اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بوصلة لخطة اقتصادية

بوصلة لخطة اقتصادية

نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 05:26 م

المعادلة المزمنة في الفكر السياسي وحتى الفلسفي هي الدوران بين الأسود والأبيض والصح والخطأ وصولاً الى اشتراكية أم رأسمالية، مازالت متحكمة  في أغلب الرؤى الاقتصادية والاجتماعية. كما نلاحظ ذلك مثلاً في لقاء مع اقتصاديين معنيين بالشأن العام والخاص وأكاديميين هو ضبابية الرؤية وهذا من طبيعة الأمور.  في ظل تداعيات العملية السياسية اذ ان أطراف هذه العملية والتي بيدها مفاتيح الاقتصاد الرئيسية وهي المال العام (نفط ضرائب قطاع عام  .... الخ) لا تملك رؤية اقتصادية محددة.  وهذا شأن الإسلام السياسي لحد الآن في العالم العربي وبما أننا جزء من هذا الاتجاه فلا غرابة في ذلك.  لأن حركات الإسلام السياسي لا تمثل عموماً قوى الإنتاج ولا تملك عناصره.
فالمسألة ليس في تحويل القطاع العام إلى القطاع الخاص وينتهي الموضوع لأن هذه العملية ليس أمرا إداريا بل هي عملية تحويل مفصلية.  وهناك كثير من التجارب نجحت أو فشلت حسب تناسب توازنات القوى.    
حيث أن العقبات السياسية والمؤسسية هي الحاكمة في عملية التحول فالحكومات تتأثر كل من خصائصها وسياساتها بدرجة قوية بمصالح المجموعات الاقتصادية والسياسية المحلية.  وغير الراغبة في تعريض مصالحها للخطر بتطبيق سياسات مالية تدعم عملية التنمية على المدى البعيد  (د . عبد الرزاق الفارس  /  الحكومة والفقراء والأنفاق العام  ص 191). ويضيف أن الاتفاق التنموي كان دائماً أكثر عرضة للتخفيض في الحالات التي تمر فيها الايرادات العامة بأزمة.
لذلك فأي محاولة للتغيير بأي اتجاه لابد أن تكون من خلال قناة الحكومة المتأثرة بالقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية،  ولا ننسى في تجربتنا العراقية توضحت كثيراً هوية هذه القوى التي تدفع باتجاه لا تنموي على المدى البعيد.  بل تعتبر العملية التغييرية صالحة أو غير صالحة في ضوء جدواها الاقتصادية لمصالحهم.    
أما الذي يؤيد هذه العلاقة بين الحكومة ومؤسساتها من جهة وبين القطاع الخاص وعلاقاته السياسية والاجتماعية من جهة أخرى هو اتجاه عناصر السلطة للتزاوج والمصاهرة في عالم المال الخاص والعام ليصبح المال العام مجرد بقرة حلوب.  كما أن القطاع الخاص العراقي الآن يغلب عليه الجانب التجاري الخارجي أي الاستيراد وليس التصدير ولذلك تكون مصالحة مرتبطة بمصادر خارجية وتشكل مأوى مناسبا للرساميل المحولة إلى هناك ولذلك تأخرت كثيراً مشاريع التنمية التقليدية والمستدامة على جميع الأصعدة من صناعة النفط والطاقة والصناعة التقليدية والزراعة والثروة الحيوانية.  
ومظلة هذه العلامة بين قوى الداخل الاقتصادية والخارج هي العلاقة التي تأسست مع صندوق النقد الدولي الذي يحمي هذه التوجهات ولذلك نسمع بالسعي المحموم للانتماء إلى منظمة التجارة الدولية رديف النقد الدولي ووصفاته،  وما دام اقتصادنا الريعي مهيمناً وهو المطلوب.  
لذلك لا يمكن أن تكون لدينا بوصلة تحدد اتجاهاتنا التنموية في ظل هذه البنية التحتية للأفكار والضغوطات والتوازنات والعلاقات الا بالسعي التنموي الذي يؤسس لبنية تحتية كاملة يرتكز عليها الزراعي والصناعي العراقي ويفرض نفسه على الطفيليين في المؤسسات الرسمية وهذا حجر الأساس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: ليالي السعادة من هلسنكي إلى أبو ظبي

 علي حسين ظل السؤال الذي يشغل الفلاسفة عبر العصور هو :" كيف يمكننا أن نزيد حظوظنا من السعادة ؟". وكان سقراط يصر إن السؤال يجلب لنا الحقيقة وهذه الحقيقة هي التي ستدلنا على...
علي حسين

صناعة الوهم: قراءة في تصنيف التايمز لاهداف التنمية المستدامة

د. طلال ناظم الزهيري قبل أيام قليلة، صدر تقرير التايمز عن مساهمة الجامعات العالمية في السعي لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ومع ظهور نتائج التقرير، أذهلتنا بوادر الاحتفال بالتقدم الكبير الذي تحقق على...
د. طلال ناظم الزهيري

مشروعنا الوطني.. بين التكاملية والكماشات

ثامر الهيمص مشروعنا الوطني المستقبلي وخيارنا الاخير، بعد عالم النفط وريعيته التي عجزنا عن تسويقه محليا، اي بتصنيعه او لاستخدامه رافعة حقيقة للصناعة والزراعة منذ اكتشافة اي قبل قرن تقريبا. والان وصلنا لحلقته المفرغة...
ثامر الهيمص

ترمب يتقدَّم… الرجاء ربطُ الأحزمة

غسان شربل خرجَ جو بايدن من المبارزة مع دونالد ترمب جريحاً. خانَه العمر ومن عادتِه أن يفعل. خيانة في لحظة الذروةِ وأمام عشراتِ الملايين المسمَّرين أمامَ الشاشات. فشلَ بايدن في لعبِ دور الهداف. وفي...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram