TOP

جريدة المدى > عام > القانون والمجتمع ودورهما في حماية المعاقين من الإساءة

القانون والمجتمع ودورهما في حماية المعاقين من الإساءة

نشر في: 28 إبريل, 2013: 09:01 م

تعرف الإساءة للمعاقين بأنها إهمال أو إغفال أي إجراء خاص بالشخص المعاق، سواء كان صحياً أو نفسياً أو اجتماعياً من فترة الحمل وبعد الولادة وأثناء مراحل النمو، وهي تشمل كل أذى يلحق بالمعاق بما يشكل له عقبة أمام نموه الجسدي والنفسي والاجتماعي، وتتكامل أدو

تعرف الإساءة للمعاقين بأنها إهمال أو إغفال أي إجراء خاص بالشخص المعاق، سواء كان صحياً أو نفسياً أو اجتماعياً من فترة الحمل وبعد الولادة وأثناء مراحل النمو، وهي تشمل كل أذى يلحق بالمعاق بما يشكل له عقبة أمام نموه الجسدي والنفسي والاجتماعي، وتتكامل أدوار مختلف الأجهزة والمؤسسات التربوية والمجتمعية من أجل توفير الحماية والأمان للمعاقين، وعلى رأسها جهاز الشرطة الذي يحول دون حصول الكثير من أنواع الإساءة لهذه الفئة وحمايتها من الاستغلال، وتوفير أسباب الحياة الآمنة والكريمة لها، والسهر على راحتها أسوة ببقية فئات المجتمع دون تمييز، إضافة إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحفظ كرامتهم التي ركزت على حمايتهم من مختلف أشكال الإساءة والاستغلال، وسنتطرق في هذا المقال إلى ثلاثة أشكال أساسية للإساءة التي يتعرض لها المعاقون:

أولاً: الإساءة البدنية Physical Abuse
رغم ما طرأ على المجتمعات المختلفة من تطور وتقدم خلال العصر الحالي، إلا أن الإساءة نحو المعاقين مازالت مستمرة وإن اتخذت صوراً ومظاهر مختلفة بعض الشيء، وغالباً ما يحدث ذلك في مجتمع يقبل العقاب البدني والقسوة كوسيلة لضبط السلوك، وتعتبر الإساءة البدنية من أكثر أنواع الإساءة شيوعاً نحو المعاقين،كما أنها أكثرها سهولة من حيث التعرف إليها، وذلك لأن علامات الاعتداء البدني تظهر واضحة على المعاق، وتعد منطقة الوجه واليدين من أكثر المناطق المستهدفة في عملية الإساءة البدنية.
وتشمل الإساءة البدنية استخدام العقاب البدني للمعاق، بواسطة شخص راشد مسؤول عن تربيته، أو تعليمه، بصورة متكررة ومقصودة، من خلال الضرب باليد أو الأدوات والعض والحرق أو شد الشعر، مما يسبب له أضراراً بدنية ونفسية .

ثانياً: الإساءة الانفعالية
Emotional Abuse
يحتاج الطفل في نموه الانفعالي إلى إشباع حاجات نفسية لديه، وقد تتأثر شخصيته بشكل كبير بما قد يصيب هذه الحاجات أو بعضها من إهمال أو حرمان، كما يتأثر النمو الانفعالي أيضاً بالأسلوب الذي يخدم تلك الحاجات، ومن أهم هذه الحاجات حاجة المعاق إلى التجاوب العاطفي، والطمأنينة.
وهناك عوامل رئيسية تحكم العلاقة بين الآباء وأبنائهم، أهمها الدعم العاطفي والدفء، وتفهم الرغبات والنظام، والديمقراطية والتفاهم. وهو ما يمكن أن نطلق عليه الأمن النفسي الانفعالي، الذي يتضمن ثلاثة أبعاد رئيسية وهي:
- شعور المعاق بأن الآخرين يتقبلونه ويحبونه، وبأنهم ينظرون إليه ويعاملونه في دفء ومودة.
- شعور المعاق بالأمن والاطمئنان وقلة الشعور بالخطر والتهديد والقلق.
- شعور المعاق بالانتماء وأن له مكاناً في الجماعة.
وتشمل الإساءة الانفعالية استخدام أساليب تربوية خاطئة من قبل الأسرة أو القائمين على تعليم المعاق ورعايته، تتسم بالعنف والصراخ المصحوب بالإيذاء اللفظي والخصومة المتكررة والتقليل من شأن المعاق، وكذلك يشمل الحماية الزائدة من قبل الآباء أو القائمين على تربيته، مع عدم احترام حاجات المعاق النفسية وأفكاره مما يسبب له أضراراً نفسية وبدنية.
ويتضح أن هذه الإساءة من الصعب اكتشافها، ولكن غالباً ما تكشف عنها آثارها اللاحقة، التي قد تعوق نمو الشخصية بشكل سوي، ولذلك فهي غالباً ما تشخص في السنوات اللاحقة لوقوع الإساءة.
إن الأشكال التربوية الخاطئة المتبعة مع المعاقين، والتي تتمثل في النقد المتواصل للمعاق والتجاهل العاطفي ووصفه بالقبح والغباء وعدم القدرة، كلها تزيد من شعوره بالدونية والنقص وتقوي شعوره بتدني مستوى الذات، كما أن استمرار الآباء في مواقفهم السلبية تجاه المعاق، وعدم تقديره، تجعله غالباً ما ينصرف عنهم ليبحث عن المودة والاهتمام في مكان آخر.

ثالثاً: الإساءة الجنسية
Sexual Abuse
تشير البحوث الحديثة في العلوم السلوكية إلى أن الإساءة الجنسية للمعاق أصبحت أمراً مطروحاً في العديد من الثقافات، واللافت للنظر أن موضوع الإساءة الجنسية غالباً ما يرتبط بمشكلة تأخذ وقتاً قصيراً ولكنها تنتهي بصعوبات نفسية شديدة بعيدة المدى على شخصية المعاق.
وتشمل هذه الإساءة تعرض المعاق للمضايقة الجنسية من قبل شخص راشد، قد تكون بشكل مباشر كالاعتداء الجنسي الكامل، أو غير المباشر مثل الاحتكاك، والتحرش، التقبيل الجنسي، والتحريض على الجنس، وكذلك الألفاظ الجنسية مما يترك عليه آثاراً نفسية سيئة بعيدة المدى.
وقد ارتبطت هذه الإساءة بالعديد من العوامل التي أسهمت في زيادتها وانتشارها، لعل أهمها التفكك الأسرى والمشاكل الأسرية وانخفاض المستوى الاقتصادي الاجتماعي وبخاصة في الأماكن المزدحمة، وكذلك عدم تقبل الأسرة للطفل المعاق، وكذلك أسهمت المخدرات بشكل أو آخر في انتشار جرائم الجنس، وبخاصة في حالات الإدمان الشديد للآباء، ويعتبر خوف الأطفال الشديد من الحديث في موضوع الإساءة الجنسية كنتيجة لفقد العلاقة بين الأطفال والآباء عاملاً آخر يسهم في زيادة استمرار الإساءة الجنسية.
ويذكر أن المعاقين هم أكثر عرضة للتعرض لمختلف أنواع الإساءة والعدوان عليهم ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها:
- إن المعاق معتمد في كثير من أموره الحياتية على الآخرين، كمهارات الملبس واستخدام المرافق الصحية، الأمر الذي يجعله تحت سيطرتهم.
- عدم قدرة المعاقين ذهنياً على فهم معنى الإساءة عندما تحدث كالإساءة الجنسية.
- عدم قدرة بعض المعاقين عن الدفاع عن أنفسهم عند حدوث العدوان عليهم، كالمعاق جسدياً الذي لا يستطيع الهروب.
- عدم قدرة بعض المعاقين على التعرف إلى الجاني، كالمعاقين بصرياً، الأمر الذي يجعلهم عرضة للإيذاء.
- عدم تصديق المعاق عند محاولته للإخبار عما تعرض إليه من إساءة، واتهامه بأنه غير واعٍ أو ناقص الأهلية.
- خوف المعاق من العقاب وحرمانه من أمور كثيرة إذا أفصح للآخرين عن العقاب الذي يتعرض له.
- عدم قدرته على سماع ما يتحدث الآخرون عنه كالأصم، أو رؤية ما يجري حوله كالكفيف.
- قابلية المعاقين ذهنياً للاستدراج والإغراء بتوفير بعض الاحتياجات كالأطعمة والمال.
كل ذلك يحتم ضرورة حماية المعاقين من التعرض للإساءة بمختلف أنواعها وزيادة الإشراف والرقابة عليهم، عن طريق إشعار المعاق بالتقبل وتعويده على الصراحة بينه وبين والديه والتعبير عما يتعرض له من مواقف في حياته اليومية، إضافة إلى عدم تركه مع الغرباء، وتوعيته بالأمور المحظورة، وتقديم التوعية الوقائية الجنسية له حسب قدراته، وتنمية مهارات الدفاع عن الذات والوعي بمتغيرات المجتمع المحيط به، وهذه الأدوار تقع على عاتق الأسرة بالدرجة الأولى، جنباً إلى جنب مع ما تقوم به الأجهزة من توعية وإجراءات وقائية تحول دون وقوع مثل هذه الجرائم بحق المعاقين، إضافة إلى المراكز أو المؤسسات الملتحق بها المعاق، وتنتهي بالمسؤولية الجماعية لكل فرد من أفراد المجتمع بحماية هؤلاء الأفراد وتقديم المساعدة والعناية لهم أينما كانوا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مدخل لدراسة الوعي

شخصيات أغنت عصرنا .. المعمار الدنماركي أوتسن

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

في مديح الكُتب المملة

مقالات ذات صلة

في مديح الكُتب المملة
عام

في مديح الكُتب المملة

كه يلان محمدرحلة القراءة محفوفة بالعناويــــن المـــــــؤجلة مواجهتُها، ولايجدي نفعاً التسرعُ في فك مغاليقها.لأنَّ ذلك يتطلبُ مراناً، ونفساً طويلاً وتطبيعاً مع المواضيع التي تدرسها تلك الكُتــــب.لاشــكَّ إنَّ تذوق المعرفة يرافقه التشويق باستمرار،لكن الـــدروب إلى...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram