مرة أخرى يستحوذ السينمائيون العراقيون الشباب على حصة الأسد من جوائز مهرجان الخليج السينمائي بنسخته السادسة، ولهذا المهرجان اثر كبير على هؤلاء السينمائيين الذين وجدوا أنفسهم بعد عام 2003 أمام مهمة خلق سينما عراقية لها هويتها وشخصيتها المتميزة، بعد نكوص استمر لأكثر من عقدين من الزمن، وارتهان الأفلام العراقية للترويج الدعائي والنمطية في استلهام الأفكار التي من شأنها إدامة زخم المؤسسة السياسية المتسلطة.
ومن مهرجان الخليج السينمائي الذي هو امتداد لتظاهرة سينمائية مهمة هي (مسابقة أفلام من الإمارات) منح فرصة كبيرة للمخرجين العراقيين الشباب، عندما فتح لهم نافذة اطلوا منها على جمهور واسع تعدى حتى جغرافية المهرجان، بوصفه مهتما بشكل أساس بصناعة سينما خليجية.
ومنذ انطلاق الدورة الأولى للمهرجان عام 2008 وحتى دورته الأخيرة التي أسدل الستار عنها الأسبوع الماضي، يتسابق مخرجونا الشباب في عرض نتاجاتهم التي غالبا ما تنجز تكون بإمكاناتهم الفردية المتواضعة في أقسام المسابقة المختلفة، لتكون فيما بعد المنصة التي ينطلقون منها في رحاب مهرجانات عربية وعالمية أخرى.
وانطلاقا من النتائج المتقدمة التي يحققها مخرجونا الشباب في كل دورة من دورات المهرجان الست، فانه بالقدر الذي يحرص فيه هؤلاء الشباب على شرف المشاركة في هذا المهرجان الذي أصبح بمثابة التعويذة لهم، فان إدارة المهرجان حريصة بالقدر نفسه على هذه المشاركة التي صار لها مذاقا خاصا في المهرجان.. ومع وجود شخصية سينمائية مثل مدير المهرجان الفني السينمائي والناقد الإماراتي مسعود أمر الله علي الذي يعده السينمائيون الخليجيون الشباب، الأب الروحي للسينما الإماراتية والخليجية الشابة، وكان له دور كبير في إشاعة وعي وذوق سينمائيين بين جيل من الشباب الخليجي.
ولا نغالي ان قلنا إن البعض من هؤلاء المخرجين أصاب تطورا كبيرا في أدواته ونضوج خبرته من خلال مشاركته في المهرجان.. وأشير هنا مثلا الى المخرج الشاب لؤي فاضل الذي شارك في أكثر من دورة ودورات المهرجان، انتهاءً مشاركته الأخيرة في النسخة السادسة من المهرجان بفيلمه (القطن) الذي يشير الى تطور كبير في منجزه الفني.. وهو الفيلم الذي لفت إليه انتباه نقاد وجمهور المهرجان، وتوج بجائزة أفضل مخرج في مسابقة الأفلام الخليجية القصيرة.
ومثل هذا التأثير للمهرجان يكاد ينسحب على مجمل منطقة الخليج على الرغم من وجود أكثر من مهرجان سينمائي دولي فيه ، ذلك إن المهرجان وهو المتخصص بحيز جغرافي وبهدف محدد ينحصر باكتشاف وتسليط الضوء على المواهب السينمائية الخليجية، أسهم بشكل كبير بان يكون قاعدة مهمة للانطلاق الى آفاق سينمائية أرحب .. ولعل بروز أسماء خليجية إن في مجال الإخراج أو التخصصات السينمائية الأخرى كان وبلاشك من معطف هذا المهرجان الذي اكتسب بدوره خبرة جيدة في التنظيم، وقد أتاح المهرجان فرصة كبيرة لبروز مواهب سينمائية واعدة.