الرئيسية > أعمدة واراء > عن الحسد واتحادات الأدب الفزاعة

عن الحسد واتحادات الأدب الفزاعة

نشر في: 23 إبريل, 2013: 09:01 م

إذا كان الأمر يتعلق بحرية الإبداع والثقافة، فلماذا الصمت على ما يرتكبه "اتحاد الكتاب العرب" "الفزّاعة"، الذي هو اتحاد عاطلين عن الأدب لا غير، تحول أكل لحم بني جنسهم إلى مرض محترف، أما موهبتهم فتتركز بإدارة الحقد ولعق جزمات العسكر على الدوام؟ نعم، لماذا الصمت على اتحاد مأثرته الوحيدة هي موهبته بإدارة حفل كانيباليزم كل سنة، بمباركته هذا النظام أو ذاك؟ أي اتحاد هذا يصدر البيانات ويخور بسبب تحقيق السلطات المصرية مع كاتب مصري بتهمة قدح الدين، مع العلم أن الاتحاد "المناضل" ذاته يسكت عن اعتقال كاتب سعودي مثل تركي الحمد أو الحكم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً لشاعر من قطر؟

هل الحسد والكانيباليزم هما قدر الكتابة؟ وحتى لو أجبنا بنعم على طريقة الايرلندي "جورج مور" الذي ترك وراءه تعريفاً  ساحراً للحركة الأدبية: "أنهم مثل خمسة أو ستة جيران في المدينة ذاتها، يكرهون بعضهم بعضاً من القلب"، إلا أن ما يحدث في منطقتنا، يفوق ما يحدث على بقاع الأرض الأخرى، إذ مرت الثقافة المكتوبة بالعربية بكل صور الحسد والأحقاد وافتعلت لها معارك جانبية، ليس لها مثيل في مكان آخر على الأرض، وفي كل المراحل: في مراحل ما قبل الرأسمالية، والثورية، وشبة الليبرالية البائسة! وليس للأمر علاقة بالرأسمالية و"الإمبريالية"، كما يحاول إقناعنا ثورجيّ الثقافة، الذين يدعون للثورة، لكنهم لا يغيبون عن كل وليمة رسمية دسمة، ويصل الأمر ببعضهم بقراءة القصائد أمام السياسيين ورجال السلطة الذين يلعنونهم يومياً؛ أن الخراب العربي يكمن في كل هذا الركام الثقافي المتخلف الذي ينتج  كانيباليزم مزمن، همه أكل لحم بني جنسه؛ ليس هناك تنافساً حراً، إنما افتراس حر. وحتى الجوائز الثقافية "غير التجارية" تحمل ملامح الطقس النموذجي لأكلة لحوم البشر، لأن الهدف الأول من هذه الجوائز ليس تشريف الحاصل على الجائزة، إنما هو في كل مرة فوز لمانحي هذه الجوائز، لذلك ليس هناك أحداً يحترم الجوائز عندنا، وتظل بلا قيمة، وأن الفائزين يظلون هدفاً سهلاً لإطلاق النار دائماً، بين فريق "المافيا" الذي يلتف حول الجائزة، إذ بدل أن يُحتفى بالفائزين ويُروج لكتبهم (كما يحدث في بلدان العالم الباقية)، يجد هؤلاء أنفسهم في وضع مسكين، يبررون حصولهم عليها (كما حصل ويحصل مع جائزة الجامعة الأميركية في القاهرة من حين إلى آخر، لمجرد ذكر مثال واحد)، ووصل الأمر بشاعر مسكين، أن يبرر في كل مناسبة، بأنه وبعد نصيحة الخِل والأحبة والزوجة والأطفال، والشعب الذي يقف وراء شعره، وجد أن من الأفضل تسلم الجائزة من "الأعداء" وفي عقر دارهم، أو أن يتقاسم الجائزة مع كاتب إسرائيلي، أو قراءة قصائده "الثورية" في حضرة سياسيين إسرائيليين، لكن، الويل لزملائه في الأدب إذا سمحوا لأنفسهم وعطسوا في حضرة كاتب إسرائيلي! أية قيمة بقيت للجائزة إذن، عندما يهاجم شاعر مخضرم آخر زميلاً له فاز بجائزة مناصفة معه، وينعته بأنه "صبي لا يستحق مشاركته بالاسم"، وهو مجرد متآمر "لأنه استغل أصله الفلسطيني" لتقاسم مبلغ الجائزة معه، بينما طلب قاص عربي آخر من رئيس دولة منحته الجائزة باسمه أن يدفع له بعد سنة من حصوله على الجائزة، مبلغاً مضاعفاً، لأن مبلغ الجائزة ارتفع في ذلك العام، ولا يكتفي القاص "القومي" بذلك، فعندما تغزو دولة الرئيس المانح دولة أخرى، يقترح صاحبنا على الدولة المنكوبة أن تمنحه ضعف مبلغ الجائزة لكي يُرجع مبلغ الجائزة إلى الدولة الغازية!!؟ ماذا يتبقى لنا لكي ندافع عن أهلية الكاتب لحصوله على الجائزة بالفعل؟

يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تقارب طهران وواشنطن بوابة لحل أزمات العراق الاقتصادية

النساء يتحدن ضد تعديل الأحوال الشخصية والقضاء يتفاعل والمحكمة تحسم في أيار

عطلة رسمية للمسيحيين في 20 و21 نيسان

الأونروا: مخازننا فارغة والمجاعة تفتك بسكان غزة

كردستان تعطل الدوام غداً احتفالاً برأس السنة الإيزيدية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram