إذن فما قيل، على مدى أشهر عديدة متتابعة، من كلام في المؤتمرات الصحفية وعبر قنوات الاذاعة والتلفاز، وما طُيّرته وكالات الأنباء من أخبار وتصريحات وتقارير، وما اتخذ من إجراءات في بلادنا وفي روسيا، ومنها إقصاء مسؤولين كبار من مناصبهم .. هذا كله لم يكن سوى جعجعة بلا طحين.
قضية الأسلحة الروسية هي ما أعني، فقد قررت محكمة تحقيق النزاهة إغلاق ملف القضية "لعدم كفاية الأدلة". غريب! كيف إذن أقال الرئيس الروسي وزير دفاعه على خلفية هذه القضية؟ بالتأكيد هو فعل ذلك لأن أدلة توفرت لديه بان الوزير أو مساعدين له متورطين في القضية.
وللأمانة نقول إن الفساد في هذه القضية لم يصبح عملاً ناجزاً فالصفقة لم تُبرم، أو بالأحرى لم تلحق أن تُبرم، فانكشاف أمر الاتفاقات بين مسؤولين عراقيين وروس على تقاسم الـ "كوميشينات"، وهي بحدود 200 مليون دولار كما أعلن وقتها، هو الذي أبطل الصفقة. رئيس حكومتنا السيد نوري المالكي أعلن بعظمة لسانه ان وجود شبهات فساد هو ما دفعه لأبطال الصفقة، والنائب عن دولة القانون المقرب من المالكي والناطق باسمه أكثر من الناطقين الرسميين، عزت الشاهبندر، صرّح غير مرة بان المالكي كانت لديه معلومات بشأن الفساد في الصفقة قبل أن يتوجه الى موسكو، وانه تأكد هناك من ذلك فأمر بإلغاء الصفقة.
علاوة على ذلك فان الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ أقر بوجود فساد في الصفقة لكنه برأ نفسه منه، ومع هذا فانه استقال، طوعاً أو إرغاماً من منصبه. طيب لماذا استقال أو أقيل؟ وهل نتوقع الآن عودته سالماً غانماً الى منصبه بعد زوال الأسباب التي حملته على مغادرته؟.. واستطراداً، هل نتوقع أن يعتذر الرئيس الروسي الى وزير دفاعه السابق ويُعيده الى منصبه معززاً مكرماً وتعويضه برتبة أعلى؟
عدم كفاية الأدلة!.. أين توجد الأدلة؟ مَنْ يُمكنه أن يجعل الأدلة كافية لإدانة المتورطين؟ ليس أنا وليس من يقرأ هذه السطور ولا العامل في أمانة بغداد ولا الموظف في معبر طريبيل هم من يُمكن أن يتوافروا على الأدلة .. الأدلة لا توجد إلا لدى رئيس الوزراء ووزير الدفاع وبعض موظفي ديوانيهما وأعضاء اللجان التي تفاوضت مع الروس على الصفقة المقدرة قيمتها بأربعة مليارات دولار. هل نتوقع من هؤلاء أن يقدموا الأدلة التي تثبت تورط أي منهم في القضية؟
ثم إذا كان عدم كفاية الأدلة سببا كافياً لإغلاق ملف صفقة الأسلحة الروسية، لماذا لا يُغلق ملف اتهام محافظ البنك المركزي المقال الدكتور سنان الشبيبي وتُبطل الإجراءات التي اتخذت في حقه وحق زميلات وزملاء له لم يثبت أي دليل على الاتهامات التي وُجهت إليهم؟
ثمة سؤال منطقي آخر يثور في هذا الإطار: هل أغلق ملف الأسلحة الروسية لأنه يتعلق بأناس مقربين من رئيس الوزراء ومن مساعديه بينما لا يُغلق ملف سنان الشبيبي وزملائه وزميلاته لأنه يتعلق بأناس غير مقربين من رئيس الوزراء ومن مساعديه؟ من يجيبنا على هذا السؤال وما سبقه؟
عدم كفاية الأدلة!؟
[post-views]
نشر في: 10 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 4
الشمري فاروق
المالكي هو الذي يجيب غلى سؤالك هذا.....فعند المالكي الخبر اليقين لانه هو واحدا منهم!!!!!!
المدقق
عجيب امركم ايها الكتاب الاشاوس حين تجعلون من انفسكم عباقرة ومفكرون وعلماء في مختلف العلوم ولم تكتفوا بذلك فقد اصبحتم تشكلون حتى على القضاء وتطلبون منه تفسيرات عن قرارات اتخذها اناس متخصصون في عملهم ... انا هنا اريد ان اسألكم سؤالا وارجو منكم ان تجيبوا عل
محمد حمودي
اتعجب من بعض الاشخاص يتصورن ان العقل والفكر مرهون بالشهاده اخي العزيز المدقق ارجوك ان الفكر والثفافه لاتحتاج الى شهاده لو تعلم ان عباس محمود العقاد والروائي السوري حنا مينا يحملون الشهاده الابتدائيه وهناك كثير يحملون شهادة الدكتوراه ولايعرفورن الكلام اثنا
مواطن
ليست هذه المرة الاولى التي تغلق فيها المحاكم العراقية دعاوي الرشى والاختلاس والسرقات من المال العام ،فلم العجب ما دامت الأدلة غير كافية ، ماذا يفعل القاضي عندما لا يستطيع الحصول على الدليل ، فهو ليس ملكيا اكثر من الملك ، ثم ان الرجل لديه عائلة ويخشى عليه