من باب المزايدة الرخيصة المتهافتة، تأتي الدعوة الصادرة من أرخص دكان لتأجير البنادق، وهي تنطلق في تجارتها تحت اسم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"، الذي سرقته من تنظيم حكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش، حين تمرد عليه ضابط المخابرات السوري أحمد جبريل، مع ما لا يزيد عن حفنة من الزعران والبلطجية، ليقود تنظيماً اعتاد وامتهن تأجير بندقيته لكل من يدفع، ولم يكن آخرهم عقيد آخر زمن في ليبيا الذي لقي المصير الذي يستحق على يد شعبه، فجبريل يصطف مع نظام الأسد، وقد خاض معارك غير مشرفة في مخيم اليرموك، دفاعاً عن هذا النظام، مكرساً تبعيته التي تجلّت في قتاله الشرس ضد قوات الثورة الفلسطينية، حين حاول الأسد الأب سحقها في لبنان.
جبريل هذا الذي عرفته شوارع عمان في سبعينات القرن الماضي، مقاتلاً ضد كل الشرفاء الفلسطينيين، يدعو اليوم، بعد أن أعلن ولي نعمته، تحويل سوريا إلى دولة مقاومة، تابعة لحزب الله، التابع لقيادة ولي الفقيه في طهران، رداً على الغارة الإسرائيلية، التي دمرت الكثير من أسلحته الصاروخية، دون أن تواجه بطلقة واحدة من نظام المقاومة والممانعة، يدعو بصفاقة مدهشة، إلى ممارسة كل أنواع الضغط الشعبي على الأردن، لفتح الحدود مع فلسطين أمام المقاومين، وهو يحسب نفسه عليهم، وليس غريباً نشر دعوته من قبل وكالة الأنباء السورية، فدمشق اعتادت خوض معاركها من غير جبهتها مع "العدو الصهيوني"، وجبهة الجولان تصمت صمت القبور، منذ أكثر من أربعين عاماً، وكانت محرّمة، ويبدو أنها ما تزال على أي عربي يفكر بمناهضة الاحتلال، ويسعى لإقلاق راحته.
محترف مقاولات التبعية وتأجير البندقية لم يخجل من كشف هدف دعوته البائسة، فبيان جبهته يعتبر أن فتح جبهة الجولان، بعد غلقها لأكثر من أربعة عقود، يستدعي فتح كل الجبهات العربية أمام المقاومة الفلسطينية، والمقاومين العرب، وكأن أمة العرب تعمل بالريموت كونترول، وكانت جحافل مقاوميها تنتظر تكرم الأسد بالضغط عليه، لتهب هبة رجل واحد، فتقتحم حدود الهدنة، لتؤكد دعمها ومساندتها لقوى التحرر الشعبية السورية، في معركتها لتحرير الجولان، مع أن هذه القوى ماتزال في علم الغيب، وهي ليست أكثر من قرار اتخذه الأسد، ولم نتيقن إن كان جادا في تنفيذه، وهو يعرف عواقبه.
جبريل، الذي تخصصت مكاتبه في دمشق بتزوير جوازات السفر الأردنية، هو بالذات من حصل هذه الأيام على مقاولة استئناف العمليات الفدائية، على أن يتم ذلك من الجبهة الأردنية، والمدهش أن يتم تكليفه بالمهمة الجهادية، بعد شيخوخة غير صالحة لشخصه ولتنظيمه، واقتصار عملياته على إعلام متهالك تموله ايران، وعلى منح أنجاله ألقاباً قيادية ثورية، تعطيهم الفرصة للتشبيح والزعرنة، لم يخجل من البوح بكذبته الكبرى، عن استعداد أعضاء منظمته العاجزة، "للقيام بعمليات عسكرية على طريق تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها"، ولم يتوانى عن التصريح بولائه الحقيقي، حين أكد أن "سوريا تخوض اليوم معركة تاريخية فاصلة، في مواجهة العدوان الأميركي الصهيوني، وتدفع ضريبة مواقفها وتضحياتها من أجل فلسطين".
نعرف جيداً أن جبريل هذا، لن يجرؤ على إطلاق رصاصة من جبهة الجولان، خشية اتهام إسرائيل للنظام السوري بالوقوف خلفها، وما يستتبع ذلك من نتائج، وهو يتوهم في نفسه قوة على التسلل إلى الجبهة الأردنية، المنيعة والعصية على أمثاله من المتاجرين بقضية شعبهم المقدسة عند كل أردني، وله نقول إن ولي نعمته أعلن فتح الجولان أمام المقاتلين، ونحن ننتظر "مراجله" فيها بدل محاولات التنصل من "المقاومة" بذريعة غلق الجبهة الاردنية في وجه جحافله وفدائييه.
جبريل وكذبة المقاومة
[post-views]
نشر في: 12 مايو, 2013: 09:01 م