TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قناديل: ألا من مجاهدين يعلنون الحب شريعة لنا؟؟

قناديل: ألا من مجاهدين يعلنون الحب شريعة لنا؟؟

نشر في: 31 أكتوبر, 2009: 04:37 م

لطفية الدليميلماذا لاتقوم حركات مجتمع مدني لنشر المحبة؟ لماذا لا تؤسس جمعيات تعمم التسامح وتعلم الأجيال عشق الحياة والتغني بها بديل عشق الموت وتدمير الأرض ومن عليها؟؟ إن كل حدث ونشاط انساني على هذه الأرض، يحصل إما بفعل الحب او بفعل نقيضه :
الكراهية ومجمل ما أنتجته الحضارة الإنسانية في عصورها المتعاقبة قائم على حضور الحب أو غيابه،الغزوات والحروب والقتل والتعذيب والإغتصاب والنهب والتدمير وإرهاب المختلف، تغييب فعلي للحب ونفي للمحبة وإشهار للكراهية وأولها كراهية النفس القاتلة لنفسها.. الكتابة كأداء إنساني متسم بالجمال، تعني في أول تجلياتها إستحضارا للمحبة، فهي تعول على مثولنا في الحاضر - بأجسادنا وأوهامنا وظلالنا وتستدعي بالحب ما غاب وما تناءى عنا من أقانيم البهجة او مبررات الفرح او محفزات الحلم، تشكل جسد الوقت وتمنحه صورة مرئية وتجمل مادته وتزوده بالمعنى - بما هي خروج على الصمت والسكون وإستعادة لقدرات التخيل التي فقدناها عند أفول سحر الخرافة و الأسطورة حين تعقلن النص وتفلسف وتنأى عن الرؤى البدئية والتصورات الشعرية البكر عن أنفسنا وعالمنا.. يقول جيل دولوز (نحن لا نكتب إلا بفعل حب،وكل كتابة هي رسالة حب، وينبغي الا نموت إلا بفعل حب وليس ميتة تراجيدية، وينبغي الا نكتب الا بفعل هذا الموت،او نكف عن الكتابة إلا بفعل هذا الحب) داخل النصوص وفيما حولها في الهامش اليومي نعثر على صيغ الحب وأشكاله وحضوراته ونتلمس فيها صورة العصر وتحولات المجتمعات وسياسات الحكم ومكانة المرأة في الحب وتجليات الشغف في مثولها الوجودي، وحالات القمع والعسف التي تتعرض لها داخل نص الحياة المعيش وضمن النص المدون.. الشعر يقود خطى (الحب) في متاهة الأمكنة وتقلبات الزمان، يعلمه النطق ويشهر بين تشوقاته الموسيقى والغناء ووهجات الفن، وبالشعر يتوسل الحب بلوغ مراميه،وفي الميثولوجيا تتقرب ربات الحب الى المحبوب بترنيمات وأناشيد، فهذه عشتار تغوي دموزي (تموز) بالقصائد وتتضرع لكلكامش بالشعر والترتيلات، وتبارك الكاهنات والعرافات العشاق بإنشاد ترانيم وتعويذات.. الشعر- اللغة المفارقة لليومي والمترنحة عند تخوم السحر هي وسيلة الحب و إطاره الجمالي كما نجدها لدى التروبادور أولئك الشعراء الجوالون مثلما نجدها عند الفرسان والعشاق العذريين، وهم ينشدون أغانيهم تقدمات بين أيدي السيدات المعشوقات.. كان جهاد الفرسان والشعراء العظام في العصور السالفة مقرونا بالعشق والقيم الكبرى، وكانت فروسية الحب أن يسمو بالحياة فوق الدناءة والغل والثأر والكيد للآخر،و كان مجاهدو العصور الجميلة يفتدون الحب ويجبرون عثرات المنكودين، ويسقون الظِماء حصتهم من ماء الحياة. مجاهدو اليوم يوجهون جهادهم الزائف على فعل الإبادة و القتل وتدمير الجمال و كل شي ويعزز جهادهم الدموي كراهية الحياة والأحياء ويعملون كمندوبين دائمين للموت والخراب.. لوكا ن هؤلاء المتسربلون بعباءة الجهاد، يعرفون الله حقا لعرفوا أن الله محبة ولجاهدوا من أجل محبته بإدامة الحياة.. هل الكراهية أيسر أداء من الحب -كونها تهدم وتدمر بينما الحب بنّاء ومجدد ومغيّر للحياة؟؟ ما أتعس البشرية وهي عاجزة عن إجتراح المحبة و ما أتعس الإنسان في وحشة الكراهية؟؟ كل حروب الارض فعل كراهية للحاضر والغد،وكل ابداعات الإنسان من عمارة وموسيقى وتشكيل ورقص وغناء ونحت هي افعال حب مستقبلية، كل نص فاتن وكل قصيدة يرددها الناس هي نتاج حب للحياة والغد.. عجز الفرد عن رؤية الجمال أوتذوقه ينتج افعال عنف خطيرة تدمر المجتمعات ومن يفتقد الحرية غالبا مايعجز عن اتيان أفعال محبة وابداع،فالعبودية تنتج الكراهية والحقد ونزعات التدمير وكل انتحاري هو ضحية استعباد فكري وعقائدي، حوله من كائن سوي إلى قاتل من سكان المغاور والكهوف أو مسخه حيوانا ضاريا شريعته الدم والناب والمخلب وعقيدته غلبة الفناء والموت على البناءوالحياة.. الا من مجاهدين يعلنون الحب شريعة بين البشر؟؟ ألا من تظاهرة تجاهر بالمحبة وتعلي رايات الحياة في مدننا الجريحة؟؟ مرحى لمجاهدي المحبة القادمين حتما لمحو أحزاننا..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram