لم يخف على أحد ان شعار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر الذي رفعه في حملته الانتخابية للدورة الجارية (اللعب النظيف لو سمحت) هي رسالة مبطنة تحمل معاني كثيرة في أجندة العجوز الماكر الذي استمكن بمقعد رئاسة أكبر مؤسسة كروية في العالم منذ أن ولجها عام 1975 مديراً لبرامج التطوير حتى تسلق قمة حُكمها، واحترف المناورة في دهاليزها مع حلفائه لفترة طويلة بما يضمن له تحقيق اهداف ستراتيجية مهمة تثبت اركانه وتسهم في بسط قوته على الاتحادات الأهلية في القارات الخمس.
لسنا ممن يركبون موجة التكهنات والإدعاء بكشف الحجاب عنهم ، لكن ما جرى في انتخابات الاتحاد الآسيوي في كوالالمبور لا يمت لشعار بلاتر أبداً ، بل دعوة مباشرة على رؤوس الاشهاد الكبار في الاتحادين الدولي والأوروبي الى رفع الحرج عن الانحياز والتضبيط والتدليس وكل مفردات اللعب الخفيف "غير النظيف" ما يضع كرة آسيا فعلاً تحت الشبهات ، ولا يمكن لأي منصف قارىء لسيناريو ( 33 ) صوتاً إلا أن يقرّ بذلك وينظر بريبة لمستقبل هذا الاتحاد بعد أصداء (الزلل) وليس (الزلزال) الذي حطم آخر سواتر الثقة بجنرالات إدارة الكرة في العالم.
انتصار ابن سلمان وسقوط السركال معادلة طبيعية تساوي مقدار جهد كل مرشح في الحصول على اكبر عدد من الاصوات ، ليس في الأمر شيء جديد ، لكن مشاطرة بلاتر تذمر رئيس المجلس الأولمبي احمد الفهد من تدخل رئيس الاتحاد السابق محمد بن همام في دعم يوسف السركال وتوجيه رسالة شديدة بعواقب وخيمة الى الاتحاد القطري لتذكير الاخير بانه ممنوع من مزاولة أي نشاط مرتبط بالاتحاد القاري هي الفضيحة بعينها بعدما اغمض العجوز السويسري عن رؤية تحركات الفهد في رواق فندق (مندرين) وداخل قاعة الانتخابات ومجاهرته بدعم المرشح البحريني ووضع جميع امكانيات المجلس الأولمبي الآسيوي تحت تصرفه وخدمته ليلاً ونهاراً بذريعة رئاسته الفخرية لاتحاد اللعبة في بلده وهي الصفة التي كان بامكان القطريين ان يمنحوها لابن بلدهم ولا يستطيع احد ان يتدخل في استقلالية شؤونهم طالما ان التحرك مرتبط بدعم مواطنهم حسن الذوادي المنافس على تنفيذية ( فيفا ) وهو السبب الوجيه الوحيد الذي دفع الفهد للتحرك بقوة لايقاف نشاط ابن همام ووجدها بلاتر ايضاً فرصة لإشباع رغباته من الانتقام بأثر رجعي.
لعل من السخرية بعد اليوم أن يخرج علينا رئيس الاتحاد الآسيوي الجديد ليطالب بتجسيد شعار حملته الانتخابية (آسيا موحدة) واحقاق العدل في شؤون اللعبة لجميع الاتحادات المنضوية له ، فكيف نرى لعباً نظيفاً بين منتخبين من دون مساومة على النتيجة وكبار قادة الاتحاد هم أول من خرقوا الحياد علناً ، مَن يجرؤ على اتهام حكم ما بتهمة التعاطف لصالح أحد الفريقين بعد أن رأى بأم عينه أسوأ مشاهد الاصطفاف وأبشع صنوف نكث العهود وطعون اللؤماء لشخصيات تتفاخر بقيادتها الحكيمة لكرة القارة الصفراء؟
أية شفافية هذه تريدون أن تلبسوها ثوب الاقناع ومصير العرب في غرب آسيا تمرغل في وحل الانشقاق والمؤامرة وطمر الرؤوس كالنعام ، هل بعد انتخابات كوالالمبور أمل يرتجى للعرب بعد ان أظهر اصدقاؤهم في شرق القارة أكثر شجاعة ووحدة وحكمة منهم في اختيار مرشحهم حتى لو جاء على ظهر فهد ؟!
معيبة حقاً ومخجلة ومدعاة للخيبة ان تتقلب عهود اتحاد الكرة العراقي في تصرّف ينم عن ضعف القرار وسوء التدبير وتبعية المصلحة ولهاث انفاس الكلمات في نصّ مشفـّر بالوعد سرعان ما تنقضه الرؤى السياسية لنعود أدراجنا نندب الحظ السيىء وندور في فلك تسول المواقف العربية لفك الحصار عن ملاعب بغداد بانتظار انتخابات أخرى يتوج بها صديق ليس حميماً من شرق آسيا يحسم ملفنا بالحجة والدليل ويتعامل مع مسؤولياته بعدالة من دون خضوعه لمكالمة هاتفية من شيطان الليل أو تلقيه وريقات مدسوسة أو مناكفات من صراع قديم، عندها نعلنها بشرف رفيع " أن الانضمام الى مجموعة شرق القارة أخير لنا من تجمّع لا طائل له غير المزيد من الخسائر في معارك المصير الكروي واحتراب الأنانيات لعلاقات خاوية ".
صفقة مندرين !
[post-views]
نشر في: 4 مايو, 2013: 09:01 م