علي القيسيقال لي : أقرأت عن المعلم "زيطة" صانع العاهات؟ أجبت: نعم وهل هي شخصية تُنسى؟! .تابع بهمس : يبدو ان زيطة- الذي بهر نجيب محفوظ بحيله فخلده بقصصه- اصبح تلميذاً صغيراً امام اسطوات فنون الكِدْية عندنا.. هذه التلميحات اطلقها جليسي ونحن في سيارة "الكيا" امس الاول.
وما إن انطلقت بنا من الباب الشرقي ونحن نجمع الاجرة بهدوء وروية حتى شق السكون صوت احد الركاب يعلن " ما عندي كروة اني مريض".رد السائق فوراً "واصل ولا يهمك". انبرى الرجل يشكو حاله البائس..بعد هنيهة هب عدد من الركاب يدفعون له ما تجود به اياديهم الكريمة..بدا لي ان الرجل متمرس ويجيد اللعبة بمهارة.. وشوش لي جليسي مرة اخرى : انه كذاب دائما يعمل هذه التمثيلية، فقد رأيته اكثر من مرة يخدع الناس بهذ الطريقة!.. ثم عقب: ان مثل هؤلاء يقطعون سبيل المعروف. وبعد، ليس هناك من حرفة نمت وانتعشت هذه الايام على الرغم من قسوة الظروف مثل "حرفة" التسول، التي تعددت فنونها وادواتها واساليبها حتى باتت تجارة وشطارة بتفوق، لتكون اسهل (سبوبة) للعيش. ولم تنفع خطط وبرامج وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحد منها، فهي مهنة بلا رأسمال ولا تلحق بصاحبها خسارة . اينما يممت وجهك سترى افواجا من المتسولين ومن فئات متنوعة ، نساء ورجالا ، اطفالا وشيوخا، اصحاء ومرضى، حتى شكل هؤلاء بكثرتهم الكاثرة ظاهرة ملفتة، ينبغي ان تنتبه اليها الجهات المسؤولة، من اجل وضع الحلول الكفيلة بالحد من هذا النشاط الكريه.وهذا الامر يتطلب جهود وتعاون وزارات ودوائر مختصة عديدة.. اذ ليس من المعقول وبعد استحداث شبكة الحماية الاجتماعية، وبرامج توزيع الرواتب للارامل والمطلقات والعاجزين والمشردين، ان يستفحل الامر بهذا الشكل الواسع، ليصبح لدينا جيش من الاطفال بعمر الزهور يتوسلون المارة عند اشارات المرور!!. ان هذا الجيش، الذي تمرّس الحيلة والخداع واستسهل الكسب السريع بطريقة تتضمن امتهانا لكرامة الانسان السوي، ولا تتحكم به منظومة القيم العامة، اظنه سيأكل المجتمع من داخله، كما تأكل الأرضة الخشب. هذه ظاهرة مرعبة تنطوي على نماذج كريهة قد تكون طعماً هيناً للارهاب ولشراذم المجرمين، والايام المقبلة تحمل مفاجآت من جيش المتسولين، الذي يحتل الشوارع والتقاطعات إن لم تكافحه الجهات المختصة.
كلام ابيض : المعلم "زيطة"
نشر في: 30 أكتوبر, 2009: 06:39 م