بعيداً عن الاتهامات الموجهة للسيد حسن نصر الله، من قبيل أنه ليس أكثر من ساعي بريد إقليمي أو مجرد بندقية للإيجار، فإن خطابه الأخير الذي كشف فيه أن استخدام سلاح المقاومة بات مباحاً ومؤكداً وشرعياً في سوريا للحفاظ على نظام الأسد، هذا الخطاب أكد انحراف وجهة سلاح المقاومة، التي طالما تم التغني بأنه موجه ضد إسرائيل، ليقوم بواجب "جهادي"، ويدخل الحزب العقائدي طرفاً في الحرب السورية، ويمنحها وجهاً طائفياً سافراً لا لبس فيه ولا غموض من جهة، وليؤكد التبعية المطلقة لنظام الولي الفقيه، والاستعداد للتضحية بلبنان دولةً وشعباً واستقراراً، كرمى لعيون السياسات الإيرانية.
يؤكد الخطاب أن نصر الله أدرك متأخراً أن نظام الأسد سقط سياسياً، وأنه على الصعيد العسكري بات محتاجاً لنصرة أصدقائه لمنع أو تأجيل سقوطه نهائياً، كما أدرك خطورة ذلك على مصالح حزبه ومرجعيته المذهبية والمالية والتسليحية، فأعلن جهاداً في غير موقعه، ولا سند شرعياً يدعمه، غير أنه يجد متنفساً من الناحية المذهبية والطائفية في أبشع صورها، وهي تلك التي تلوي عنق الحقائق لتكون مبرراً يستهدف مصالح لاعلاقة لها بالدين أو أصول المذهب، وهكذا يكون الواجب الجهادي بهدف عدم السماح بسقوط المصالح الحزبية، وبغض النظر عن تداعيات ذلك على منطقة لم تغمض فيها عين الطائفية وظلت تحت الرماد جمراً قابلاً للتوهج والاشتعال.
يرفع خطاب نصر الله مدماكاً جديداً على حائط الاتهامات المتبادلة بالسعي لتدمير سوريا، حين يصرح بأن جحافل جهادييه بقيادتهم الإيرانية في حمص وبجوار مرقد السيدة زينب لن تسمح بذلك، مع أن الواقع يقول إن كل المتصارعين على الأرض السورية يقومون بتدميرها، فقط لأن شعبها تأثر بمجريات ما يجري في الإقليم من تحولات وتجرأ على المطالبة بالإصلاح والديمقراطية والتعددية، ومع أن الواضح أن المصالح الإيرانية ومصالح حزب الله لن تعود كما كانت فقد تضررت بالتأكيد لأنه لن يكون بمقدور نظام الأسد إن لم يسقط أن يستمر كما كان خلال الأربعين سنة الماضية، بعد أن شارك بكل قوته وعناده في تدمير سوريا.
أكد خطاب نصرالله، بما هو تابع لولي الفقيه، عزم إيران على خوض معركة مذهبية ضد "التكفيريين والسلفيين والمتطرفين" على كامل امتداد جغرافيا بلاد الشام، وستجد مثل هذه الحرب صداها في كل أرجاء الإقليم، وتحت ذرائع مختلفة، وقد بدأت إرهاصات ذلك في العراق، وبتشجيع العديد من القوى الإقليمية، مثلما أكد أن حزبه لم يعد أكثر من فصيل متقدم للحرس الثوري الإيراني مستعد للتحرش بإسرائيل إن كانت مصلحة طهران تقتضي ذلك، مثلما هو مستعد لنقل "جهاده" إلى سوريا، أو أي مكان آخر، طالما كان ذلك نافعا للسياسات الإيرانية، وداعماً لها، والمؤكد أن نتائج كل ذلك لن تكون في صالح الحزب، الذي كان في قمة شعبيته، قبل أن يتحول إلى كيان منبوذ في محيطه، بمن في ذلك الكثير من أبناء الطائفة الشيعية، التي يزعم أنه المتحدث الوحيد باسمها.
بهدوء، نهمس في أذن السيد، لم يبق الكثير من الرصيد لديك، فاحرص على عدم تبذيره بالضد من مصالح حزبك، بمنطلقاته الأولى، وطائفتك الكريمة، التي ظلت على مدى تاريخها ذخراً للبنان.
بهدوء مع نصر الله
[post-views]
نشر في: 3 مايو, 2013: 09:01 م