TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جبريل وكذبة المقاومة

جبريل وكذبة المقاومة

نشر في: 12 مايو, 2013: 09:01 م

من باب المزايدة الرخيصة المتهافتة، تأتي الدعوة الصادرة من أرخص دكان لتأجير البنادق، وهي تنطلق في تجارتها تحت اسم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"، الذي سرقته من تنظيم حكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش، حين تمرد عليه ضابط المخابرات السوري أحمد جبريل، مع ما لا يزيد عن حفنة من الزعران والبلطجية، ليقود تنظيماً اعتاد وامتهن تأجير بندقيته لكل من يدفع، ولم يكن آخرهم عقيد آخر زمن في ليبيا الذي لقي المصير الذي يستحق على يد شعبه، فجبريل يصطف مع نظام الأسد، وقد خاض معارك غير مشرفة في مخيم اليرموك، دفاعاً عن هذا النظام، مكرساً تبعيته التي تجلّت في قتاله الشرس ضد قوات الثورة الفلسطينية، حين حاول الأسد الأب سحقها في لبنان.
جبريل هذا الذي عرفته شوارع عمان في سبعينات القرن الماضي، مقاتلاً ضد كل الشرفاء الفلسطينيين، يدعو اليوم، بعد أن أعلن ولي نعمته، تحويل سوريا إلى دولة مقاومة، تابعة لحزب الله، التابع لقيادة ولي الفقيه في طهران، رداً على الغارة الإسرائيلية، التي دمرت الكثير من أسلحته الصاروخية، دون أن تواجه بطلقة واحدة من نظام المقاومة والممانعة، يدعو بصفاقة مدهشة، إلى ممارسة كل أنواع الضغط الشعبي على الأردن، لفتح الحدود مع فلسطين أمام المقاومين، وهو يحسب نفسه عليهم، وليس غريباً نشر دعوته من قبل وكالة الأنباء السورية، فدمشق اعتادت خوض معاركها من غير جبهتها مع "العدو الصهيوني"، وجبهة الجولان تصمت صمت القبور، منذ أكثر من أربعين عاماً، وكانت محرّمة، ويبدو أنها ما تزال على أي عربي يفكر بمناهضة الاحتلال، ويسعى لإقلاق راحته.
محترف مقاولات التبعية وتأجير البندقية لم يخجل من كشف هدف دعوته البائسة، فبيان جبهته يعتبر أن فتح جبهة الجولان، بعد غلقها لأكثر من أربعة عقود، يستدعي فتح كل الجبهات العربية أمام المقاومة الفلسطينية، والمقاومين العرب، وكأن أمة العرب تعمل بالريموت كونترول، وكانت جحافل مقاوميها تنتظر تكرم الأسد بالضغط عليه، لتهب هبة رجل واحد، فتقتحم حدود الهدنة، لتؤكد دعمها ومساندتها لقوى التحرر الشعبية السورية، في معركتها لتحرير الجولان، مع أن هذه القوى ماتزال في علم الغيب، وهي ليست أكثر من قرار اتخذه الأسد، ولم نتيقن إن كان جادا في تنفيذه، وهو يعرف عواقبه.
جبريل، الذي تخصصت مكاتبه في دمشق بتزوير جوازات السفر الأردنية، هو بالذات من حصل هذه الأيام على مقاولة استئناف العمليات الفدائية، على أن يتم ذلك من الجبهة الأردنية، والمدهش أن يتم تكليفه بالمهمة الجهادية، بعد شيخوخة غير صالحة لشخصه ولتنظيمه، واقتصار عملياته على إعلام متهالك تموله ايران، وعلى منح أنجاله ألقاباً قيادية ثورية، تعطيهم الفرصة للتشبيح والزعرنة، لم يخجل من البوح بكذبته الكبرى، عن استعداد أعضاء منظمته العاجزة، "للقيام بعمليات عسكرية على طريق تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها"، ولم يتوانى عن التصريح بولائه الحقيقي، حين أكد أن "سوريا تخوض اليوم معركة تاريخية فاصلة، في مواجهة العدوان الأميركي الصهيوني، وتدفع ضريبة مواقفها وتضحياتها من أجل فلسطين".
نعرف جيداً أن جبريل هذا، لن يجرؤ على إطلاق رصاصة  من جبهة الجولان، خشية اتهام إسرائيل للنظام السوري بالوقوف خلفها، وما يستتبع ذلك من نتائج، وهو يتوهم في نفسه قوة على التسلل إلى الجبهة الأردنية، المنيعة والعصية على أمثاله من المتاجرين بقضية شعبهم المقدسة عند كل أردني، وله نقول إن ولي نعمته أعلن فتح الجولان أمام المقاتلين، ونحن ننتظر "مراجله" فيها بدل محاولات التنصل من "المقاومة" بذريعة غلق الجبهة الاردنية في وجه جحافله وفدائييه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram