التصويت للأشخاص الذين ثبت أنهم لم ينفعوا الناس وقدّموا مصالحهم ومصالح أحزابهم على مصالح الوطن والمواطن، والتصويت في المقابل للمرشحين الموثوقين المعروفين بكفاءتهم ونزاهتهم ووطنيتهم، وهؤلاء موجودون وليس من الصعب التعرف إليهم إذا ما سعينا فعلاً إلى انتخاب من نريدهم أن يخدمونا وليس من يريدوننا أن نخدمهم.
بعض المراجع الدينيين اقترحوا عدم انتخاب مرشحي الأحزاب والكيانات المتنفذة في الحكومة الحالية التي أثبتت فشلها في كل الميادين.. انه بحق اقتراح أهل العقل والفطنة والحكمة.
جميع التعليقات 2
أحمد هاشم الحسيني
كلامك سليم جدا في توصيف المرشحين وغايتهم من ترشيحاتهم وهذه سمة عامة فلا هدف للغالبية الساحقة منهم غير إمتيازات المركز . مع أن العزوف عن المشاركة في التصويت سينفع السئ والفاسد من المرشحين وقد طرحت هذا الرأي في تعليقي على مقالتك بالأمس فأثمر مقالتك اليوم .
علاء البياتي
العملية السياسية بنيت على باطل ...ودستور نوح فريدمان حقق هدفه بتمزيق العراق الى طوائف واثنيات..مقاطعة الانتخابات واجهاض العملية السياسية اللاخلاقيه التي بناها المحتل واجب وطني ..الثورة واجتثاث عملاء الاحتلال واذلاء امريكا وخدم ايران والقضاء على المفسدين و