التصريحات التي صدرت من قوى سياسية وفعاليات شعبية على خلفية اقتحام قوات دجلة ساحة اعتصام الحويجة ، عبرت عن قلق ومخاوف من اعتماد القوة العسكرية في التعامل مع المعتصمين في بقية المحافظات الأخرى ، والأجواء السياسية السائدة في العراق أسهمت في تصعيد لهجة الاتهام الموجهة لرئيس الحكومة نوري المالكي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة. فالبعض حمّله مسؤولية احتمال تنفيذ المزيد من أعمال العنف وإدخال العراق في الجحيم ، يقصدون شعبه ،لأنه لاحول له ولا قوة ، فهو الهدف الوحيد للمفخخات والعبوات الناسفة .
"الحويجة " شجعت بعض خصوم المالكي على التهديد بملاحقته لارتكابه مجزرة في البلدة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى ، فضلا عن اختراقه المادة التاسعة من الدستور بحظر استخدام الجيش أداة لقمع الشعب ، والتصريحات على هذا المستوى من الإيقاع الصاخب، لم تقف عند هذا الحد بل لوّح آخرون باللجوء إلى منظمات دولية لمنع انتهاك حقوق الإنسان.
منذ اندلاع التظاهرات في المحافظات الغربية والعلاقة بين المعتصمين والحكومة متوترة. الطرف الأول يقول إن مطالبه لم تنفذ، والثاني يؤكد تلبية المطالب المشروعة بتشكيل لجان سباعية وخماسية وإرسال وفود إلى المحافظات المنتفضة من بينهم رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر للقاء المحتجين ونقل مطالبهم إلى الجهات الرسمية لتأخذ طريقها نحو التطبيق. وتم إصدار قرارات بإطلاق سراح معتقلين ، وتعديل قانون المساءلة والعدالة ، فضلا عن إجراءات أخرى تتعلق بمنح بعثيين سابقين رواتب تقاعدية ورفع الحجز عن عقاراتهم ، ومع ذلك استمر الحال على ما هو عليه ، فلم يغادر المعتصمون خيامهم ، في وقت قللت الحكومة من أهمية استمرار اعتصامهم ، والوضع بشكله الحالي وبعد حادث الحويجة، يكشف عن غياب الرغبة في التوصل إلى حلول ترضي الطرفين .
في النزاعات العشائرية من العيار الثقيل وعادة ما تكون تكون حصيلتها خسائر بشرية ومادية بالغزو المتبادل ، يعتمد المتنازعون أعرافا سائدة تفرض على الطرفين إيقاف إطلاق النار فورا ، والالتزام بالهدنة، ثم يتم عقد اجتماع في مضيف احد كبار القوم بالاستعانة بالوجهاء وأصحاب البخت والتأثير يتحقق الصلح ، ويعلن الجميع التزامهم ببنوده وتحمّل مسؤولية اختراقه بدفع "الفصل مربّع " والخرق عادة ما يكون بسبب ممارسات غير منضبطة وتصرفات أشخاص "منفلتين" ومندسّين لغرض تحقيق مكاسب شخصية .
"المنفلتون" وأصحاب المكاسب الشخصية بالإمكان تحديدهم وتشخيصهم من قبل العشائر لأن "أصحاب البخت" يرفضون بشدة قيام أي شخص بمحاولة اختراق اتفاق الصلح ، وهم على استعداد لملاحقته ومعاقبته ، وحينما يعجزون عن الحد من سلوكه يعلنون البراءة منه، وبهذا الأسلوب شخصت العشائر بأعرافها وسننها المندسين والمنتفعين من النزاعات ومثيري الشغب ، وأصحاب الأجندات الخارجية ، والوصفة العشائرية تصلح للاستخدام في تسوية وحل أي نزاع شريطة توفر الرغبة الصادقة في حل النزاعات وتسوية الخلافات ، قبل إشعال المشهد السياسي بالهاونات .
جميع التعليقات 1
المدقق
لاول مرة تقول الحق .. عجيب امور غريب قضية ..