منذ استخدم العراقيون السدارة الفيصلية نسبة لمليكهم الأول، وتخلوا عن الجراويات والطرابيش ظهرت اولى بوادر العلاقة بين الازياء الرجالية والسياسة، وعلى مدار السنين، وبفعل التأثر بأحداث محلية ودولية، امتدت تلك العلاقة الى جوانب اخرى، تتعلق بمظهر الشخص لتصل الى شكل "الشوارب"، وشارب هتلر كان ماركة مسجلة استخدمها العديد من السياسيين، ومراجعة صورهم تعطي إشارة واضحة لميولهم الفكرية والسياسية، وبعد اندحار النازية ظهر "شارب ستالين" على الكثير من وجوه العراقيين.
منتصف عقد السبعينيات، ونتيجة التأثر بأزياء الصينيين والكوريين الشماليين، وبقية شعوب الانظمة، رافعة شعار النضال ضد الامبريالية، دخل "السفاري" الى العراق، واستخدمه قياديو النقابات العمالية، ثم انتقل الى الرفاق من اعضاء الحزب الحاكم، فكان علامة فارقة للرفاق من امثال "ابو عروبة" الحريص على تحشيد الجماهير في مدينة الحرية للمشاركة في ندوات "انت تسأل والحزب يجيب" وتبني شعار نفط العرب للعرب وكل شيء من اجل المعركة.
عندما تعرض الشيوعيون للملاحقة، في الخمسينيات من القرن الماضي، كان احد الرفاق قد التقط صورة شخصية بوجه يحمل "شارب ستالين" وضعها في هويته الرسمية، وعندما شعر بان الصورة يمكن أن تثير الشبهات حوله وبسببها يتعرض للاعتقال، قام بحك الصورة ليبعد عن نفسه التهمة، وهذه الحادثة رواها الباحث المتخصص بدراسة التاريخ السياسي في محافظة ذي قار محمود العكيلي، وذكر ان صاحب الصورة قرر اعتزال العمل السياسي لان "جماعة ستالين" في العراق وبحسب اعتقاده اصبحوا مطاردين من قبل رجال السلطة، ولا امل لهم في اقامة نظام اشتراكي في ظل وجود حكم العسكر.
باندلاع الحرب العراقية الايرانية، في الثمانينيات، شاع استخدام الزي العسكري ذي اللون الزيتوني، واستمر حتى يوم التاسع من نيسان من العام 2003، ولم يقتصر على كبار المسؤولين والرفاق بمختلف درجاتهم الحزبية، بل اصبح زيا مفضلا لكتاب، وتشكيليين وممثلين وموسيقيين، وإعلاميين وشعراء من فئة ام المعارك.
في المرحلة الحالية في زمن الديمقراطية بنسختها العراقية، ظهر زي آخر، قوامه، بدلة بثلاث دكم وسترة فتحتين صناعة صينية، ولكي يكتمل الزي مع متطلبات المرحلة، هناك من يضع اكثر من خاتم في اصابع كفه، واللحية نمرة صفر او اطول بقليل، مع ترديد عبارات اصبحت لازمة متداولة لاستهلال الحديث، لينتهي بالخاتمة الشهيرة، نسألكم الدعاء لتحقيق الفوز الساحق في الانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة لتنفيذ برنامج بناء دولة المؤسسات والقانون، وبعد ذلك "ما ننطيها".
من الفيصلية الى شوارب هتلر وستالين مرورا بالسفاري ثم الزيتوني الى 3 دكم وفتحتين، ينتظر العراقي بفارغ الصبر اليوم الموعود لتحقيق ارادته في اقامة نظامه الديمقراطي ويتخلص من لعنة المثل الشعبي الشائع الذي يجسد قصة "جبر" منذ لحظة الولادة الى القبر.
جميع التعليقات 1
المدقق
على اساس انت ما مسوي ولا وحدة من اللي كلتهن ... لا لابس زيتوني ولا سفاري ولا بدلة صينية ام 3 دكم وفتحتين .. عمي جوزوا من الجذب والنفخ .. وانهجم بيت البانية اشكد تنفخ ... ضلت بس للزعاطيط طيط طيط طيط طيط ...