قبل أشهر تعرفت على صحافي وكاتب لندني متقاعد يسكن الحي الذي أسكنه أسمه "دَريك". صرنا نلتقي كل أسبوع مرة وأحيانا كل أسبوعين. بعض لقاءاتنا يحضرها مجموعة من أصدقائه. اتصل بي قبل أيام ليسألني ان كان ظرفي يسمح ان نلتقي مساء الأحد الفائت في بار الحي، اذ ان هناك صديقا له يحتاج مساعدتي بأمر ما. قلها يا صاحبي وسوف لن أبخل عليك أو عليه بأية خدمة أستطيعها. قال لي أن صاحبه "ستيوارت" اشترى جروا من نوع "الدوبرمان". مبروك، وما المطلوب؟ يريدك ان تختار له اسما عربيا! حاضر وسيكون الاسم جاهزا حين نلتقي.
ودعته وبلشّت في البحث عن اسم عربي أصيل يليق بالكلب الانكليزي. فكرت أولا ان أفتش عن أسماء الكلاب عند العرب القدماء، فوجدت من بين ما وجدته: باقع، سخام ، صربج ، أعقد، أعنق، ارباس، عملس، قطرب، فلحس، هبلع، هجرع، درص، عولق، عسبورة، خيهفعي، ديسم، علوض، وعوع، سهلب، رواس وسردياح . أأسماء كلاب هذه أم أعاصير وزلازل؟ أنا العربي يصعب عليّ نطقها او فهمها فكيف سيدبّرها الانكليزي؟ وها هو ما كنت أتصوره سهلا صار ورطة بجد.
في ليلة الأحد التي سبقت موعد اللقاء، فرّجها الله عليّ. تذكرت اسم الكلب "شير" الذي ذاع صيته بين البدو لذكائه ووفائه مع صاحبه شاعر العتابة الشهير عبد الله الفاضل. الاسم خفيف وسهل اللفظ والكتابة باللغتين العربية والانكليزية: shyr.
عندما سألني صاحب الكلب عن معنى الاسم وأجبته انه يعني حلوٌ أو جميل، فرح كثيرا. حدثته عن قصة "شير" وكيف أنقذ صاحبه البدوي الشاعر الذي كان قد أصيب بالجدري. سألني: وهل قال الشاعر قصيدة بحق كلبه "شير"؟ بلى. وهل تحفظ شيئا مما قاله؟ نعم، ولكن. لكن ماذا؟ صعب علي ان أترجمها له. قدم لي ورقة وطلب مني ان اكتب بالعربية وسيرضى بأي ترجمة. وكلّت امري لله وكتبت له بيت العتابة "هلك شالوا" الى نهايته.
أخبرت الحاضرين ان الشاعر كان يغني ما يقوله شعرا. ألحوا علي أن أغنيها. توسلت بهم ان يعفوني من تلك المهمة فلم ينفع بهم توسلي. قال أحدهم: رائع ان يغني الإنسان لكلب! لم يكن أمامي اي سبيل للخلاص غير ان أُعتّب:
ي بالله يابه .. يالحبيب يا يابه
هلك شالوا على مكحول يا شير وخلولك عظام الحيل يا شيـر
لون تبجي بكل الدمـع يا شيـر هلك شالوا على حمص وحما .
لف الحاضرين صمت شديد حين انتهيت من الغناء. التفت صوب صاحب الجرو الجديد وسألته: ها شتكول؟ نو سوري، فاني لا أحب ان امنح كلبي اسما أقترن بكل هذا النكد والحزن والعويل.
عن أسماء الكلاب
[post-views]
نشر في: 15 إبريل, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
قاسم عبد الله
حسجه رائعة يااستاذنا الفاضل.....