TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سيرة" واوي "

سيرة" واوي "

نشر في: 4 مايو, 2013: 09:01 م

رجل الأمن في النظام السابق وادي شنان موحان لم يعرفه أحد من أبناء قريته بإحدى المحافظات الجنوبية إلا باسمه الشائع "واوي ". مطلع عقد السبعينات ونتيجة فشله في الحصول على شهادة الدراسة الابتدائية انضم إلى قوى الأمن الداخلي (شرطي أمن) ، وفي هذا السلك تفجرت مواهبه بمراقبة أبناء عمومته وتقديم تقارير شفوية عن نشاطاتهم السياسية ، بوصفهم كانوا أعضاء في حزب  تعده السلطة وقتذاك عدوها اللدود . ونظراً لخدمات شرطي الأمن "واوي" في الحفاظ على الأمن القومي  وملاحقة وكشف أعداء الحزب  والثورة ، نال رضا مسؤوليه ، ولمعرفته الواسعة بجغرافيا منطقته تم "تطهيرها  من المخربين" ، وإثر ذلك حصل على رتبة مفوض ومنح  كل الصلاحيات بشن صولات ليلية على" حي الطرب " واعتقال الرجال والنساء وعازف الربابة والإيقاع بتهمة امتناعهم عن  غناء أبيات شعرية بطور السويحلي،  تخلو من الإشادة بالمنجزات ، على طريقة "حزب ثوري وهمة يعربية ".
 طوال سنوات خدمة "واوي " ازداد عدد ضحاياه لأنه كان السبب المباشر بزجهم في السجون ، وبعضهم  نال عقوبة الإعدام ، ولهذا السبب تعرض لأكثر من محاولة اغتيال من قبل أبناء عشيرته ، لكنه نجا منها بأعجوبة لحصوله على معلومات دقيقة من "واوية" آخرين تدربوا على يديه ، أخبروه بمحاولات  وخطط اغتياله وساعات صفر التنفيذ .
بعد انسحاب بقايا وحدات  الجيش العراقي من الكويت  واندلاع الانتفاضة ،  تصاعد نشاط  "واوي"،  وبجهوده  تم اعتقال آلاف الشباب ، ولم يستثن أحدا ، وعندما علم أبناء عشيرته بأنه جاء لاعتقالهم خاطبوه باسمه الصحيح على غير عادتهم مرددين أهزوجة تقول :" وادي الواكف بالميدان.. أمريكا احتارت " وعلى إيقاع الأهزوجة شعر بارتياح كبير لأن المديح سمعه زملاؤه من رجال الأمن ، وأحد هؤلاء، وكان مسؤولهم،  أبدى اعتراضه على الإشادة بالمفوض وادي وتجاهل دور القيادة الحكيمة في إحباط مخطط العدوان الثلاثيني ، واستجابة لطلب المسؤول ردد الحاضرون أهازيج أخرى  في  محاولة للتخلص من الاعتقال ، ولكن المحاولات باءت بالفشل  لأن تقارير واوي الشفوية لا تخضع للمساومة والتأجيل وعليها نال  ثلاثة أنواط شجاعة .
على الرغم من انتقال مفوض الأمن إلى مدينة أخرى لتفادي محاولات الاغتيال أو الاختطاف إثر صدور قرار عشائري بهدر دمه ، ترك واوي سلالة انتهجت سلوكه في الحفاظ على أمن السلطة ، وملاحقة أعدائها ، وخبرته في هذا المجال تصلح  لتكون دليل عمل للراغبين في خدمة أسيادهم على طريقة واوي المقيم حاليا في دولة أوروبية منحته اللجوء الإنساني لقناعتها بأن حياته كانت مهددة ، بوصفه كان احد قادة الأجهزة الأمنية .
المفوض واوي  انتهى به المطاف حاليا في بيت ريفي يقع على بحيرة واسعة ، يزاول هواية صيد السمك ، ويتلقى إعانة مالية شهرية ، وينتظر  حصوله على راتب تقاعدي ،  تدفعه الدولة العراقية لشموله بقرار  إحالة منتسبي الأجهزة الأمنية المنحلة إلى التقاعد ،  ومن  واجب الجهات المعنية  أن تنصفه وتقدم له  الاعتذار  والدعم المالي لحثه على كتابة مذكراته "سيرة واوي في ملاحقة  مثيري البلاوي "!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram