من يتجرأ ويقدم على شراء آهة حرى معروضة للبيع ‘ أغامر بالقول : أن لا أحد .
ما من مرة سمعت أو قرأت ، أو شهدت حالة من حالات حرمان العراقي وعوزه وحاجته ، لا سيما المثقفين ، وعشاق الكلمة ، والأنقياء في مهنة البحث عن المتاعب ، إلا وتشفعت ببيت شعر للسياب : ما مر عام والعراق ليس فيه جوع ،، مطر مطر ، مطر.
ما من مرة لاحت لي حاجة الصحفي وعوزه حتى لا يكاد يجد ثمنا لدواء ، إلا وتحسست موضع ندبة في القلب ، بقايا جرح عميق الغور ، ورئيس التحرير – عليه ألف رحمة __يأمر بتخفيض المكافأة ( خمسة دنانير ) التي اقترحتها رئيسة القسم آنذاك ، العزيزة أمل الشرقي ، عن تحقيق طويل عريض أجريته في إصلاحية الأحداث
ليهمش على ورقة الصرف : يصرف ثلاثة دنانير.
ما الفائدة من تكرار العرضحال مرارا ، ما دام التهوين والحط من شأن الصحفي ، بالتجاهل والنبذ – ناهيك عن القتل – غدا شيمة في عرف أهل القرار ، وشطارة ، وإثبات ذات .
ليس اسم الزميل الصحفي الذي يحتاج لعلاج سريع ، والذي أضن باسمه تكريما له ، ونأيا بحالته عن مزاد التسول ، واستجداء شفقة .. أقول ليست حاجته الماسة للعلاج ، ولا خبر التبرع ومد يد المساعدة من هذا الصديق الوفي أو ذاك ، هو الذي نكأ الدملة ، وخز العين ووخز الضمير ، بل نكهة الذل والإذلال ، فليس مثل وجع الصدقة المعلنة على الملأ وجع ومهانة ، كما نثر الملح على جرح فاغر .
السؤال الجارح الذي لا بد منه . ماذا حصد العراقي الأعزل ، غير المدجج بحماية كيان ، أو مسنودا بكتلة ؟
وقد استبدل دكتاتورية سافرة ، بديكتاتوريات مقنعة ،
ليس جديدا ما سأورده باقتضاب عن ديمقراطية الكفار في بلد الضباب علما أن الحقوق فيه ليست مثالية ، كما في بعض بلدان أوروبا كالسويد وألمانيا .
الفرد ، المواطن أمانة في رقبة الدولة وفي حمايتها ، * يمنح المواطن – المعدم والشحيح الموارد –حين يبلغ الستين ( أو الخامسة والستين )، راتبا أسبوعيا يقيه ذل التسول والاستجداء * الدولة توفر سكنا لئلا ينام المواطن على الرصيف أو تحت الجسور ،( ثمة حالات فرديه استثنائية ، لا يقاس عليها ) * يراجع المواطن المستحق المعونة ، طبيب المنطقة ، ويحظى بالفحص والدواء مجانا . * يزور المستشفى لإجراء التحليلات والأشعة ، مجانا * يرقد في أسرة المستشفى ، مجانا ، يود لو طالت إقامته ليتمتع بالغذاء الصحي، ويتعاطى الدواء في مواعيده بإشراف ملائكة رحمة ، حالات التهاون لا تكاد تذكر قياسا لأعداد النزلاء . * المواصلات المحلية ، مجانا ، و... و...
فبم يعيرون العراقي المبتلى ؟؟ بقلة الصبر ؟؟ وبم يباهي أرباب السلطة ؟ بأعداد الصحف التي أربت على المئة ؟ بعدد الكيانات والفضائيات المتسرطنة التي تشظت كوباء خبيث ؟ بقدرة الفرد على الوقوف في ساحة عامة والهتاف بسقوط الحكومة دون أن يستوقفه رجل أمن ويسوقه _ دون محاكمة _ لمنصة الإعدام .
حاجة المواطن لدولة ترعاه وتحميه ليست بطرا ولا ترفا ولا منة ولا مكرمة ،، إنها حق له ، واجب الأداء .
أما أنت أيها الزميل الإعلامي الذي لم ألتق به ، والذي لا يشرفه المتاجرة بعوزه وحاجته ، وعرض حاله ، ما عليك إلا العض بنواجدك على موضع الألم ،، وإياك أن تصرخ بوجه من يتفرج على محنتك . بآهة.. آآآآآخ .
ويل للمتعففين
[post-views]
نشر في: 1 مايو, 2013: 08:01 م