TOP

جريدة المدى > سينما > المخرج جمال أمين والأفلام الروائية القصيرة

المخرج جمال أمين والأفلام الروائية القصيرة

نشر في: 1 مايو, 2013: 09:01 م

يعد المخرج العراقي المغترب جمال أمين صاحب تجربة مميزة بإخراج  الأفلام  الروائية القصيرة ، فقد خاض تجربة إخراج هذا النوع من الأفلام ، وحقق فيها نجاحا كبيرا ، بشهادة العديد من النقاد وكذلك بدليل الجوائز التي حازت عليها هذه الأفلام.واحد من أهم

يعد المخرج العراقي المغترب جمال أمين صاحب تجربة مميزة بإخراج  الأفلام  الروائية القصيرة ، فقد خاض تجربة إخراج هذا النوع من الأفلام ، وحقق فيها نجاحا كبيرا ، بشهادة العديد من النقاد وكذلك بدليل الجوائز التي حازت عليها هذه الأفلام.
واحد من أهم هذه الأفلام هو فيلم اللقالق ، الذي يعد من أهم الأفلام التي تناقش موضوع التعايش وتقبل الآخر في المجتمعات الغربية ، لاسيما الجيل الثاني من المغتربين .
جمال أمين ، استطاع خلال دقائق الفيلم القليلة ان يوصل رسالته الإنسانية الكبيرة من خلال مشهد واحد ، تجري أحداثه في احد المتنزهات العامة حيث يلتقي بطله محمد بصديقة طفولته الشابة ماري ، ويتضح من خلال حوار بسيط طول الفترة الزمنية التي تربطهما ، ويلمح جمال ومن خلال هذا الحوار ، الفارق والتمييز الذي يتعرض له الوافد ، فمحمد الذي يتمنى أن يصبح طيارا ، لم يستطع ان يحقق حلمه ، ويعمل الآن جزارا ، فيما صديقته ابنة البلد أصبحت معلمة في نفس المدرسة التي درسا فيها ، معا ، خلال سيرهما يعبران جسرا خشبيا أراد جميل من خلاله ان يؤكد صعوبة عبور هذا الجسر معا بسبب اختلاف الثقافات وعدم تقبل الآخر .
فتاة صغيرة تقود دراجة هوائية تصطدم بمحمد في منتصف الجسر ، فتسقط وتنعته بالغريب العفن ، فيرد عليها بكلمات نابية ، هنا استطاع جمال أمين أن يؤكد عدم الاندماج أو استحالة تحقيقه بشكل كامل ، إذ جعل محمد يرد على الفتاة الصغيرة بلغته الأم اللغة العربية.
صديقته تنحاز الى الفتاة الصغيرة وتطلب منه ان يعتذر لها ـ لكنه اخبرها إنكم تعلمون الجيل الجديد ، الكراهية لنا ، يشتد الجدل بينهما ، لكن النهاية شتائم يتبادلها الاثنان ، وكل بلغته ، وصوت اللقالق في الأعلى بدلالتها الواضحة كطيور مهاجرة .
جمال أمين أرسل ما أراد إرساله وبدقائق معدودة ، وبذلك استطاع ان يؤكد مقدرته على صناعة الفيلم الروائي القصير ، الذي يظن بعضهم انه سهل ، ولكنه في حقيقة الأمر أصعب بكثير من الفيلم الروائي الطويل ، لكون وقته مضغوط وبالتالي يجب على صانعه ان يقول كل ما يريد قوله في دقائق معدودات .
الفيلم الثاني القصير لجمال أمين هو قطع غيار ، يتحدث عن ثلاثة جنود كل من ديانة وقومية مختلفة ، اثنان منهما فقدا بصرهما والآخر أصيب بالجنون ، في معركة الانسحاب من الكويت ، وضرب القوات الأمريكية للجيش العراقي المنسحب بقنابل اليورانيوم الذي يذيب كل شيء .
في البداية يقول احد الجنود :" إن صدام حسين كان عادلا جدا ، فقد وزع الموت والقتل على كل البيوت العراقية بالتساوي " هذه هي ثيمة الفيلم التي أراد جمال أمين قولها ، وكذلك أراد ومن خلال بعض المشاهد الوثائقية للجيش العراقي المدمر أن يؤكد على هول الجريمة التي ارتكبها الأمريكيون ولم يجر الحديث عنها أو التطرق إليها سينمائيا بشكل كبير ومؤثر .
فيلم آخر هو فيلم حسن ، عن فنان تشكيلي ، غادر العراق في تسعينات القرن الماضي ، لكنه لم يستطع التآلف مع المكان ، ومهما رسم من لوحات فهي لا تشغله عن التفكير بوطنه .
مشهد مؤثر وذو دلالة عميقة ، اختزل فيه أمين كل الذي يمكن أن يقوله المغتربون ، لقطة متوسطة للفنان حسن ، وفي الخلف تبدو تلال السويد وبيتها بسقوفها ذات القرميد الأحمر ، المشهد يجعلك تشعر ان هذا الوجه بسحنته السمراء لا ينتمي لهذا المكان وثمة خط طويل يفصل بين مؤخرة رأسه وبين التلال البعيدة .
إذن المنفى لا يمكن ان يكون مكانا أليفا أبدا ، بل ان بعضهم يعتبره ضمن تصنيفات المكان الروائي ، بالمكان المعادي ، كالسجن ، المكان الذي ليس فيه بشر ، وغيرها من الأماكن .
وفي فيلم آخر هو صناع لحياة ، يختار جمال أمين ، مجموعة من الفنانين يعملون في مشغل واحد ، وينتمون الى جنسيات مختلفة ، بينهم عراقيين ، وكل ما يعملونه هو عمل لوحات تعني الجمال ، وأراد ان يؤكد هنا إن الجميع يمكن ان يتفق على صناعة الجمال ، ولا يمكن ان للجميع ان يتفقوا على القتل أو الخراب أو الدمار ، وبالتالي فان الحروب لابد ان تنتهي ، والدكتاتوريات  تنتهي لكن الجمال الذي يصنعه الإنسان يظل صامدا وباقيا .
من خلال هذه الأفلام وغيرها ، يؤكد جمال أمين  مقدرته العالية في  صناعة الفيلم الروائي القصير ، كنت أتمنى على جمال أمين أن يقيم ورش عمل للسينمائيين الشباب ، حتى يستفيدوا من خبرته في صنع هكذا نوع من الأفلام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إردوغان عن دعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح: "فرصة تاريخية"

ترامب: زيلينسكي غير مستعد للسلام

حكمان عراقيان لقيادة نهائي كأس آسيا للشباب في الصين

إيران تعلن الأحد المقبل أول أيام شهر رمضان

وزير الكهرباء الأسبق: استيراد الغاز من إيران أفضل الخيارات

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"بغداد تثور"... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير

أثار اهتمامي موضوع زوجات مقاتلي داعش فجسدت دور ربيعة

الفائزون في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي الدولي

مقالات ذات صلة

سينما

"بغداد تثور"... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير

قيس قاسم تطرح مُشاهدة "بغداد تثور" (2023)، للعراقي المقيم في النرويج كرار العزاوي، كغالبية الأفلام الوثائقية الراصدة حدثاً دراماتيكياً آنياً، السؤال الإشكالي نفسه: أينبغي التريّث والانتظار لتوثيقه، ريثما تنضج في ذهن السينمائي، المعني برصده،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram