لا أستطيع تصور أو فهم مشاعر الرئيس السوري، وهو يستمع لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجوردي، معلناً من دمشق تحديداً، عن تأييد بلاده لبقاء الأسد في منصبه، حتى انتهاء ولايته، باعتبار أن ذلك هو أفضل الخيارات، وكيف كان إحساسه بالمسؤولية، وبروجوردي يحدد ماذا سيكون عليه الحال بعد ذلك، وكيف فكر، والمسؤول الإيراني يكشف أن بعض دول الجوار السوري، تعمل على تشديد الاختلافات والأزمة في سوريا، وقتل الشعب السوري، حتى دون أن يكلف نفسه عناء التفكير، بالدور الإيراني العسكري في تعضيد نظام البعث، الذي كان كافراً في عراق صدام حسين، وبات اليوم قائد المعركة الإيمانية المقاومة الممانعة، في سوريا الأسد، وتبرعه بالإعلان أن "المجموعات الإرهابية" المسلحة في سوريا، باتت في وضع لا تحسد عليه.
بروجردي، وهو يتقمص في "قلب العروبة النابض"، شخصية رئيس لجنة الأمن القومي السوري، لم يجد غضاضة في أن يحدد أن البرنامج السياسي لحل الأزمة في سوريا، ما يستدعي حراكاً سياسياً دولياً، يواجه ما يقوم به أصدقاء سوريا، خاصةً أن لدى النظام الحاكم الكثير من الحلفاء والأصدقاء الحقيقيين، الذين يجب أن يجتمعوا علناً، ويعلنوا دعمهم لسورية الأسد، ضد الإرهاب المنظم، وتنظيم القاعدة، المدعومين من واشنطن، وبالطبع، وكما جرت العادة، لابد من استحضار "الكيان الصهيوني"، من حيث أنه يعمل على تأجيج الحرب في سوريا، ويدعم المسلحين فيها، وينفذ عمليات اغتيال للنخب والعلماء، ثم لم ينسى الإشارة إلى أن مسالة التفاهم والمصالحة مع المعارضة في سوريا، والاتجاه الى الحوار، هي سياسة جيدة، يمكن أن تخرج البلاد من التصادم المسلح، وقد ترسم مستقبلاً مبشراً لسوريا.
أطرف ما في الأمر، أن وزير الخارجية السوري، توهم بعد هذه التصريحات، أنه ما زال قادراً على رسم أو المشاركة في سياسات سوريا الخارجية، فتنطح للإعلان عن رفض السوريين كل أشكال التدخل الخارجي، وأنهم سيظلون بعيداً عن الارتهان الخارجي، سواء أكان أجنبيا أم عربياً، ويبدو مثيراً أن يتجرأ المعلم، على رفض كل أشكال التدخل الخارجي، في حضرة رجل أجنبي، وغير عربي، يحدد في عقر دار السوريين، إلى أي تاريخ يجب أن يظل الاسد رئيساً، وكيف بعده يجب على السوريين التصرف بمستقبل وطنهم، وفوق ذلك يؤكد أن انتصار النظام السوري، هو بمثابة انتصار للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكأن "حماة الديار" باتوا كتيبة فارسية، وكأنه بذلك يبرر مشاركة حزب الله اللبناني، المؤمن بولاية الفقيه، والتابع لطهران، في معارك قوات الأسد ضد الثوار السوريين.
الرئيس السوري، كما ينبغي القول، ليس استثناءً في عالمنا العربي، فالمؤلم أن كل حكامنا يعتمدون في بقائهم، واستمرار سلطتهم، على عوامل مساندة خارجية، ذلك أن واحداً منهم لم يصل إلى موقعه القيادي، بقرار من شعبه، ولأن واحداً منهم لا يستطيع المحافظة على موقعه، دون روافع خارجية، مدفوعة الثمن، سواء بالخضوع لسياسات لا طابع وطنياً لها، أو رهن ثروات بلاده لإنعاش اقتصاد الدول الداعمة لحكمه، بدل تطويبها لمصلحة مواطنيه، وهنا يبرز السؤال ليس فقط عن من يحكم سوريا، وإنما من يحكم كل قطر عربي، من المحيط إلى الخليج.