أكدت منظمة تابعة للأمم المتحدة إن الأمن الغذائي في العراق تحسن خلال العقد الماضي بعد انتهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، في حين بينت ان البطاقة التموينية تعد مهمة للفقراء وحذرت من أن إلغاءها يمكن أن يضيف ما نسبته 14 بالمئة إلى نسبة الـ 5.
أكدت منظمة تابعة للأمم المتحدة إن الأمن الغذائي في العراق تحسن خلال العقد الماضي بعد انتهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، في حين بينت ان البطاقة التموينية تعد مهمة للفقراء وحذرت من أن إلغاءها يمكن أن يضيف ما نسبته 14 بالمئة إلى نسبة الـ 5.7 بالمئة من العراقيين الذين يعانون من نقص غذائي. جاء ذلك في تقرير نشرته شبكة ايرين للتحليلات والأخبار الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ،واطلعت عليه المدى برس، تناولت فيه الوضع الغذائي في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين في نيسان عام 2003، مبينة ان الأمن الغذائي في العراق قد تحسن خلال العقد الماضي بعد رفع العقوبات الاقتصادية عقب الغزو الأميركي واستئناف العلاقات التجارية المفتوحة بينه وبقية دول العالم.
وذكرت الشبكة، إن الأمن الغذائي للعراق تعرض للمخاطر الناجمة عن عقدين من الحروب والعقوبات الاقتصادية التي حجبت تبادلاته التجارية الدولية ومنعته من تصدير النفط واستيراد سلع غذائية، مشيرة إلى أن هذه الحواجز قللت أيضاً من قدرات العراق على تحديث قطاعه الزراعي وجلب تكنولوجيا حديثة تعزز هذا القطاع إذ لم يستطع الإنتاج المحلي من سد الاحتياجات الغذائية المتزايدة للبلد.
وتابعت الشبكة إن معدل توافر الغذاء وسهولة الحصول عليه قد تحسن كثيراً مقارنة بسنوات الحصار الاقتصادي التي مر بها البلد، حتى خلال أكثر سنوات العنف الطائفي التي شهدتها البلاد. وذكرت الشبكة انه استناداً إلى إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو FAO)، فإنه خلال العام 1980 كانت نسبة الذين يعانون من نقص غذائي أو حرمان من العراقيين هي أربعة بالمئة فقط، لافتة إلى أن النقص الغذائي يعني تناول مواد غذائية دون المعدل الأدنى من السعرات الحرارية المطلوبة للإنسان في تغذيته اليومية، التي تعادل في العراق حاليا بـ 1,726 سعرة حرارية للشخص الواحد يومياً. وبينت الشبكة، بحسب تقريرها، أنه على الرغم من سنوات الحرب مع إيران خلال الثمانينات من القرن الماضي، فقد ساعد الدعم الغذائي واستيراد الأغذية من أميركا وأوروبا في الحفاظ على بقاء معدلات الحرمان الغذائي بمعدلات واطئة"، مستدركة "لكن بعد فرض العقوبات الاقتصادية على العراق في آب 1990 وتوقف الصادرات الغذائية والزراعية الذي كان يعتمد عليها البلد كثيراً، فقد شهد العراق ارتفاعاً بنسبة الحرمان الغذائي بين أبنائه لتصل إلى 15 بالمئة استناداً لإحصائيات منظمة الفاو FAO للأغذية والزراعة. وأوضحت المنظمة، إن النقص الغذائي بدأ بالتصاعد خلال حقبة التسعينات ووصل إلى أقصاه في نهاية التسعينات من القرن العشرين ، بحسب بعض الأرقام التي أشارت إلى تعرض ثلث الشعب العراقي للحرمان والنقص الغذائي، مؤكدة أن التجهيزات الغذائية الإنسانية التي وفرها برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء الذي بوشر به العام 1995، أسهمت في تخفيف حدة النقص الغذائي. وتابعت ايرين: انه استناداً إلى معلومات حكومية مع تقرير برنامج الغذاء الدولي التابع للأمم المتحدة WFP لعام 2006 فانه لحد مدة أواسط الألفية الثانية بقي نظام البطاقة التموينية الحكومي يمثل المصدر الغذائي الوحيد المهم لشريحة واسعة من الشعب العراقي والفقراء لتأمين احتياجاتهم الغذائية، مضيفة ان معدلات الحرمان الغذائي بدأت بالانخفاض مباشرة بعد بدايات العام 2000 وازداد هذا الانخفاض بعد إسقاط نظام صدام حسين في سنة 2003 وتمكن العراق مرة أخرى أن يستورد بحرية تامة ما يحتاجه من مواد غذائية.
ونقلت شبكة ايرين، عن أحد المراقبين قوله إن العراق في العقد الأخير شهد عملية تحول ضخمة جداً. وأوردت الشبكة، ان مسحاً أجراه برنامج الغذاء الدولي WFP التابع للأمم المتحدة، بعد أشهر من الغزو الأميركي سنة 2003، وجد أن 11 بالمئة من الشعب العراقي يفتقر إلى تأمين غذائي جيد ،مثلما سجل انخفاضاً كبيراً مقارنة بمعدلات الحرمان العالية التي سجلتها حقبة التسعينيات من القرن الماضي، مبينة أن ارتفاعاً سجل في نسبة الحرمان الغذائي وصل إلى 15.4 بالمئة بحسب مسح حكومي بالتعاون مع برنامج الغذاء الدولي أجري عام 2005 لكن هذا الرقم بدأ بالانخفاض تدريجيا بعد مدة وجيزة. وجاء في تقرير شبكة ايرين، أنه استناداً إلى إحصائيات مشتركة قامت بها الأمم المتحدة والحكومة العراقية من خلال مسح أجري العام 2007 وجد بأن 7.1 بالمئة من الشعب العراقي يعاني من حرمان غذائي، وقد انخفضت هذه النسبة إلى 5.7 بالمئة في العام 2011 استناداً إلى مسح قامت به شبكة المعرفة العراقية INK، بعد أن حققت الحكومة تحسناً في المجال الأمني والنمو الاقتصادي وزيادة في المساعدات الإنسانية. وأوردت الشبكة في تقريرها أيضاً، انه في الوقت الذي يذكر فيه العاملون على برنامج المعونات والبطاقة التموينية أن 60 بالمئة من الشعب العراقي كان يعتمد على هذه المعونات خلال حقبة صدام، فإن البطاقة التموينية تعتبر مهمة الآن بالنسبة للفقراء فقط.
واستنادا إلى مسح شبكة المعرفة العراقية IKN أجرته في العام 2012، قالت ايرين: إنه مع انخفاض قيمة مفردات البطاقة التموينية لمعظم العراقيين التي باتت تشكل ثمانية بالمئة فقط من مجموع ما تنفقه العائلة على مشترياتها الغذائية، فإنها تبقى كمصدر أساس لمادتي الطحين والرز، مشيرة الى أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID عدت البرنامج الغذائي المتبع في العراق والمعروف بالبطاقة التموينية الأكبر في العالم، حيث يوفر مواد غذائية رئيسة مجاناً لكل فرد عراقي بغض النظر إن كان فقيراً أو غنيا. وأكدت ايرين ان البطاقة التموينية تشكل مصدراً لثلث السعرات الحرارية التي يستهلكها العراقيون وأكثر من نصف السعرات الحرارية التي يستهلكها الفقراء من الشعب العراقي، ونقلت عن شبكة IKN أنه مع "وجود نسبة 5.7 بالمئة من الشعب العراقي حالياً يعانون من نقص غذائي فان 14 بالمئة أخرى ستضاف إلى العدد إذا انعدم وجود برنامج الدعم الغذائي المعروف بالبطاقة التموينية. ونقلت الشبكة عن مؤشر المسوحات المتعددة MICS الذي أجرته الحكومة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف UNICEF، أن "نسبة الأطفال دون الخامسة الذين يعانون من نقص في الوزن قد انخفض إلى النصف تقريباً أي من 15.9 بالمئة في العام 2000 إلى 8.5 بالمئة في العام 2012 المنصرم. وكما نقلت عن مدير برنامج الغذاء الدولي WFP في العراق، ادوارد كالون، قوله: إن العراق يواجه الآن تحديات جديدة في أمنه الغذائي، بضمنها ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً والفقر والتغيرات المناخية وتعرض الأراضي الزراعية للتصحر والجفاف. يذكر أن اللجنة الوطنية المسؤولة عن الأمن الغذائي أعلنت في، الثالث من كانون الأول 2012 أن نسبة الحرمان الغذائي في العراق انخفضت عما كانت عليه في العام 2007، وحذرت في تقرير سنوي خاص أعدته بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، من خطورة إلغاء البطاقة التموينية ورفع نسبة الحرمان بين الشعب العراقي، مبينة أن إلغائها سيؤدي إلى حرمان 50 بالمئة من الشعب العراقي المعتمدين على مفرداتها، مؤكدة إن هناك ثلاثة خيارات من أجل إصلاح البطاقة التموينية، أولها الاعتماد على المنتج المحلي لتوفير مفردات البطاقة التموينية، وثانيها توزيع المفردات وفقا لنظام البطاقة الإلكترونية، والخيار الثالث هو إبقاء مفردات البطاقة مع محاولة تحسينها خلال الفترة المقبلة. وقلصت وزارة التجارة في 2010، مفردات البطاقة إلى خمس مواد أساس هي الطحين، والرز، والسكر، والزيت، وحليب الأطفال، وأكدت أن باقي مفردات البطاقة التموينية التي يمكن شراؤها من الأسواق المحلية كالبقوليات والشاي ومسحوق الغسيل وحليب الكبار سيتم إلغاؤها. وأصدرت وزارة التخطيط في الـ27 من تشرين الثاني 2012 المنصرم)، تقريرا عن نسب الحرمان ومستوى الفقر في العراق، مؤكدا أن نسب الفقر تتجاوز حاجز الـ 30 بالمئة وأن أقل المحافظات حرمانا هي الأنبار وبغداد وكركوك والبصرة ومحافظات كردستان في حين أن أكثر المحافظات حرمانا هي ميسان والمثنى والقادسية وذي قار حيث بلغت نسبة المحرومين نحو خمسين بالمئة. وتشير التقديرات الحكومية إلى ان العراق صرف أكثر من 36 مليار دولار على مشروع البطاقة التموينية منذ العام 2003 ولحد العام 2012 المنصرم.
يذكر ان الكثير من العراقيين يعتمدون على ما تزوده بهم البطاقة التموينية في حياتهم اليومية منذ بدء الحصار الدولي على العراق في العام 1991، بعد غزوه الكويت وتقدر قيمة هذه المواد بالنسبة للفرد الواحد في السوق المحلية بنحو عشرة دولارات من دون احتساب حليب الأطفال، وذلك وفقا للأسعار في الفترة التي سبقت قرار إلغاء البطاقة، في حين يتم الحصول عليها عن طريق البطاقة التموينية بمبلغ (500) دينار فقط.