استمعت صباح هذا اليوم، مرة أخرى، إلى خطاب المالكي الأخير الذي ألقاه بعد مأساة الحويجة. أرجو أن لا أكون مخطئا إن قلت إنها المرة الأولى التي أسمع بها الرجل يتوسل بالإعلاميين، طالبا منهم التدخل لوأد الفتنة. أنا واحد من هؤلاء الإعلاميين الذين حذروا مئات المرات، في هذه الصحيفة وغيرها، من نشوب المعارك الطائفية. كان المالكي أول من أغمض عينية وسد أذنيه فلم يقرأ ولم يسمع ما حذرناه منه.
يتناسى المالكي أن قواته الأمنية والعسكرية التي يدعي أنها توفر "العزة والكرامة" للشعب هي أول من أهان الإعلاميين يوم مظاهرات ساحة التحرير. وعندما خرج أربعة منهم على الهواء كاشفين أبشع وسائل التعذيب الجسدي والنفسي التي مورست ضدهم من قبل قواته، لم ينطق بكلمة واحدة حول ما حدث. لا أذكر بهذا من باب الشماتة. ما أريد قوله إن الإعلامي إذا استدرج للدفاع عن أخطاء الحاكم تحول إلى "كلب ينبح للسلطة" بحسب تعبير الشاعر كريم العراقي. فالعب غيرها يا "دولة"!
ليس عيبا أن يتوسل الحاكم بمثقفي الشعب وإعلامييهم لإنقاذ الوطن من الكوارث. لكن التوسل بغطرسة هو ضحك على الذقون. وغطرسة المالكي وصلت إلى حد انه لم يعترف بخطأ واحد من أخطائه التي بعدد شعر رأسه المصبوغ، بل ألقى باللائمة على الجميع مستثنيا نفسه ومستشاريه ومقربيه.
لم يتضمن خطابه قرارا واحدا ولا معلومة واحدة تكشف سر ما حدث في الحويجة بصدق وصراحة. ولم يحتو الخطاب كله على جملة واحدة مفيدة تطمئن الناس وتصد رياح تسونامي الحرب الأهلية. غريب أن يتصور رئيس حكومة أن الحرب الطائفية ستتوقف بمجرد خطاب على طريقة "عباد الله اتقوا الله". لم يكن ينقصه غير عمامة يعتمرها فيصبح خطيب صلاة جمعة بامتياز.
يحذرنا المالكي من خطر أن ندع الأمور بيد المتطرفين والجهلة، ولا أدري لمن يوجه تحذيره هذا؟ هل فينا من عيّن له مستشارا متطرفا أو جاهلا؟ و هل فتش "دولته" عن هذا الصنف بين الذين يحيطون به وينصحونه والذين كتبوا له خطابه الأخير؟
والله لا أدري هل أضحك أم أندب حظ هذا العراق المبتلى وأنا أستمع إليه وهو يقول "إني أشيد بكل من يطالب بحقه إن كان له حق مظلوم" ! .. صح النوم، فأنت رئيس وزراء تمتلك القرار وواجبك أن تعطي كل ذي حق حقه لا أن تشيد به أو تصفق له، لأن ذلك قد يكون من شأن الشعراء وليس من شأن رئيس الوزراء.
جميع التعليقات 3
المدقق
يبدو انك قد حلمت بان السيد المالكي قد جاء اليك متوسلا ان تخلصه من ورطته التي اوقع نفسه بها .. وقد استثمرت انت هذا الحلم ورحت تتعيقل على المالكي وترفض ان تخلصه من هذه الورطة ورحت تعيره بانه يصبغ شعره ونسيت انك ايضا تصبغ شعرك ... اسم الله اسم الله ها فزيت ؟
منير تركي
المستبد لايرى ولايسمع لكنه يتكلم وكلامه صراخ!!!!
خليلو...
لقد أسمعت لوناديت حيّاً ولكن لا حياء! لمن تنادي