تسعى إمارة قطر، بأموالها، للعب دور في المسألة الفلسطينية، وهي في هذا الإطار تحاول منافسة الأردن، على رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية، في مدينة القدس المحتلة، وتخوض صراعاً لم يعد خفياً مع عمان، تجلّى مؤخراً في تلكؤها بدفع حصتها، البالغة 250 مليون دولار، من المنحة الخليجية للأردن، وسعيها لشراء حصة آل الحريري في البنك العربي، للسيطرة على هذا المرفق الحيوي، لضرب أحد أهم ركائز الاقتصاد الأردني، وجاء الرد الأردني دبلوماسياً، حين حضر العاهل الأردني قمة الدوحة متأخراً، وكان أول المغادرين، لكن الموقف تطور لاحقاً، بتوقيع اتفاقية بين الأردن والسلطة الفلسطينية، تحصر الولاية على الأماكن المقدسة في القدس، بالملك عبد الله الثاني.
أتت الاتفاقية، لتحبط محاولة المشيخة الخليجية انتزاع ولاية الهاشميين على القدس، عبر طرحها اقتراحاً على القمة العربية، بإنشاء صندوق لدعم القدس برأسمال مقداره مليار دولار، تسهم فيه بربع المبلغ، مشترطةً استبعاد الأردن، باقتراحها قيام البنك الإسلامي للتنمية بإدارة هذا الصندوق، وهي أيضاً استبعدت السلطة الفلسطينية، التي فهمت ما وراء الاقتراح، وهو هيمنة المشيخة مع حلفائها من جماعة الإخوان المسلمين، وحماس منهم، على تلك المقدسات، تمهيداً لوضع اليد على كافة الأمور في الضفة الغربية، وكان واضحاً أن الاقتراح الذي بدا في ظاهره لمصلحة القدس، كان يحظى بدعم تركي، ولم يكن بعيداً عن تفاهمات مع إسرائيل، التي كانت في الوقت عينه، تتشارك مع الدوحة في دراسات لمد أنابيب، لضخ الغاز القطري إلى الدولة العبرية، عبر ميناء إيلات.
قرأ البعض الاتفاقية على أنها تمهيد لدور أردني في مفاوضات السلام، الرامية لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو الذراع السياسي للإخوان في الأردن، أنه مع الاتفاقية، في حال كان هدفها منع تهويد القدس، وان تضع حداً للتعدي على المقدسات، وأكد على أن لا تكون مدخلاً للمشاركة في العملية التفاوضية، حتى لا يتحمل الأردن مسؤولية المشاركة في تصفية القضية الفلسطينية، لكن الطرفين الموقعين عليها نفيا ذلك، وأكد الرئيس محمود عباس أن لاعلاقة لها بملف المفاوضات أو الكونفدرالية، مشدداً أنها تأتي تكريساً لما هو قائم منذ عهد المرحوم الملك الحسين، حيث تكرس ما هو قائم منذ عقود.
يبدو الموقف القطري غير الودي، إن لم نقل العدائي، من الأردن مستهجناً، إن عرفنا أن الملك حسين، كان أول من اعترف بشرعية انقلاب أميرها الحالي على والده، لكن الدهشة تزول، حين نقرأ واقع أن المشيخة عقدت حلفاً غير مقدس مع جماعة الإخوان المسلمين، بهدف أن يعوّض منتسبو هذه الجماعة، ضآلة عدد سكان جزيرة الغاز المسال وفضائية الجزيرة، وإذا لاحظنا أن الإخوان يعدّون أنفسهم رأس الحربة، في الحراك الشعبي الأردني الداعي للإصلاح، فيما يفكرون هم باستغلاله لتنفيذ مخطط انقلابي، منتظرين مآلات الصراع في سوريا، التي يخوض إخوانها حرباً ضد النظام البعثي، بتأييد قطري كامل ومطلق، وهنا فقط يمكن فهم دوافع موقف الدوحة من الهاشميين، ودورهم في المدينة المقدسة.
وبعد، ألا يحق لنا السؤال عن البؤس الذي يدفع المشيخة الطامحة لدور يفوق حجمها، إلى اللعب على أوجاع القدس، الرازحة تحت الاحتلال ،والمهددة بالتهويد الكامل بعد هدم الأقصى، ونزع صفة أولى القبلتين عنها، لتكون مدينة هيكل سليمان، وحائط المبكى.
عمان والدوحة.. وبينهما القدس
[post-views]
نشر في: 21 إبريل, 2013: 09:01 م