عندما يصرح سياسي لامع كقائد بأن العراق في حالة فوضى ومتجه لحرب أهلية ويجاوبه أخر متضامناً بأن المفاوضات أذا ما فشلت فكل يختار طريقه. ويرد عليهم نجم سياسي ساطع بأن الملفات جاهزة وملوحاً بها.
ماذا ننتظر من الرأسمالي أو البرجوازي الصغير أو الكبير وهو الذي ما عرف عنه الاٌ صاحب مبادرة وجدوى اقتصادية ولكن غير مجازف ، عندما يسمع مثل هذه التصريحات من كبار القادة ، هل نعدّه متهرباً من التنمية ونسميه جباناً كرأسمال؟ على الأقل يعيد النظر بخطته الستراتيجية ويعتمد على قصير النفس والمدة من منها ويكون متهالكاً على الربح السريع ولعله أفضله هو بيع وشراء وتهريب العملة الصعبة، على اعتبار أننا سوق حرة وصندوق النقد الدولي من شروطه هو تعويم الدينار الذي يزداد سعر صرفه مع الأيام مواكباً زيادة الإنتاج والأسعار في عالم النفط الخام.
ولذلك يصبح القطاع التجاري باستيراده العشوائي هو سيد الموقف للمزيد من تبييض وغسيل الأموال من خلال قنواته المالية كما تجسدت بفلتة البنك المركزي التي وقى الله العباد شرها والتحقت بعالم اللجان التحقيقية. وكما يقول المثل العراقي ( الحمل حمل والشاص شاص ) .
فهذه الفخاخ في عالم اللجان لا يعني أنها انتهت بل دخلت في أرشيف أخر يأتي وقته. ولذلك يصبح عالم المال ملغماً بها.
فألغام السياسة كثيرة أبرزها مثلاً التعرفة الكمركية فلا حماية للناتج الوطني الأهلي أو الحكومة في ظل غيابها، لآن عالم الاستيراد العشوائي المهيمن سوف لا يتيح أي فرصة للزراعة أو الصناعة وهذه طبيعة الأمور وهو يكبر يومياً كماً ونوعاً فمن الناحية الكمية يتراكم عبر التضخم ونوعياً يمد أذراعه لأوسع مجال حيوي في عالم الساسة لتصبح مجرد شريك مريح في عالم العشوائيات الاستيرادية برديفها التبييض والغسيل للمال العام والخاص وهذه العشوائيات ارتبطت بها طردياً عشوائيات السكن المتورمة المتفاقمة بموجب الزيادة السكانية وإفرازات الربع الأفقر برغم المحاولات الخجولة في إنشاء سكن الفقراء .
وهذا ولاشك تفخيخ سياسي يسهل استعماله في المواسم والمناسبات ويشتغل لسهوله تعبئته بقناني العمل الميكافيلّي السائد.
والتفخيخ السياسي هو مواعيد البنى التحتية التي لا يمكن تصور قيام تنمية بدونها والتي لم يحدد لها سقف زمني وهذا يعني أن التنمية أصبحت نمواً يتدحرج مع التراخيص ويتراجع معها وأصبحت ورقة سياسية ضاغطة لها أثمان مكلفة في المقايضات والمساومات .
برغم أنها حجر الزاوية في التنمية ولكن التنازع لازال في انتظار من يفرش عباءته ليرفع كل واحد من طرفه ويضعونه في المكان المناسب ولكن لحد الآن حجرنا مطروح ولازلنا بدون قبلة تنموية توحدنا وهكذا الإحصاء السكاني والمحكمة الاتحادية وقانون الأحزاب والانتخابات والنفط والغاز فهذه المفخخات متى ينزع فتيلها فهي على الأقل اقتصادياً تشل أي تنمية أو استثمار وحصاد العشر سنوات شاهد شاخص على جميع الأصعدة بين المراوحة والتراجع والتقدم الكمي البسيط الخجول الريعي الممنهج .
في الختام سياستنا اقتصادنا وبالعكس لأنه وببساطة ليس لدينا اقتصاد أهلي بمجتمع مدني أو طبقة وسطى تمول الدولة بالضرائب وبما أننا مجتمع متنوع فلم تعد الشعارات القديمة والجديدة صالحة للاستعمال ما دامت متباعدة أما اثنيا أو طائفياً أو سياسياً لذلك ليس لنا غير اقتصادنا الذي حدد دور الحكومة المركزية في تسع فقرات بموجب الدستور المادة ( 110 ) الوحيدة الجامعة لأطراف البلد مع حوار يضع أمامه وحدة مبنية على أساس أهداف التنمية المستدامة. وتوزع باقي الأعمال الحكومية على المحافظات بنظام لا مركزي وتتكافأ الأطراف وكلكم من آدم وآدم من تراب. ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالوحدة الوطنية.