TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > 3 دكــم

3 دكــم

نشر في: 16 إبريل, 2013: 09:01 م

منذ استخدم العراقيون السدارة الفيصلية نسبة لمليكهم الأول، وتخلوا عن الجراويات والطرابيش ظهرت اولى بوادر العلاقة بين الازياء الرجالية والسياسة، وعلى مدار السنين، وبفعل التأثر بأحداث محلية ودولية، امتدت تلك العلاقة الى جوانب اخرى، تتعلق بمظهر الشخص لتصل الى شكل "الشوارب"، وشارب هتلر كان ماركة مسجلة استخدمها العديد من السياسيين، ومراجعة صورهم تعطي إشارة واضحة لميولهم الفكرية والسياسية، وبعد اندحار النازية ظهر "شارب ستالين" على الكثير من وجوه العراقيين.

منتصف عقد السبعينيات، ونتيجة التأثر بأزياء الصينيين والكوريين الشماليين، وبقية شعوب الانظمة، رافعة شعار النضال ضد الامبريالية، دخل "السفاري" الى العراق، واستخدمه قياديو النقابات العمالية، ثم انتقل الى الرفاق من اعضاء الحزب الحاكم، فكان علامة فارقة للرفاق من امثال "ابو عروبة" الحريص على تحشيد الجماهير في مدينة الحرية للمشاركة في ندوات "انت تسأل والحزب يجيب" وتبني شعار نفط العرب للعرب وكل شيء من اجل المعركة.

عندما تعرض الشيوعيون للملاحقة، في الخمسينيات من القرن الماضي، كان احد الرفاق قد التقط صورة شخصية بوجه يحمل "شارب ستالين" وضعها في هويته الرسمية، وعندما شعر بان الصورة يمكن أن تثير الشبهات حوله وبسببها يتعرض للاعتقال، قام بحك الصورة ليبعد عن نفسه التهمة، وهذه الحادثة رواها الباحث المتخصص بدراسة التاريخ السياسي في محافظة ذي قار محمود العكيلي، وذكر ان صاحب الصورة قرر اعتزال العمل السياسي لان "جماعة ستالين" في العراق وبحسب اعتقاده اصبحوا مطاردين من قبل رجال السلطة، ولا امل لهم في اقامة نظام اشتراكي في ظل وجود حكم العسكر.

باندلاع الحرب العراقية الايرانية، في الثمانينيات، شاع استخدام الزي العسكري ذي اللون الزيتوني، واستمر حتى يوم التاسع من نيسان من العام 2003، ولم يقتصر على كبار المسؤولين والرفاق بمختلف درجاتهم الحزبية، بل اصبح زيا مفضلا لكتاب، وتشكيليين وممثلين وموسيقيين، وإعلاميين وشعراء من فئة ام المعارك.

في المرحلة الحالية في زمن الديمقراطية بنسختها العراقية، ظهر زي آخر، قوامه، بدلة بثلاث دكم وسترة فتحتين صناعة صينية، ولكي يكتمل الزي مع متطلبات المرحلة، هناك من يضع اكثر من خاتم في اصابع كفه، واللحية نمرة صفر او اطول بقليل، مع ترديد عبارات اصبحت لازمة متداولة لاستهلال الحديث، لينتهي بالخاتمة الشهيرة، نسألكم الدعاء لتحقيق الفوز الساحق في الانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة لتنفيذ برنامج بناء دولة المؤسسات والقانون، وبعد ذلك "ما ننطيها".

من الفيصلية الى شوارب هتلر وستالين مرورا بالسفاري ثم الزيتوني الى 3 دكم وفتحتين، ينتظر العراقي بفارغ الصبر اليوم الموعود لتحقيق ارادته في اقامة نظامه الديمقراطي ويتخلص من لعنة المثل الشعبي الشائع الذي يجسد قصة "جبر" منذ لحظة الولادة الى القبر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. المدقق

    على اساس انت ما مسوي ولا وحدة من اللي كلتهن ... لا لابس زيتوني ولا سفاري ولا بدلة صينية ام 3 دكم وفتحتين .. عمي جوزوا من الجذب والنفخ .. وانهجم بيت البانية اشكد تنفخ ... ضلت بس للزعاطيط طيط طيط طيط طيط ...

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram