ليس ثمة وقع قصدي في ممكنات المعرض الشخصي للفنان (محمود شبر) المقام على قاعة(حوار للفنون ببغداد-19 آذار/2013) ضمن فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية،حين تماهى مع عنوان( مذكرات رجل من مواليد/(1965غير التأشير والتأكيد على تثبيت مقاصد فعلية في مرامي تلك
ليس ثمة وقع قصدي في ممكنات المعرض الشخصي للفنان (محمود شبر) المقام على قاعة(حوار للفنون ببغداد-19 آذار/2013) ضمن فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية،حين تماهى مع عنوان( مذكرات رجل من مواليد/(1965غير التأشير والتأكيد على تثبيت مقاصد فعلية في مرامي تلك الصرخات اللونية و الاحتدامات الشكلية التي أوعز ببثها الفنان على سطوحه التصويرية بوهج زخم وافد ومتنام من مناجم براكين وعي محتدم،بل ملتهب هو الآخر جراء تداخل وتنامي تلك الذكريات بسطوة قسوتها الباذخة- السابحة في أتون اللون مرتكزا ونسقا دراميا تفرد في توضيح ملكات (محمود شبر) والذي لم تشفع معه كل محاولات الاحتماء بالطفولة و استمالة عوالمها و تتبع أغراءات نكوصها لدى من هم من طراز هذا الفنان الذي أحسبه يصرخ أكثر من كونه يرسم،وتلك مثابة صدق ودريئة للحفاظ على كل مكامن الجمال الذي راحت تنشده وتعزف على منواله أناشيد عزف صاخب،بل مدو وهادر في أماكن هي الأكثر صخبا وعنفا كما هي طبول الحرب التي أراد أن يوقفه (شبر) بالذكريات، وحين خذلته الحيله عبيرا بالصراخ،وجدت نفسه غارقا في لجج وحجج ألوان وعلاقات لم تأبه كثيرا بتتبع أي مسار أسلوبي سائد ومتبع غير صدى وصدق الرهان على دواخله التي أثمرت حشود هذه التلاقيات الوجدانية واللقى المشاعراتية التي أشتقها نقدا وتقريعا ابداعيا متميزا (محمود شبر)كي ينشر على حبالها أوجاع عذابات أناس ماتوا في الحرب- بخسا- ولم تمت معهم ذكريات الرسام ورغباته في تخليد أرواحهم هكذا على سجية ذلك الحب والولع الهائم بمرح الطفولة وتيه براءتها التي أطلق لها (محمود) عنان روحه ذائبة-لائبة في أرشفة تأريخ آسى تلك الذكريات.
أتشمم-هنا- رائحة هذه الأبيات للشاعر الكبير(جواد الحطاب) في رهن ارتهانه لنفس جذوة ما أرد البوح به (شبر)- ربما- حين قال :
( جئنا نغسل أنفسنا بالنسيان
فأصيب النسيان.. بداء الذكرى ).
كي أستعيد أنفاس ومجسات هذا الرسام بنثيالات عطاءاته المدهشة الواثقة من وقع تنفيذ ملاحم مذكراته على هذا القدر من النشوة المرة وعلى هذا النحو من الأمتنان الواضح لبينانات مذاكرته، رغم ما (آثر من قطيعة طويلة ألقت به في النسيان،حتى معرضه الحالي/مذكرات رجل من مواليد .....) كما يشيرلذلك الفنان التشكيلي والناقد(د.عاصم عبد الأمير) في تلميحات كتابته لكلمة دليل المعرض مؤكدا وموحيا لمستلزمات هذا التعويض الضمني كالذي مارسه الفنان بعد فترات انقطاع،يعرف أسبابها من هم الأقرب- بحكم الجغرافية(محافظة/بابل)- الى واقع تلك القطيعة،التي أوصلت الى هذا الحد من تمديد مخاوفه بدلا من تبديدها عبر زخات مطر رعدية أسقت حقول تلوينات وموجزات شكلية وبلاغية لرسوم الاطفال التي تحدث عنها (هربرت ريد) في كتاب خاص حلل فيه دواعي ومسببات أهمية تلك الرسوم في حياة الاطفال و وثوقية الأعتماد في فهم وتحليل الشخصية .
تفيض رسومات (محمود شبر) بينابيع وعي مترامي لطبيعة مساعيه التنفيذية و شساعة ما يحمل من ملكات المخيلة وهضم قواعد الفهم مشفوعا بمبادىء التفكير الحر وفق مجريات تمتع حاذق يقوم باحتضان جوهر ومعنى قيمة اللحظة الحاضرة في ثنايا وتلافيف أفكاره المتصادمة بمجسات ذلك الوعي المرهون بطلاقة تعبيرية لا تشأ أن توهن أو تضعف في ضخ مكملات ثقة التعبير لاكمال لوازم مراميه التوضيحة لجمال ونقاء ما يصبو،بل أنه العكس قد يتمادى-أحيانا- في تفريط تلك القوة لصالح صدق ومهابة اللحظة التي تسكنه،متجاوزا اتباع محددات سطوة الأسلوب الواحد،مخترقا قوانين الانصياع لضوابط لم تعد تعينه في ترسيم حدود وعيه وأستمالات غاياته،وتلك مزية ابداعية لا يتمتع بها سوى من يؤمن ضمنا بنظرية قديم تعود الى زمن أرسطو طاليس تفيد بأن ؛ (القاعدة الذهبية... هي اللاقاعدة)،فليس ثمة من فعل مباشر كالحرب،وليس كالموت من فعل مجحف بحق الحياة،من هنا تساوقت مذكرات معرض (محمود شبر) وتسربت من منافذ بشاعة الحروب وجور نتائج الموت الطائش فيها ومن جراءها،وما أستخلاصات هذا العرض الحاني والمبهر الا تتابع حي لصدى صرخات مرئية تواجد فيه حتى حضور(الضوء الأسود)- أن صح التوصيف- في خلفيات ومحيطات العديد من لوحات المعرض التي تناغمت بوجود شخوص وعلاقات وأشياء تفاعلت مع متواليات ألوان (الاكريللك) بوهج وخفوت متقن يتفاعل هو الآخر تبعا لحالة الاستذكار وطبيعة الموقف الذي يريد فيه (محمود شبر) تأكيد حضوره، باطمئنان واضح لعمق ما يملك من موهبة ذات ملكات خاصة.