TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ناركيلة الكترونية

ناركيلة الكترونية

نشر في: 3 مايو, 2013: 09:01 م

نتيجة ضغط الأزمات السياسية وفي محاولة للابتعاد من الخطاب الاعلامي التحريضي لجأ العديد من الشباب الى تعاطي النارجيلة الالكترونية للحصول على الاسترخاء، واعطاء المخيلة فرصة التأمل بحرية لرسم تصورات وآمال مستقبلية.
للهروب من الواقع المضرب سياسيا وامنيا وسائل وأساليب كثيرة في المنطقة العربية، في مصر باللجوء للحشيشة، وفي بلدان أخرى يكون الخمر احد الوسائل المعتمدة لتحقيق هدف الهروب من الحاضر والتخلص من ملابساته ومشكلاته، وفي العراق قبل تنفيذ الحملة الايمانية كان العرك الزحلاوي وغيره من الانواع الاخرى خير منقذ للراغبين في الحصول على الانتعاش والاسترخاء، وبعد اغلاق البارات والملاهي الليلية، وتعرض شارع ابي نؤاس الى شبه انقراض، برزت ظاهرة الكبسلة واستنشاق السيكوتين، واضافة خمرة الخبز على عصير العنب للحصول على خمر يضاهي عرك هبب بفعاليته وتأثيره في جعل شاربه يغني جميع اطوار المقام والبستات القديمة.
وفرت الاسواق العراقية هذه الايام الناركيلات الالكترونية المستوردة، وجعلتها بتناول حتى صغار السن، وهذا الجيل هو الاخر له همومه ومتاعبه و معاناته من الاوضاع الراهنة، فقاعات الدرس خالية من المراوح، والساحات الرياضية معرضة لهجمات ارهابية، والقاعات والمقاهي هي الاخرى اصبحت اهدافا لمن يعتمد نظرية ايقاع اكبر الخسائر بالمدنيين لاسقاط الحكومة، وصاحب هذه النظرية يعلم جيدا ان بعض المسؤولين في المنطقة الخضراء لا تعنيهم الاحداث خارجها، وضميرهم الوطني المخلص تخصص باصدار بيانات الاستنكار والتنديد، وقد يلجأ بعضهم الى تدخين النركيلة اثناء متابعة فضائيته وهي تبث حديثا له يدعو فيه دول الجوار الى تبني مواقف داعمة للعملية السياسية في العراق، لضمان حفظ امن المنطقة، و"جيب تتن" لابو الفضائية.
بعيدا عن تأثير الازمة السياسية في تراجع وتردي الوضع الامني، بثت اذاعة دولية لمراسلها في بغداد تقريرا كشف فيه نساء عن عزوف ازواجهن عن اداء واجباتهم نتيجة اضطراب مزاجهم لتعرضهم لضغوط نفسية، جراء الاوضاع السياسية والامنية، وانشغالهم بالهموم اليومية، ودور الخطاب الاعلامي التحريضي في بروز مخاوفهم وقلقهم من احتمال عودة الاقتتال الطائفي والتهجير القسري، وهذا النموذج من الرجال لا تسعفه الناركيلة الالكترونية، ولا العرق من النوع المفرد المختوم.
شريط الاخبار يبث انباء على مقياس ريختر، ترفع ضغط دم المشاهدين، وبعضهم يضطر لوضع حبة تحت اللسان لتجنب الاصابة بالجلطة، واخرون يذهبون الى النوم مبكرين، استعدادا للنهوض في وقت مبكر لخوض جولة اجتياز السيطرات، وأنظارهم تترقب الطريق، ونبضات قلوبهم تتصاعد عندما يسمعون صوتا مدويا وعندما يكتشفون ان الصوت مصدره انفجار اطار سيارة، يستعيدون أنفاسهم، ويشكون أمرهم الى الله لإصابتهم بالخرعة حتى من انفجار نفاخة والناركيلة الالكترونية لا تسعف هؤلاء وتبدد مخاوفهم من أي صوت مرتفع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram