في اليوم الأول من عطلة نهاية الأسبوع الفائت أخذت حفيدتي لحديقة مخصصة للعب الأطفال حيث المراجيح والدولايب الدوارة والأحصنة الهزازة. أطفال مع أهلهم من جنسيات متعددة: هنود وفرس وأتراك وبولونيون وعرب. أما الإنكليز (أبناء البلد) فيشكلون أقلية بين الآخرين. الأطفال جميعا يتحاورون ويتصايحون في ما بينهم بالانكليزية ولا يستعملون لغتهم الأم إلا إذا تحدثوا مع ذويهم الذين يرافقونهم إلى هناك.
في الحديقة خمس أو ست مراجيح. ذهبت حفيدتي واصطفت في طابور مع أطفال آخرين بانتظار فرصة أن تحظى بواحدة منها. كنت لحظتها منشغلا بقراءة جريدة بين يدي. رفعت رأسي فوجدت الحفيدة ما زالت في مكانها ولم يتحرك الطابور رغم مرور وقت ليس بالقليل. ذهبت صوبها لأكتشف سر الانتظار الطويل، وليتني لم أتحرك.
لم أجد في المراجيح أطفالا يلعبون بل وجدتها مشغولة من أربع سيدات اتخذنها كراسي للراحة والسوالف. رجوتهن بالانكليزية، لأني لا أعرفهن من أي بلد سوى أنهن محجبات، أن يفسحن المجال للأطفال لأن هذه المراجيح مخصصة لهم وليس للكبار، فلم تجبني أي منهن. التفتت إحداهن صوب ابنتها وطلبت منها بالعربية أن تطلب مني عدم التدخل في ما لا يعنيني. رفضت الابنة ترجمة قول أمها معترضة بان ذلك لا يليق. هنا قلت لها ليتك تتعلمين من طفلتك معنى اللياقة والأدب. وعينكم لا شافت طلاقة اللسان النسوي العربي بالهجوم على العراقي. عيرتني، ليس بالشيب، بل لأني، كعراقي، سمحت للكفرة باحتلال بلدي لكني أستكثر على المسلمة أن تجلس في مرجوحة! هاي شتجاوبها يا " بنادم " ؟ لا شيء غير أن قلت لحفيدتي: يالله جدو خلي نروح وأمرنا لله.
ولكي أعوض حفيدتي خيبة ضياع فرصة التمرجح عرجت بها في طريق العودة للبيت على واحد من السوبر ماركتات الكبيرة. سألتها ما هو رأيك لو نذهب إلى "تَسْكو" لأشتري لك لعبة حسب اختيارك؟ اشتريت لها ما اختارت، فارتسمت على وجهها فرحة أنستني ما حدث لي مع أخت العرب في الحديقة.
ظننت أن حفيدتي نسيت، هي الأخرى، حسرتها على المرجوحة وما حدث بيني وبين اختنا "القومجية". لم يكن ظني صحيحا، إذ حالما جلسنا في السيارة سألتني أن أشرح لها ما دار بيني وبين تلك السيدة. قلت لها استمتعي بلعبتك ولا تفكري بالذي حدث لأنه يخص الكبار. ردت علي ، وأنا الذي ظننتها لم تفهم ما حصل: بس ليش شتمت العراق؟ سكتُ وصعب عليّ جوابها.
تعال يا عراق وأجبها بنفسك فوالله قد مللت من الإجابة نيابة عنك.
جميع التعليقات 1
المدقق
على اساس انت اشلون تحب العراق ؟؟ لو تحب العراق جان ما رحت واتجنست انكريزي ... هزلت ايها الكويتب ...