في الوقت الذي أعلن فيه إن عام 2014 سيكون عاما للشاعر الكبير بدر شاكر السياب ، نجد إن الشاعر والرسام( سبتي الهيتي ) قد سبق هذه المناسبة وأقام معرضا خاصا عن السياب لمناسبة مرور 48 عاما على وفاته في المركز الثقافي البغدادي .سبتي الهيتي رسم السياب بأسالي

في الوقت الذي أعلن فيه إن عام 2014 سيكون عاما للشاعر الكبير بدر شاكر السياب ، نجد إن الشاعر والرسام( سبتي الهيتي ) قد سبق هذه المناسبة وأقام معرضا خاصا عن السياب لمناسبة مرور 48 عاما على وفاته في المركز الثقافي البغدادي .
سبتي الهيتي رسم السياب بأساليب متعددة ، ولم يقف عند أسلوب معين، ربما من اجل تقديم أكثر من وجهة نظر عن هذا الشاعر الكبير . فحاول بريشته ان يغوص في متاهات السياب ومعاناته . فرسمه في فراش المرض قبل رحيله ، ورسمه وهو يناجي شباك وفيقة الأزرق وشناشيلها الجميلة ، ورسمه في عنفوان شبابه حيث كانت قريحته الشعرية تطلق روائع القصائد التي كانت تحدث ضجة وجدلا في الأوساط الثقافية والشعرية خاصة.
الهيتي في هذا المعرض خطف شعر السياب في كثير من اللوحات . فمع الرسم تجد هناك أبياتا شعرية معبرة وموحية عن الحالة التي يبتغيها الرسام ... كذلك وظف الهيتي شعره في محاكاة السياب لإظهار مدى تأثره بالسياب وذلك واضح في القسم الثاني من المعرض الذي خصصه لاستبيان انعكاسات تأثير قصائد السياب على قصائد ورسم الهيتي .
كما حاول اغناء ذائقة المتلقي البصرية وتعويد الناس على ربط الحياة الثقافية مع الحياة الاجتماعية من خلال مجموعة كبيرة من اللوحات الفنية المفعمة بالألوان طغت عليها الألوان الحارة والباردة من الألوان الغامقة التي تعكس حالة الكآبة التي كان يمر بها السياب في حياته، لاسيما في علاقته بالنساء حيث كان يعتبر إن النساء في حديثهن إليه يعطفن عليه وليس يحبنه أو يعجبن به وبشعره ... وكذلك ألوانه الفاتحة التي تعبر عن حالة الأمل والتحدي التي كان عليها السياب وهو يواجه حالة المرض المقيت .
لقد اختار الهيتي الرسم عن السياب لأنه شاعر متميز وأول رواد الشعر الحديث ، وهو المتفوق بين أبناء جيله من الرواد كالبياتي ونازك الملائكة . إضافة الى ذلك إن السياب صاحب قضية هي عراقيته ودفاعه عن الفقراء حتى في أحلك الظروف وأصعبها .
وقدم الهيتي في معرضه غير لوحة فنية متباعدة في زمنها فهناك لوحة عن السياب رسمت في عام 2005 وأخرى رسمت في عام 2012 مما يعني انه وضع في باله إقامة معرض خاص عن السياب، وتراه يجمع لوحاته واحدة اثر أخرى وعندما اكتملت لديه الصورة عرضهن في معرض خاص هو الذي تناوله في موضوعنا هذا .
والهيتي رسام غير تجاري لا يبحث عن ربح أو بيع لوحة كي يستفيد منها ،بل هو يرسم لإرضاء ذائقته والتعبير عن هواجسه وخلجاته، ويجمع لوحاته في منزله محملا عائلته عبئا كبيرا ، وعيناه متجهتان نحو صوب ( متحف سبتي الهيتي ) الذي يزمع إقامته في مسقط رأسه ( هيت ) ، بعد ان منحه السيد رئيس الجمهورية قطعة الأرض لإنشاء المتحف عليها ، وهو ينتظر دعم الدولة في ذلك حتى تتحقق أمنيته في حياته وليس بعد مماته .. وقد أوصى الهيتي أولاده بأن لا يبيعوا لوحاته بل يحتفظون بها اعتزازا باعماله .
الهيتي رجل صهر عمره في بوتقة الفن والأدب ، وعاش كل لحظاته بين الألوان والكلمات والمعاني الممجدة للإنسان أنى يكون ؟ سبتي هذا العاشق المهذب كالفرسان لأنه بقية خميرة نقية لا لشيء إلا لإعادة نسغ الحياة ومن منطلقات نبيلة وراقية .