TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > للا .. لا له

للا .. لا له

نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 05:25 م

جمعتني، ليلة الجمعة الفائتة، جلسة على ضفاف النيل بالممثل المصري عهدي صادق. وقبل أن ألتقيه، ويصبح لي صديقا، كنت قد عرفته من خلال مسلسلات كثيرة منها رأفت الهجان وليالي الحلمية والمال والبنون. وعهدي يجيد نطق اللهجة العراقية لفظا وروحا، كأنه واحد منا.
لا يفوّت، هذا الرقيق الطبع، فرصة إلا ويطالبني بأن أغني له أغانيَ عراقية. الغريب انه لا تطربه غير أغانينا القديمة المشبعة بروح الحسرات والأنين. يعرف حضيري أبو عزيز وناصر حكيم وداخل حسن وزهور حسين. العرب عموما يعرفون ناظم الغزالي وكاظم الساهر. لكن عهدي منشدّ أكثر لأغاني الريف. يعرف الأبوذية والدارمي والمواويل العراقية ويلح من اجل أن اسمعه منها إلقاء أو غناء.
طلب مني أن اسمعه قصيدة من قصائدي فلبيت بواحدة قليلة الحزن. أجمل ما في عهدي هو انه لا يحوجني إلى ترجمة قصائدي إلى المصرية، وهو الأمر الذي غالبا ما افشل فيه. وبالمناسبة، وجدت الناقد  جابر عصفور، هو الآخر، يفهم العراقية بعمق، خاصة شعرنا الشعبي. أذهلني مرة كيف انه توقف عند بيت قلت فيه "وبوسة الكل طفل كابل نجمته ونام .. أو وي طرة الفجر للضيم يتحفه".
قال لي عهدي: يالله غني كافي تتدلل علينا. اخترت بيتا من الأبوذية بدأته بلازمة "للا لا له .. لا له .. لا .. لا له" الشهيرة وبطريقة داخل حسن. كان هدفي أن أمهد للدخول إلى أغنية راقصة كي اخفف من وقع الحزن العراقي على الحاضرين. أنهيت بيت الأبوذية فعرجت على طور "الهجع": "لا لا ولك من علمك ركص الهجع .. لاله ولو". أظن أني وُفقت بالأداء إلى حد ما.
همس عهدي بأذني حين انتهيت: لو انتم العراقيون تعلمتم قول "لا" في الواقع مثلما تكثرون منها في أغانيكم لكانت حالكم غير التي هي الآن. صدقت يا صديقي فالانكليز يحرصون على تربية أطفالهم على قول "لا" منذ الصغر. سألني مستفهما: هيه دي "لا" اللي عندكم في الأغاني نافية ولاّ ناهية؟ احترت في إيجاد جواب سريع فتأنيت قليلا ثم أجبته بأنها ناهية على الأكثر.
ولكي اثبت له أنها "ناهية" غنيت له وغنى معي:
لا تلزم ايدي .. بويه نعيمه يا نعيمه .. رد يا طبيب الجاي
روحي بوريدي ..  بويه نعيمه يا نعيمه .. لا تنكطع وابلاك
ولسعدون جابر غنيت:
عيني عيني
لتعاشر البذات    والماله تالي
مثل اليلم الماي    يرد جفه خالي .. يا عيني
ومن رياض احمد:
لا تنشد عل الحال    حالي أردى حاله
سمجه وشحيح الماي     وبظهري فاله
سادت لحظة صمت بيننا. سرح بي الخيال صوب العراق فقرأت له بصوت عال:
لا تكظي ايام عمرك بلها
واعتلي خيل الصبايا وبلّها
دنّي الماي اللحيتك بلها
لو شفت جارك لحيته امزينه
قال لي عهدي: أظن أنها تعني "أكلت يوم أكل الثور البيض". نعم إنها كذلك يا صاحبي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

 علي حسين أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص...
علي حسين

قناطر: الربيع الأمريكي المُذِل

طالب عبد العزيز هل نحن بانتظار ربيع أمريكي قادم؟ على الرغم من كل ما حدث، وقد يحدث في الشرق الأوسط، نعم، وكم هو مؤسف أن تتحرك دفة التغيير بيد القبطان الأمريكي الحقير، وكم قبيح...
طالب عبد العزيز

تضارب المصالح بين إسرائيل وتركيا في سوريا وعواقبه

د. فالح الحمـــراني كما بات معروفاً، أن وزير الدفاع الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو*، خلال لقاء حول موضوع الوجود التركي في سوريا، طرحا مقترحاً لـ"تقسيم سوريا إلى مناطق مقاطعات (الكانتونات)". وذكرت صحيفة إسرائيل هايوم عن خطة...
د. فالح الحمراني

النظام السياسي في العراق بين الخوف من التغيير وسؤال الشرعية

أحمد حسن لفهم حالة القلق التي تخيم على النخبة السياسية في العراق مع كل تغيير داخلي أو إقليمي، لا بد من تحليل عميق يرتكز على أسس واضحة ومنطقية. فالشرعية السياسية، التي تعد الركيزة الأساسية...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram