TOP

جريدة المدى > سينما > التفاعلية التلفزيونية .. دراسة في الصراع الثقافي المعاصر

التفاعلية التلفزيونية .. دراسة في الصراع الثقافي المعاصر

نشر في: 8 مايو, 2013: 09:01 م

(2-2)إن النوع الذي تم ذكره سابقا هو النوع الفني والجمالي للعرض التلفزيوني التفاعلي ، وهنالك نوع تقني آخر من التفاعلية التلفزيونية وقد تمظهر من خلال التلفزيون عالي التقنية( ITV ) والذي ينتج عنه التلفزيون التفاعلي ، والتفاعلية التلفزيونية التقنية توفر

(2-2)
إن النوع الذي تم ذكره سابقا هو النوع الفني والجمالي للعرض التلفزيوني التفاعلي ، وهنالك نوع تقني آخر من التفاعلية التلفزيونية وقد تمظهر من خلال التلفزيون عالي التقنية( ITV ) والذي ينتج عنه التلفزيون التفاعلي ، والتفاعلية التلفزيونية التقنية توفر للمتلقي من خلال جهاز التحكم اليدوي للتلفزيون اختيار القنوات التي يريدها ، أو تأجيل مشاهدة برنامج ومشاهدته في إي وقت، والطريقة لا تتطلب منك سوى استعراض قائمة الخيارات في التلفزيون التفاعلي (  (ITV لتختار أخبار المساء ، إلا انك لا تريد مشاهدة الأخبار أولا ، بل تريد إن تعرف ما إذا كان الجو المكفهر سيتحسن أم لا فما عليك إلا ان تنقر على خيار الطقس في القائمة  ، وهذا الجانب التقني يبتعد كل البعد عن ماهية البحث المعنية بالبرامج التفاعلية التلفزيونية والبرامج المتماهية معها مثل برامج تلفزيون الواقع وتحديد تصنيفاتها وأبنيتها الدرامية والدلالية وجماليات الشكل الفني فيها.
ولا تقتصر التفاعلية على هذه الأنواع المهمة التي بينها البحث بل انفتحت على كل مجالات الانفوميديا فتداخلت مع الألعاب الالكترونية التي نشاهدها على الحواسيب مع شبكة المعلومات الدولية وكذلك انفتحت التفاعلية على العلوم المختلفة وطرق دراستها .
وقد شهد العقدان المنصرمان دعوات مناهضة لما تم طرحه .. تشتغل في تنظيرات بعد ما بعد الحداثة التي يدعي منظريها أنها أنهت حقبة ما بعد الحداثة الى غير رجعة ، ومن منظري هذه الطروحات الناقد الثقافي الانكليزي الن كيربي و الناقد والمفكر الأمريكي راؤول ايشلمان والأمريكي روبرت صاموئيل المحاضر في جامعة كاليفورنيا وآخرين في دول مختلفة ومن النقاد العرب العراقي الدكتور معن الطائي والفلسطينية الدكتورة أماني أبو رحمه في كتابهما المشترك الفضاءات القادمة الذي صدر عام 2011 عن دار أروقة للدراسات والنشر في القاهرة .
ويورد الدكتور معن الطائي وزميلته أماني أبو رحمة في كتابهما فصلا بعنوان الآلية الزائفة وهو عبارة عن دراسة لطروحات السيد الن كيربي في التفاعلية التلفزيونية التي بينها في مقالته المنشورة في العدد) 58) من مجلة الفلسفة البريطانية بعنوان (ما وراء موت ما بعد الحداثية)  عام 2006، يرى السيد ألن كيربي ، إن الحداثة التفاعلية حداثة زائفة لأنها " جعلت من فعل الفرد شرطاً ضرورياً للإنتاج الثقافي"(6) ، وهل جذب المتلقي إلى بنية الحدث بعد حداثة زائفة ، انه مسيرة سنين من التنظير الذي دعا إليه التفكيكي جاك دريدا وتنظيرات ما بعد الحداثة ونظريات التلقي بمختلف رجالاتها والتي توصلت بعد سنين من العمل الدؤوب وتسخير التكنولوجيا إلى إيجاد فسحة تفاعلية للمتلقي في بنية النص وكسر قدسية النص المنغلقة على ذات المؤلف سابقا والتي تجعل المتلقي ذاتا متأثرة فقط سواء بالتطهير الأرسطي أو غيره ، وكذلك يقول السيد كيربي : "أما الأخ الكبير(ويقصد به برنامج الأخ الأكبر (Big Brather  )الذي قدمته القناة الهولندية الأولى عام  1991 )  فهو نموذج مثالي لنصوص الحداثة الزائفة. فهو مثلا، لن يخرج إلى حيز الوجود إذا لم يتصل أحد من الجمهور للتصويت، وتبعا لذلك يصبح التصويت جزءاً من النصية المادية للبرنامج، بمعنى أن المتصلين من المشاهدين والمستمعين هم جزء من النصية المادية للبرنامج. وبالتأكيد فإن برنامج الأخ الكبير لن يكون إذا لم يتصل أحد بالبرنامج")7)، ومن الحداثة الزائفة في عمل يجعل من الجمهور جزءا منه، كونهم هنا جزءا مهيمنا وسائدا في بنية الصورة رغم عدم ظهورهم أحيانا وهي مغايرة للمألوف التي تسعى لها ماوراء الحداثة ، ثم يعود السيد كيربي في كتابه ليقول : " أن مصطلح التفاعلي (interactivity) غير مناسب هنا على الإطلاق لأنه لا يوجد تبادلية. كل ما هنالك هو أن المشاهد أو المستمع يدخل، ويكتب مقطعا من البرنامج، ثم يغادر عائدا إلى وضعه السلبي السابق "(8) ، وهذا الرأي للسيد كيربي يجافي الحقيقة لان المتلقي المشارك في بنية الحدث ايجابيا في فترة معينة يبقى متفاعلا حتى في فترة خروجه ، متفاعلا في التلقي فهو يتابع ماذا أضافت مشاركته ،هل غيرت في الأحداث هل غيرت في مستويات المشاركين ، ثم يبدأ بنسج مشاركة أخرى تتماهى مع التغيرات الجديدة ليدخل مرة أخرى مشاركا متفاعلا مؤثرا ومغيرا لسير الأحداث ، وهنا التفاعل يبقى ايجابيا على عكس الطرح السلبي للسيد كيربي .
وشهد العام 2009 تغيرات معرفية مهولة في أراء منظري بعد ما بعد الحداثة ، وعودة إلى السيد كيربي فقد نشر كتابه (الحداثية الرقمية: كيف فككت التكنولوجيا الجديدة ما بعد الحداثة وأعادت تشكيل الثقافة) والذي صدر عن دار كونتم للنشر ، فقد جاءت تصريحات مغايرة لما بينه في دراسته السابقة ، حيث نشر في كتابه مصطلح هو الحداثة الرقمية أو الحداثة الديجيتالية (digimodernism ) وقال عنها : " أنها بالمحصلة تأثير حوسبة(رقمنة) كل أشكال الفن، والثقافة، والنصية، إنها أيضا حقل القوة الثقافية المهيمن منذ أوائل القرن الحادي والعشرين"(9) ، وهنا نلاحظ تغيرا كبيرا عن آرائه السابقة وبقراءة جديدة بأنها من تجليات بعد ما بعد الحداثة ، جيل الرقمنة والدجيتال وال (السي جي آي) في السينما ، وهذا الكلام ينافي كلام السيد كيربي السابق ،فضلا عن انه من تنظيرات ما بعد الحداثة منذ سبعينات القرن المنصرم التي شهدت طروحات جاك دريدا ومن ثم فترة الثمانينات التي شهدت تنظيرات الانكليزي بوبي رابيد في الرواية التفاعلية بعد إن نشر روايته على الفضاء الافتراضي وجعل للجمهور دورا في إعادة تشكيل معماريتها وصولا إلى فترة التسعينات التي شهدت التفاعلية التلفزيونية في بنية شكل تلفزيونية مغايرة لكل ما هو مألوف سابقا .
الحقيقة إن الموضوعة شائكة وتبادل الطروحات قائم على قدم وساق من اجل إيجاد تنظيرات تؤسس لحقبة قادمة لها مخرجاتها الأدبية والفنية تمتلك فرادتها على مستوى الشكل والسرد واللغة بمختلف تنوعاتها إلا وهي نظرية بعد ما بعد الحداثة وتمظهراتها الحياتية المختلفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram