اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يا دولة الرئيس

يا دولة الرئيس

نشر في: 26 إبريل, 2013: 09:01 م

لدينا في العراق أزمة إرهاب، ولدينا حكومتك المنتخبة، حكومة نريد لها أن تقتل الإرهابي بعيداً عن المواطن، وأن لا تنخدع بخديعة الإرهابي الذي يلبس لباس المواطن، ويظهر في ميادين تظاهراته وساحات اعتصامه.. هذه خديعة ماكر، وعلى الحكومة -وهي المؤسسة التي تضم وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني وأجهزة الاستخبارات والمخابرات ومكافحة الإرهاب- أن تكون أكثر مكراً، فلديها القوة لتتصرف بروية وبأعصاب باردة وتتخذ قرارات أكثر هدوءاً وحكمة.
خيار استخدام الجيش عند أول تحد بمواجهة الجموع الهائجة هو خيار صدام والقذافي وحسني وبشار، ولا نريد أن يكون خيارك، لأنك لست أياً من هؤلاء، فأنت رئيس وزراء منتخب بشكل حر وحقيقي، وعندما يرتدي الرئيس المنتخب أسمال الرئيس المستبد، فهذه طعنة غدر بشعة في جسد الديمقراطية، ما يؤدي إلى خسارة فادحة لا يمكن مسامحتك عليها.
كيف خانتك الحكمة يا دولة الرئيس، فسمحت لقادة الجيش بأن ينوبوا عنك بحل أزمة هي سياسية في عمقها؟ الآن سِجلُ تاريخك يحمل وصمة عار لن تستطيع مسحها ما حييت، ففي عهدك وبسببك حدثت مجزرة حقيقية، قتلَ الجيشُ فيها ما يقرب من 50 مواطناً وجرح أكثر من مئة، ولا تقل لي إنهم إرهابيون، لأن هذا القول لم يعد مقنعاً، فلم يسقط في صفوف الجيش ليلة الاقتحام غير شهيد واحد أو أكثر بقليل، ما ينفي بشكل قاطع كون المعتصمين مسلحين ومستعدين للمواجهة، أو كونهم إرهابيين، فأنت تعلم، ونحن كذلك، طبيعة المعركة التي يكون أحد أطرافها إرهابيين.
سأكون صريحاً معك أكثر، في السابق كان الشيعة يقولون: أن حكم الأقلية السنية مارس جرائم بشعة بحقهم. جرائم وصلت حد المجازر، وأن حكمهم (الشيعة) سيكون أرحم. الآن أفرغت أنت هذا القول من محتواه، سلبت الشيعة هذا الامتياز، ساويت بين حكمهم وحكم صدام. سجونك مليئة بمن اعترفت أنت بأنهم أبرياء، وأصدرت أوامر بإطلاق سراحهم، والآن استخدمت الجيش ضد من تبين وثبت أنهم مدنيون، ولا نعلم ماذا ستفعل بعد ذلك!
لقد فشلت سيدي الرئيس، لقد وصمت جبين شيعة العراق بوصمة سوداء اتخذت وحدك قرارها، وحملتهم جميعاً مسؤوليتها، بالضبط كما حمل الشيعة، في وقت سابق، سنة العراق مسؤولية جرائم صدام. اليوم نحن بحاجة لتبرير هذا الفعل الإجرامي أمام الرأي العام العالمي، فماذا سنقول لهم؟ إذا قلنا لهم إن المجزرة يتحملها القادة الميدانيون، فهذا هو المبرر الذي رفعه صدام يوم اتهمناه بمجزرة الدجيل التي راح ضحيتها جموع من حزب الدعوة. وإذا كان ذلك مقنعاً فلماذا إذاً أعدمناه؟ وإذا قلنا لهم أن هذا الفعل يتحمله القائد العام للقوات المسلحة، فسنضطر لإعدام مستبد "شيعي" بعد أقل من عشر سنوات على إعدامنا لمستبد "سني"، ما يعني أن الطائفة الشيعية التي رفعت رايات الاضطهاد لعقود طويلة تحولت إلى ظالمة بمجرد أن تولت السلطة لعشر سنوات.. عشر سنوات لا أكثر يا سيدي الرئيس!! يا لها من خيبة أمل، ويا لها من خسارة ويا لها من لطخة سوداء بجبين ابيض بياض المضطهدين.
قبل سنوات كتبت مقالاً هجمت فيه على الصحفي السعودي طارق الحميد، لأنه انتقدك، فشعرت بالغيظ من كاتب يعيش في ظل نظام استبدادي، ومع ذلك يهاجم بكل وقاحة، رئيساً منتخباً بشكل ديمقراطي، وعبرت يومها عن نشوتي وأنا أراك تتوسط الزعماء العرب، السابقين، ووحدك المنتخب بينهم، بعد اليوم لن أدافع عنك.
الوقت لم يفت يا دولة الرئيس، ما تزال الأزمة في بدايتها، وما يزال أمامك متسع لتفويت الفرصة على قوى الإرهاب التي تحاول أن تفتح أبواب جهنم على العراق، الموضوع معقد.. صحيح، كلنا نعلم مقدار تعقيده، لكن ما حاجتنا للقائد إذا كانت أزماتنا بسيطة ومقدور عليها؟ اعتذر لأهل الضحايا بشكل واضح ومباشر، وأدعو السياسيين إلى تحمل المسؤولية معك، أشركهم في القرار الأمني، ادفعهم ليكونوا بينك وبين دماء الأبرياء، فيكون القرار متخذاً من قبل الجميع، اترك قادة العراقية والتحالف الكردستاني والتحالف الوطني يواجهون دقة القرار الأمني بمثل هذه الظروف، واطلب منهم أن يعالجوا الأزمة، فإذا نجحوا، كنت أنت أحد الرابحين، وإذا فشلوا كنت أنت الرابح الأكبر، وستكسب فرصة أن يتفهم الجميع تعقيدات مجزرة الحويجة. أدعوك بقلب محب إلى أن تسرع في إنقاذ نفسك وإنقاذنا معك، وتقبل فائق احترامي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 18

