من دون أدنى شك نعتقد بأن جماهير برشلونة وريال مدريد الغريمين الأزليين لم تستفق حتى الآن من هول السقوط المذل لهؤلاء العملاقين الاسبانيين امام المدرسة الكروية الالمانية مركز القوى المقبلة لكرة القدم في العالم وهما يتذوقان مرّ الهزيمة من كأس بايرن ميونيخ ودورتموند اللذين لقنا هذين العملاقين دروساً قاسية كانا بحاجة لها منذ وقت ليس بالقصير عندما شغلا العالم في كل مكان بالانتدابات والاستقطابات واشعال الصفقات حتى اصبحت قلعتا الفريقين الكاتالوني والملكي مثل معسكرين يعيدان للذاكرة الحرب الباردة بين معسكريهما المتطلعين دوما للتسلح بأي ثمن.
لقد انشغل برشلونة وعدوه اللدود ريال مدريد بمعارك الصفقات إذ لم يمر يوم وإلا تتناقل الاخبار تحركات الطرفين للظفر بنيمار وغير نيمار والانشغال بقلق مغادرة ميسي ورونالدو لفريقيهما ومحاولات تجار الناديين ومن يقف على رأس الهرم في هذين الناديين وخصوصاً ريال مدريد الذي يتزعمه رجل اعمال يحسب مردودات الانتقال والبيع والإعارة ويراجع كشوفاته صباحا ومساءً في الوقت الذي تسير فيه كرة القدم الالمانية بخطوات ثابتة لتتزعم الكرة الأوروبية باستحقاق .. لماذا؟ لان الفرق الالمانية تصنع كرة قدم والمؤسسة الكروية الالمانية تعرف كيف تستقطب ليس اللاعبين فقط ، بل حتى المدربين الذين تجد فيهم قدرة صناعة مستقبل فيه قوى كروية جديدة مثلما يحصل الان في قلعتي بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند وغيرهما من الاندية الالمانية العملاقة بينما راحت قلعتا برشلونة وريال مدريد تتحصنان داخل قلعتين ومن خلف اسوارهما تشتعل حروب الصفقات والانتقالات القائمة على أسس سباق البيع والشراء فقط لكنهما لم يتوقعا ان يدفعا الثمن في أية لحظة وهذا الوقت قد حان لإعادة ترتيب الاوراق ومراجعة كشوفات المستقبل والتخلي عن حمى الصراع .. الصراع الذي امتد واشعل حتى جمهوري الفريقين في كل مكان من العالم الذي بات لا يعرف من كرة القدم سوى فرص تصفية الحسابات وانتظار سقوط الريال أو برشلونة.
لقد قدم دوري الابطال اسماءً لامعة في عالم التدريب وأسقط ما يُسمى باسطورة "السبيشال وان" هذا المصطلح الذي أطلقه مورينيو على نفسه ومن تلقاء نفسه بكونه المدرب المتفرد لكنه لم يتوقع للحظة بأن من اسقطه في ليلة سوداء سيبقى يتذكرها هو من يستحق هذا العنوان انه يورغن كلوب الذي قدم الى قلعة دورتموند عام 2008 وكان هذا الفريق العملاق في المركز الثالث عشر ثم جعله يستقر في المركز السابع بعد موسم ثم وضعه في المركز السادس بعد موسمين من قدومه ثم حصل معه على اللقب في الموسمين الماضيين.
كما على مورينيو ألا ينسى بأن من يستحق هذه التسمية التشيلي بلغريني الذي قاد ملقا الى المجد في دوري الابطال وغادره برأس مرفوعة عندما احرج دورتموند وكاد الاخير يودع البطولة لولا الهدف المتأخر في الثواني الاخيرة من إياب ربع النهائي على ملعب دورتموند وفي مباراة مثيرة حبس فيها بلغريني انفاس اكثر من 85 الف متفرج في ملعب مرعب قبل ان يحرز رجال يورغن كلوب الهدف الثالث الذي اثار جدلاً بعد ان تعرض حارس ملقا الى احتكاك قوي وشديد خرجت من بين يديه الكرة وتخطت خط المرمى بصعوبة بعد ما كانا متعادلين بهدفين لمثلهما.
الرجل العجوز السبعيني هاينكس قائد الفرقة البافارية الشديدة البأس هو الآخر يستحق ذلك اللقب وليس مدرباً كان بعيداً عن فريقه في تلك المباراة مجرداً من كل اشكال الانتماء للفريق الملكي وهو يلتصق بمقاعد الاحتياط خائر القوى يدفع ثمن الحروب التي كان لم يتورع في شنها على برشلونة وكأنه هو خصمه الوحيد.. تلك الحرب التي وجدت من يغذيها في معقل برشلونة الذي دفع هو الآخر ثمنها..هذا الثمن الذي سيفتح ابواب صفقات عرض البيع والاستغناء واسعة في الايام القليلة المقبلة ومن أبرز ضحاياها سانشيز وديفيد فيــا.
بقي أن نقول: إن جماهير الفريق الملكي التي تعيش الان غصة الخسارة المريرة التي تعرض لها افضل فريق في العالم تقبلت هذه الخسارة متأملة بان تسرع في رحيل هذا المدرب وكذلك الحال لجماهير برشلونة التي تنتظر الآن مَن يأخذ بيــد هذا الفريق العملاق لكي يستعيد توازنه وقوته وهيبته.
حرب كرة القدم
[post-views]
نشر في: 26 إبريل, 2013: 09:01 م