رجل الأمن في النظام السابق وادي شنان موحان لم يعرفه أحد من أبناء قريته بإحدى المحافظات الجنوبية إلا باسمه الشائع "واوي ". مطلع عقد السبعينات ونتيجة فشله في الحصول على شهادة الدراسة الابتدائية انضم إلى قوى الأمن الداخلي (شرطي أمن) ، وفي هذا السلك تفجرت مواهبه بمراقبة أبناء عمومته وتقديم تقارير شفوية عن نشاطاتهم السياسية ، بوصفهم كانوا أعضاء في حزب تعده السلطة وقتذاك عدوها اللدود . ونظراً لخدمات شرطي الأمن "واوي" في الحفاظ على الأمن القومي وملاحقة وكشف أعداء الحزب والثورة ، نال رضا مسؤوليه ، ولمعرفته الواسعة بجغرافيا منطقته تم "تطهيرها من المخربين" ، وإثر ذلك حصل على رتبة مفوض ومنح كل الصلاحيات بشن صولات ليلية على" حي الطرب " واعتقال الرجال والنساء وعازف الربابة والإيقاع بتهمة امتناعهم عن غناء أبيات شعرية بطور السويحلي، تخلو من الإشادة بالمنجزات ، على طريقة "حزب ثوري وهمة يعربية ".
طوال سنوات خدمة "واوي " ازداد عدد ضحاياه لأنه كان السبب المباشر بزجهم في السجون ، وبعضهم نال عقوبة الإعدام ، ولهذا السبب تعرض لأكثر من محاولة اغتيال من قبل أبناء عشيرته ، لكنه نجا منها بأعجوبة لحصوله على معلومات دقيقة من "واوية" آخرين تدربوا على يديه ، أخبروه بمحاولات وخطط اغتياله وساعات صفر التنفيذ .
بعد انسحاب بقايا وحدات الجيش العراقي من الكويت واندلاع الانتفاضة ، تصاعد نشاط "واوي"، وبجهوده تم اعتقال آلاف الشباب ، ولم يستثن أحدا ، وعندما علم أبناء عشيرته بأنه جاء لاعتقالهم خاطبوه باسمه الصحيح على غير عادتهم مرددين أهزوجة تقول :" وادي الواكف بالميدان.. أمريكا احتارت " وعلى إيقاع الأهزوجة شعر بارتياح كبير لأن المديح سمعه زملاؤه من رجال الأمن ، وأحد هؤلاء، وكان مسؤولهم، أبدى اعتراضه على الإشادة بالمفوض وادي وتجاهل دور القيادة الحكيمة في إحباط مخطط العدوان الثلاثيني ، واستجابة لطلب المسؤول ردد الحاضرون أهازيج أخرى في محاولة للتخلص من الاعتقال ، ولكن المحاولات باءت بالفشل لأن تقارير واوي الشفوية لا تخضع للمساومة والتأجيل وعليها نال ثلاثة أنواط شجاعة .
على الرغم من انتقال مفوض الأمن إلى مدينة أخرى لتفادي محاولات الاغتيال أو الاختطاف إثر صدور قرار عشائري بهدر دمه ، ترك واوي سلالة انتهجت سلوكه في الحفاظ على أمن السلطة ، وملاحقة أعدائها ، وخبرته في هذا المجال تصلح لتكون دليل عمل للراغبين في خدمة أسيادهم على طريقة واوي المقيم حاليا في دولة أوروبية منحته اللجوء الإنساني لقناعتها بأن حياته كانت مهددة ، بوصفه كان احد قادة الأجهزة الأمنية .
المفوض واوي انتهى به المطاف حاليا في بيت ريفي يقع على بحيرة واسعة ، يزاول هواية صيد السمك ، ويتلقى إعانة مالية شهرية ، وينتظر حصوله على راتب تقاعدي ، تدفعه الدولة العراقية لشموله بقرار إحالة منتسبي الأجهزة الأمنية المنحلة إلى التقاعد ، ومن واجب الجهات المعنية أن تنصفه وتقدم له الاعتذار والدعم المالي لحثه على كتابة مذكراته "سيرة واوي في ملاحقة مثيري البلاوي "!
سيرة" واوي "
[post-views]
نشر في: 4 مايو, 2013: 09:01 م