  1. المدقق

    واخيرا انخرطت مع من انخرط في وحل الغش والخداع .. حيث انك شبهت اكبر مجرم عرفه التاريخ الا وهو هدام عليه اللعنة ببطل كبير حافظ على وحدة العراق وسمح لك ولرؤسائك في الجريدة بالسير على مدى طولك ام انك نسيت ايام الطائفية البغيضة .. انا ادعوك انت ان تعود الى رشد

  2. نصير حيدر لازم

    وحق الحق قلت يا سعدون ما بقلبي .. حماك الله أيها الرائع

  3. شهيد الفتلاوي

    االسلام عليكم... اخي العزيز.. لا اعرف الى متى نبقى نلوم فقط، لأن احدنا قام بفعل نراه خاطئا.. قبل ان نلوم، لنرى ان كنا قد تعاونا مع بعضنا؟ ام اننا نترقب الآخرين ليخطئو ونكيل الكلمات واللوم عليهم، كل ما يحدث الان هو ليس وليد اللحظة، ان ما يحدث وما سوف يحدث

  4. خليل النعيمي

    والله ما يسمع نصيحتك ماطول الحبربش محاوطي

  5. د. علي الخطيب

    الاخ الفاضل سعدون المحترم مقال اكثر من رائع فكتبت نيابة عن كثير من المثقفين العراقيين وما يجول في داخلهم فعسى ان يطلع عليها المسؤول الدعوي الذي شوه حتى هذا الحزب المناضل الوحيد امام الدكتاتوريه المقيته التي كانت جاثمة على صدور العراقيين لعقود. خوفي هنا يذ

  6. عمار

    كل المعطيات التي افرزتها فترة الولاية الثانية للسيد المالكي تشير الى انه ليس صاحب قرار باتجاه الحل .وانماالعكس حيث ان الحكومة جاءت بأزمة اخذت من اجل حل أي ازمة تمر بها الى اللجوء لازمة اكبر من اجل نسيان الازمة الاولى. وليس حلها كل ذلك يدل على وجود برنام

  7. منتظر القيسي _العراق

    وصمت جبين الشيعة بوصمة عار كالتي وصم بها صدام جبين السنة!؟ومن الذي قال لك بأن عبدت الطاغية المقبور يعتبرون جرائمه تلك وصمات عار أذا كان رئيس منظمة تحت عنوان( العدالة الانتقالية) ما زال يصر على أن المقابر الجماعية هي نتيجة غدر أهل الجنوب بالجيش المنسحب من

  8. علاء

    يا ضمد اعرف الحقيقية كاملة ثم احكم كيفما شأت ... ان لم تعرف فلا تجلس محل القاضي وتصدر احكام الاعدام بحق من تولى الحكم من السني والشيعي ولاتكن متناقض في طرحك وتقارن بين المنتخب وبين من اتى وتسلط بأنقلاب دموي

  9. زيد هادي

    أولا أنا معجب كثيرا بالطرح الموضوعي لأغلب لقائاتك على قناة الحره...... المقال جميل جداً ولي تعقيب عليه قد يصل حد الرفض في بعض الجوانب مقاربتك للحويجه بالدجيل غير واقعيه فان الحكومتين الصداميه والمالكيه ادعت بان وجود إرهابيين في وسط المدينتين وقامت بالاعتد

  10. huda adam

    طبعا يصبح مستبد ﻻن الوزارات اﻻمنية كلها بيده وبعد ما ينطيها مثل صاحبه اللي حكم العراق بالحديد والنار اكثر من ثﻻثة عقود وها نحن اليوم تحكمنا الفوضى

  11. ضياء

    والله يا استاذ سعدون مع احترامي لك فكلامكك بعيد عن الواقعية .. لان امريكا خرجت من العراق والارهاب لازال موجود وأخرجت قواتها بسبب ارادات اهل الشعارات القومية الكلاسيكية من قبل اهل الارهاب واهل العمائم بكل محافظات العراق وهذا كان من مطالب محافظات التظاهرات

  12. saif

    ليتهم كلهم يفكرون مثلك ياسعدون

  13. حسين الطائي

    اصبت عين الصواب ابا غيث ، عسى رئيس الوزراء ان يجرب على الاقل ما اقترحت عليه لكن لا اعتقد ان الحاشية ستسمح بأن يقرأ المالكي ما كتبت لانه خطرا عليهم ولوجودهم فهم يخافون من يبدع او يحمل من الوطنية على الاقل شيء

  14. طه الزيدي

    الأستاذ محسن سعدون انا من قرائك الدئمين وشاء القدر ان اكون انا ممثل مكتب رئيس الوزراء في متابعة عملية الحويجة واريد ان اخبرك للتاريخ وليس لشيء اخر ان المعلومات التي سقتها في مقالك هذا ليست دقيقة ولا ذنب لك في هذا بال الذنب هو عدم توخي الدقة من قبل القنوات

  15. احمد الطائي

    كنت اكن لك الكثير من المحبه واحسن الظن بك وللاسف دخلت في دوامة فخري كريم وسرمد الطائي الذي نخجل منه وماكتبته في مقالتك يحمل الكثير من خلط الاوراق ولااعتقد انك بعيد عن الحقائق ومايحصل في ساحة الاعتصامات ومؤكد انك سمعت باخر افعالهم بقتل الجنود العزل ... اتق

  16. الصحغية كوثر الزبيدي

    اتفق معك يا زميلي سعدون, وجهة نظرك رائعة ومنطقية، اتمنى ان ياخذ بها ريئس الوزراء، ليجنب اﻻبرياء حربا أهلية جديدة لن يسلم منها هذه المرة أحد

  17. دعصام الفيلي

    مااروع المثقف حين يكون فارس من فرسان الحقيقة ويتعامل بكل تجرد من اي انتماء يكون انتماءه الانساني هو الاول مقال رائع لانسان شجاع سلمت اناملك ايها المبدع استاذ سعدون ومزيد من الابداع

  18. manal

    كلامك كله صح وعين العقل والله كتبت مابقلبي ..... بس منو يفهم بالبلد على فكره ياريت يقراه زميلك بقناة الحره فلاح الذهبي عسى ولعل يترك الواقه الزايده للدكتاتور الشيعي المهم اتمنى انك ماتتأذي من وراء هذا المقال او حتى ان تفقد عملك مثلا فهذا زمن حزب الدعوه ا

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram