يلتقي الفرنسيون الثلاثة بمديرة التحالف الفرنسي – الهندي الثقافي جير الدين التي تقنعهم بزيارة الهند للتجريب وإضافة أفكار جديدة لفنونهم وإبداعاتهم ..وعندما يفدون الى الهند تنكشف معاناتهم واضطراباتهم العاطفية بحدوث مواجهة بين الشرق والغرب واصطدام الثقافات التي تجعل الغربيين حذرين من كل شيء ..الغذاء ، الماء ، والتنقل في المدن ، ولهذا السبب يرافقهم دليل غامض وصامت ليحميهم من الاعتداءات في بومباي على الخصوص ..

في الجو الحار وشديد الرطوبة وبين أعداد السكان الهائلة يقضي الثلاثة عطلتهم الاستثنائية التي تستمر لبضعة أيام فقط لكنها تكفي لتملأ بها الروائية كاثرين كوسيه أكثر من 300 صفحة في روايتها الجديدة الصادرة عن دار غاليمار للنشر والتي تحمل عنوان (انديغو ) حيث تطلق أسرار شخصياتها أمام القارئ كشرارات الألعاب النارية وتدعوه الى التواجد بينهم لتغرقه مباشرة في حياتهم الشخصية بينما يبدأ كل واحد منهم بالبوح بآلامه وعذاباته إذ يبدو ان كلا منهم جاء الى الهند وهو يحمل فكرة في رأسه ..شارلوت ، المخرجة السينمائية على سبيل المثال فقدت صديقتها الأثيرة التي انتحرت وكانت من أصل هندي ..أما الفيلسوف رولان فقد جاء الى الهند ليبحث عن حب قديم عاشه مع فتاة هندية وهذا يعني انهم جاءوا الى الهند ليوقظوا مشاعر خامدة لديهم منذ زمن ،فتبين انهم إنما يبحثون عن السراب في بلد الغرائب ..ثالثهم الكاتب رافاييل هو الوحيد الذي يحمل نظرة صافية الى الأمور لذا جعل من رحلته مادة لإشباع فضوله من بلاد الهند المليئة بالألغاز ...

بهذه الطريقة تحرك الروائية كاثرين خيوط شخصياتها بإتقان ضمن كوميديا بشرية لاذعة معبرة عن تصادم الثقافات واضطراب المشاعر العاطفية وتواتر الخيبات والإخفاقات ..وتعيش كاثرين كوسيه خارج فرنسا وتعتبر المسافة التي تبعدها عنها ضرورية لتصوير شخصياتها بعمق اكبر وسلاسة تميزت بها كتبها ..اما عن روايتها (انديغو) فكان من الصعب ان تتخيل الكاتبة الهند دون ان ترى ألوانها وتشم روائحها وتسمع ضوضاء دلهي او بومباي ، لكن الموضوع هنا ليس الهند بحد ذاتها ..انها ليست سوى ديكور للأحداث، بينما تعكس الرواية عجز المرء عن العيش بسلام وسعادة ..وتتنقل شخصيات كوسيه هنا بين الواقع والخيال في حاضر يقودها بدون توقف الى الوراء لأنها لم تعد قادرة على العيش فيه دون معاناة ..

ولدت كاثرين كوسيه في عام 1963 في باريس من أب كاثوليكي بريتوني وأم باريسية وكانت مولعة بدراسة الأدب الكلاسيكي ثم قامت بتدريسه في جامعة يال مابين عامي 1991 و 2000قبل ان تتوقف عن مهنة التدريس لتخصص كل وقتها للكتابة ..وتعيش كوسيه حاليا في مانهاتن مع زوجها الأمريكي وابنتها بينما تقضي عطلتها الصيفية في فرنسا ..وأصدرت دار غاليمار للكاتبة كوسيه حتى الآن عشر روايات وواحدة صدرت عن دار نشر ميركور الفرنسية ومن رواياتها التي أدخلتها بقوة الى الوسط الأدبي الفرنسي (بكل براءة ) عام 1995 ،(إليك ) عام 1996 ،(متعة ) الصادرة عام 1997 ،(قضية جان ) عام 1999،التي باعت منها أكثر من 1200 نسخة ..ثم رواية (حقد العائلة ) الصادرة عام 2001 ..ورواية (عشاق مرتحلون ) الصادرة عام 2004..

وبعد صمت دام أربع سنوات ، استحقت كاثرين كوسيه جائزة غونكور للأساتذة الجامعيين عن روايتها (غد مشرق ) في عام 2008..ومازالت تواصل الكتابة والتألق الذي ستعززه روايتها الجديدة ( انديغو)...