ما أبكاني فيلم بحرقة مثل "تايتانيك". أقول هذا وأنا الذي لم أترك فيلما هنديا في أيام المراهقة إلا وشاهدته أكثر من مرة، من "أم الهند" و "دو بدن" و"الخلخال الأخضر" إلى ما لا يعد من الأفلام الهندية التي تبكي الصخر حد النحيب.
كنت أنحب مع الناحبين على حال الهنود، لكن نحيبي على "تايتانيك" لم يكن على السفينة التي غرقت ولا على الحبيبة التي ثكلت ولا على الناس الذين غرقوا، بل بكيت أكثر على عازفي الكمان، خاصة قائدهم "والاس هارتلي"، الذي ظل يعزف حتى آخر لحظات غرقه. تذكرته صباح هذا اليوم وأنا أقرأ صدور تقرير علمي يثبت بان "الكمنجة"، التي ستعرض بالمزاد العلني قريبا، هي فعلا ذاتها التي كان يعزف عليها "هاترلي" يوم غرقه في 15 نيسان 1912.
رغبة، لا أعرف سر دافعها بالضبط، دفعتني لمشاهدة "تايتانيك" حتى قبل أن أفتح ريقي. إنها المرة الأولى التي أشاهد بها فيلما عند أول الصباح. جمال السفينة ووجوه الجميلات اللواتي على متنها ذكّرتني بجمال العراق وأهله قبل أن يبحر به صدام نحو الهاوية. وعندما دق ناقوس الخطر ونادى المنادي أن جبلا من الثلج قريب ستصدمه السفينة، انخمش قلبي.
سفينة العراق قريبة اليوم من جبل المعارك الطائفية، فاسترها يا رب. ربّان السفينة العراقية اليوم مثل كابتن "تايتاينك" الذي كان يلح على العاملين بأن يزيدوا النار حطبا. لقد أسرع بها نحو الموت الزؤام ولم يفق إلا بعد فوات الأوان. لو كان في طاقم قيادة السفينة من أوقف ذلك الكابتن المجنون عند حدّه لما وقعت القارعة. يا إلهي: أما من ذابّ يذبّ عن سفينة العراق ويوقف ربّانها الجديد عند حدّه قبل أن تتحطم عن آخرها؟
هاي هي "تايتانك" أمامي تغرق، وها هو "هارتلي" وفرقته يعزفون لحن أغنية "أتقرب إليك إلهي" وعيونهم صوب سماء الرب برجاء أن ينقذ السفينة ومن فيها. سفيتنا العراقية اليوم تحتاج إلى من يغنيها أيضا، فغنٍّ يا حسين نعمة. غنٍّ يا صديقي إذ ما زال لنا أمل بصوتك أن يطرد الشر، فلا تصمت مع الصامتين. ارفع رأسك نحو السماء كما فعل "هارتلي". ارفعه صوب نجمة العراق العالية بين النجوم ولا يصلها المستبد. لا لأنه عاجز أو منشغل بل لأنه لا يعرف طريقها مثلما تعرفه أنت والطيبون:
يا نجمة .. عونج يا دادة .. عونج يا نجمة
متعليه وتشوفين .. يا داده .. النوب، النوب، النوب
آنه بحلم لو يمر تاخذني فرحة عيد
انصب مراجح ودك .. لليل خلّه ايزيد
وما ريد جية الفجر خافن جفانه يعيد
يا نجمة ريت العشك ياخذنا مده ابعيد
ياخذنه مدّه ابعيد .. ياخذنه مدّه ابعيد ..
ياخذنه مدّه ابعييييييييييييييييييييد.
غنٍّ يا حسين نعمة
[post-views]
نشر في: 8 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 3
اماني
كم تمنيت ان يكرمنا رب العالمين الذي لا تعرفه انت وامثالك بان تراجع نفسك الذليله قبل ان تتطرق للاخرين القائمين على امر العراق اسيادك واسياد من هم على شاكلتك وان تترك الحسد وان كان لا غرابة في حسدك لان متسافل الدرجات يحسد من علا ليتك تفهم مااعني وهيهات لك
فارس الجامع
من الثابت تاريخيا ان ربان التيتانك من المشهود لهم بالخبرة والاناة والحكمه في القياده ولكن الحدث كان اكبر من امكاناته مما جعله يبدو فاقدا للارادة وبالتاكيد لم يكن مساهما باي شكل من الاشكال في صنع الحدث الماساوي مما يتعذر معه تشبيهه بربان سفينتنا التي توشك
بلاد الرافدين
بغض النظر عن مصدر الاجرام والقتل وان كان المسؤول عنه شياطين من السماء او شياطين من الارض من داخل العراق أو خارجه هل استطاعوا الاسياد الذين تفاخر بهم ان يحفظوا ارواح الشعب العراقي لماذا نمجد بهذه الحكومة رغم كل هذا الفشل الواضح, كما اننا ننتقد تمجيد النظام