TOP

جريدة المدى > سينما > حكاية رباعي وتري في خريف العمر يضرب على وتر مثير للمشاعر

حكاية رباعي وتري في خريف العمر يضرب على وتر مثير للمشاعر

نشر في: 8 مايو, 2013: 09:01 م

أوبوس [ قطعة موسيقية ] بتهوفن 131، رباعيته الوترية رقم 14 في مقام سي شارب مينور، هي العمل الأطول ومن شبه المؤكد الأكثر تطلبا للبراعة ضمن الرباعيات المتأخرة للموسيقار. حركاتها السبع تؤدى بشكل أتاكّا [ طريقة موسيقية تستخدم للإيحاء بأن المقطع التالي سيت

أوبوس [ قطعة موسيقية ] بتهوفن 131، رباعيته الوترية رقم 14 في مقام سي شارب مينور، هي العمل الأطول ومن شبه المؤكد الأكثر تطلبا للبراعة ضمن الرباعيات المتأخرة للموسيقار. حركاتها السبع تؤدى بشكل أتاكّا [ طريقة موسيقية تستخدم للإيحاء بأن المقطع التالي سيتبع مباشرة ]، من دون وقفات بين الحركات. يُنكَر على المؤدين فرصة للعودة؛ على الجمهور فرصة للتقييم.
الفيلم الأول للمخرج يارون زيلبرمان يدور حول مجموعة نيويوركية من أربعة عازفين وتريين يدعون بـ ’’ ذي فوغ ‘‘، يشرعون في أداء الاوبوس 131، وتقريبا يفلحون في ذلك. هذا الرباعي هو أيضا متأخر، لكن بالمعنى الراحل الى حد بعيد: زمنهم جميعا ولّى، والعازفون إجمالا لم يدركوا ذلك بعد تماما. وللاستشهاد بسكيتش " الببغاء الميت " من " السيرك الطائر لمونتي بايثون " [ سكتشات تلفزيونية كوميدية بريطانية بدأت عام 1969 ]، هم رباعي سابق. ولم يكفوا عن أن يكونوا كذلك. شكّلوا حلقة أسفل الستارة وانضموا الى جوقة غير مرئية من منشدين، وهذا يمكن أن يكون عنوانا أنيقا لسيكويل [ تتمة].
أعضاء الفوغ  عزفوا معا لمدة 25 عاما، وهم أنفسهم لَعِبَ دورهم ممثلون بارعون في الموسيقى: فيليب سيمور هوفمان، كريستوفر والكن، كاثرين كينر ومارك ايفانير. روبرت ( هوفمان ) وجولييت ( كينر ) زوجان، يعزفان الفيولين [ كمنجة ] الثاني والفيولا [ كمان أوسط ] على التعاقب، دانييل ( ايفانير ) هو الفيولين الأول، متعجرف المجموعة والقائد الفعلي لها، وعضو المجموعة المؤسس بيتر ( والكن )، زوج أم جولييت، هو عازف الجلو. بعد ربع قرن من مواصلة مسيرة صعبة بهارمونية نسبية، بلغت الفوغ نقطة التلاشي، وإعصار صغير من عداوات، وتكتلات، ومرض وخيانات.
ناغَمَ زيلبرمان وسيناريو سيث غروسمان شخصيات الرباعية مع آلاتهم عبْر نقص في الرقة يقارب الوقاحة. جولييت، عازفة الفيولا، محددة بالعزف بطريقة إيقاعية مع زملائها الثلاثة، بينما بيتر، البراغماتي العنيد، يزوّد المجموعة بخط انطلاقها المميّز وكذلك بخطها الجهير [ الصوت العميق الخفيض]. ( اكتشافه انه في المراحل المبكرة من مرض الباركنسون هو ما يفقد الفوغ استقرارها ويضفي فاعلية على الدراما. )
في هذه الأثناء، روبرت، المشاكس، المتهوّر يشعر بأنه محجوبا على نحو دائم بظل دانييل الرصين، الهش. يمكنك القول، أنه تَعِب من لعب دور عازف الكمان الثاني – برغم ان الفيلم، على نحو رحيم، يتوقف لفترة قصيرة فقط عن فعل ذلك.
في الواقع، هذه المقارنات هي واضحة بشكل صارخ بحيث حتى الشخصيات على الشاشة لا يمكنها أن تتجاهلها. ابنة روبرت وجولييت آليكس ( ايموجين بوتس )، وهي نفسها عازفة كمان مُجيدة، تلفت انتباههم الى دانييل في منتصف الفيلم بدهشة ليست قليلة. مَن كان يعرف أن الحياة الواقعية يمكن ان تكون مكتوبة بهذه الدرجة؟
حسنٌ، " رباعي متأخر " يبدو حقا مكتوبا جدا: جوهريا هذا هو سوب اوبرا [ مسلسل اُسَرِيّ ] متوسط- الى- رفيع الثقافة، مع باطنيات حسنة الذوق على نحو مذهل وحواشي درامية كليلة تتضمنها. الشخصيات، مع ذلك، تفعل ما بوسعها للإبقاء على الإثارة. هوفمان، يحوّل مشكلتان سرديتان مدبرتان الى صورتين موجزتين دراميتن ، وبوتس ذات الثلاثة وعشرين عاما تؤدي مشاهدها بجِدّة وصدق، وتضفي على قصة حب نشأت متأخرة حيوية وجيشان أصيلان.
لكن الأفضل ربما من الجميع هو والكون، الذي تتاح له هنا فرصة نادرة وسارّة لممارسة قدراته: قبوله المخدَّر، على نحو بارع، لتشخيص الباركنسون، على سبيل المثال، هو مرعب. معظم الموسيقى مؤداة من قبل فرقة ’’ الرباعي الوتري برنتانو ‘‘، التي تلعب أحدى أعضائها، نينا لي، في الفيلم دورا ثانويا صغيرا لكنه حاسم.
يقع فيلم " رباعي متأخر " في قلب المركز لخط يمكن أن يربط بين فيلمين حديثين جدا، مختلفين جدا، حول موضوع الموسيقى الكلاسيكية وموضوع الفنائية: فيلم مايكل هانيكه المنتزع سعفة كان " آمور " وفيلم داستن هوفمان المرح " رباعية " ( كلاهما في عام 2010 ).
كما الابوس 131، يحوم هذا الفيلم بين اداجيو واليغرو، كآبة ومرح، مينور وميجور. هو ليس فنا عظيما، لكنه مصنوع على غرار فن عظيم، وثمة طرق أسوأ من ذلك لصنع فيلم.

عن صحيفة النيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram