عبـَّر أكثر من زميل عن سخطه ورفضه لطريقة تعامل مسؤولي الرياضة مع واقع العمل الصحفي في أكثر من قضية مهمة تعامل معها الزملاء بالحكمة والمصلحة الوطنية السامية ، ونعني هنا اصحاب المهنة الحقيقية وليسوا مَن اتخذوها وكراً مظلماً للارتزاق والمداهنة والمساومة ممن ابتليت بهم السلطة الرابطة نتيجة تساهل (البواب) في دخولهم منذ عام 2003 حتى الآن بشكل يُسيىء لتاريخ الصحافة التي قدمت اسماءً كباراً كانت أقلامهم تهزّ الارض تحت مسؤولي الرياضة وتحرمهم من النوم حتى خيط الفجر لما لوقع صراحتهم وقوة حججهم من تأثير كبير لا مفرّ امامها سوى الاعتراف بالتقصير أو الانسحاب من المهمة.
ولهذا لا عجب أن تمرَّ رسالة مهمة وخطيرة كتبها المدرب يونس جاسم القطان واوضح دوافعها في حواره الشفاف مع (المدى) أمس الثلاثاء عن وجود تزوير وتلاعب في أعمار واسماء بعض لاعبي منتخب الشباب المتأهب للمشاركة في مونديال تركيا حزيران المقبل مروراً خجولاًَ امام مسمع ومرأى كبار قادة الرياضة في مجلس النواب ووزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية واتحاد الكرة من دون ان يتوقف احدهم ويحترم منصبه الذي أُؤتمن عليه ويسارع لتشكيل تحقيق عادل يميط اللثام عن كثير مما يجري اليوم في ساحة كرة القدم وغيرها بعيداً عن عيون الرقابة الرسمية وتأنيب الضمير!
والحق يُقال ان مَن يرتضي السكوت ويُدير وجهه عن قضايا خطيرة تمس سمعة العراق ويعرف انه مسؤول عن درئها ينبغي ان يكون حسابه عسيراً من السلطات التنفيذية المشرفة على قطاعه والقضائية ايضاً لتنزل القصاص العادل لأن سكوته خيانة ومشاركة ضمنية بالجريمة طالما بلغته الشكوى وطرقت بابه ليسمعها ، فما بالنا وهناك عشرات الملفات المعلقة على شماعة الانتظار من دون ان يُحسم أمرها أو تحال الى لجان متخصصة لتدقيقها وإعلان نتائجها امام وسائل الإعلام؟
إن رسالة القطان التي جاءت في (فورمة) تحضيرات منتخب الشباب للدخول في نهائيات كأس العالم بعد شهرين من الآن فضحت جميع العناوين التي ارسلت اليها ، وما زاد الطين بله تأكيده انه تحدث مع معنيين في شؤون اللعبة لتنبيههم من خطورة زج لاعبين تجاوزت اعمارهم الحد المسوح به وفقاً لكشوفات ناديوية سابقة ومتغيرات اجتماعية مؤثرة لكنهم أداروا له ظهورهم وكأنهم غير مبالين لمعلوماته وربما أتهموه بمحاولة إفشال مهمة زميل له تماشياً مع حملات التسقيط التي تشهدها علاقات المدربين الموتورة بينما القطان لا مصلحة له سوى انتمائه لوطن عظيم إبتلي بنماذج بائسة في الرياضة أدمنت الخطأ وفشلت في إثبات أهليتها ولا ينفع معها غير الاجتثاث العادل الذي تحكمه معايير الكفاءة لا اصوات الناخبين وهم ينتخون كل مرة لمداراة خواطر رؤسائهم وانقاذهم من الهزيمة حتى لو حكموا العابهم ثلاث أو اربع دورات اولمبية !
لم يعد السكوت مقبولاً بعد اليوم ، وعلى اللجنة الاولمبية الوطنية الراعي الاول للاتحادات وافرادها تفعيل لجنة المتابعة عملياً لا شكلياً ، عبر التنسيق مع مكتبها الإعلامي في تقديم مذكرات فورية عن قضايا مقروءة ومتلفزة ومسموعة ذات مساس مباشر تضرّ بسمعة البلد لاتخاذ التدابير اللازمة بشأنها وتسليم المقصرين للقضاء، مثلما لا يجوز لبعض الإعلاميين أياً كان تخصصهم الاستسلام لتجاهل المسؤولين لتلك القضايا التي يتصدون لها بشجاعة ومبدئية برغم خطورة عملهم الذي يتطلب فضح الفاسدين والمخادعين وسارقي المال العام، بل يضاعفون جهودهم حتى ينتصروا لمصلحة الرياضة.
ولابد من مصارحة مَن يستشعر بقوة علاقته بالإعلام وينام مطمئن القلب أن خديعته للوسط الرياضي لن تدوم طويلاً طالما هناك مَن يؤمن بدوره في التعامل مع الجميع ويضع حداً فاصلاً بين العلاقات الشخصية والمهام المنوطة بأصحابها لأنها شأن وطني لا يجوز التصرف به لمآرب معروفة حتى لو وجدوا الدعم من الاتحادات نفسها ، فالإعلام نور الحقيقة ولن يُعتمها الظلام!