TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل أطاح بكم "سانت ليغو"؟

هل أطاح بكم "سانت ليغو"؟

نشر في: 12 مايو, 2013: 09:01 م

سانت ليغو (أو سانت لوغي كما وجدته في المصادر الأجنبية على انترنت)، أثار سخط عدد من الأحزاب النافذة. لكنه وصل مع زعيم ائتلاف دولة القانون إلى درجة من السخط جعلته يهجو النظام المفضل في اسكندنافيا، في مجلس عزاء آل الحكيم. الطريقة الأوروبية هذه تمنع أن يذهب صوتي الذي أمنحه لحزب صغير إلى مرشح خاسر في حزب كبير. والطريقة هذه تمثل أيضا ذريعة للمالكي كي يتهرب من الحقيقة.
السلطان شافاه الله من وعكته التي أفشاها الوزير الأديب، ظل مختفياً أو متخفياً منذ نحو أسبوع وتواريه منح الجميع هدوءا محمودا، وهو يبدو محبطا جدا من نتائج الاقتراع. لكنه لا يلقي باللائمة على سياساته الارتجالية العنيفة التي شجعت الناخب الشيعي على نسيان المالكي والإدلاء بصوته للمعتدلين، ورفعت أصوات الحكيم والصدر، بل يقول إن السبب في إحباطه وخسارته هو سانت ليغو!
السلطان انتهز فرصة اجتماع القادة لتأبين الراحل محمد باقر الحكيم، كي يمعن في انتقاد نظام الانتخابات الذي أقرّ برلمانياً بعد اقتراع ٢٠١٠. السيد المالكي تحدث عن نظام سانت ليغو بشهية "ابتلاع الأصوات". إنه يلاحق التيار المدني على بضعة آلاف صوت هنا وهناك. ونحن كناخبين مدنيين نطمع  وحسب أن يقوم سانت ليغو بحفظ أصواتنا ليصل اعتراض الطبقة المتعلمة المعتدلة وسط زعيق التخلف والطائفية الذي يهيمن على هيئاتنا الحاكمة.
إننا نتذكر معطيات اقتراعنا السابق بألم ونريد أن يفوز مرشحنا الذي يحصل على ١٠ آلاف صوت، بينما يطمع السلطان كما حصل في ٢٠١٠، أن يبتلع العشرة آلاف صوت المدنية ليضيفها إلى مرشح من أتباعه لم يحظ إلا بمئة صوت، فيخسر مدني منحناه ١٠ آلاف صوت، ويفوز خانع مصفق لزئير دبابات السلطان، بمئة صوت!
عذره الذي تحدث عنه في كلمته، أن هذا النظام "يفتت" الكتل الكبيرة و"يصعب" اتخاذ القرار. وقد تصح مبررات المالكي لو أنه جمع غالبية أصوات العراقيين وطمح  إلى أن يحتفظ بها ليسهل اتخاذ القرار ويقوم بتحسين حال الجمهور. لكنه بالكاد حصل على ٢٠ في المئة من التأييد في البلاد رغم كل ما حشد من إمكانات الدولة والأحزاب الأخرى الداخلة جديدا في حلفه. وسواء بقي سانت ليغو أم ألغي فإن حلم الأغلبية سيظل بعيد المنال، وهذا ما اتضح في ٤ عمليات اقتراع خاضها حزب الدعوة وغيره.
لكن السلطان يريد ابتلاع أصواتنا نحن الذين ندعم مرشحا مدنيا هنا وآخر مستقلا هناك .
إن شهية الابتلاع والقضم لا تعرف استراحة ولا هدوءا. لا تقنع بثمانين مقعداً تصفق لحركة الدبابات، وتريد التخلص من بضعة مقاعد مدنية يدرك المالكي أنها ستعارض خيارات التطرف والاستئثار، وتعارض تلك الأساليب القادمة من نزوات تاريخ مليء بالبلاهة وتفويت فرص التقدم.
والرجل معذور، إذ يعتقد في قرارة نفسه أن العراق كاد يختفي ويتبدد لولا ائتلاف دولة القانون (كما صرح في حفل الإعلان الرسمي)  ، كما يعتقد بالضبط أن "الدنيا ستنقلب" لو ذهب إلى الاستجواب البرلماني.
السلطان الذي هدأ أسبوعا، يقول لنا إنه لن يتوقف عن محاولة ابتلاع كل شيء. أصوات الناخب المدني، وصلاحيات شركائه، وأدوار وزرائه. ولن يتوقف عن مصادرة الدولة وتجييرها له. ولماذا يتوقف وهو يعتقد أن العراق باق ببركة كتلته و"حكمتها ووطنيتها". ولذلك وبدل أن يفسر خلال تأبين الحكيم، إصراره على سد أذنيه عن نصائح المرجعيات السياسية والدينية في البلاد، وبدل أن يفسر لنا سر تورطه غير المبرر من طوزخورماتو إلى الحويجة.. فإنه يطلب المزيد من الأرباح ويهجو السانت ليغو.
والقصة مشابهة في ربوع البلاد. وفي البصرة كما نقل لنا الأديب الفاضل طالب عبد العزيز في مقاله أمس، يقول بعض الناس أنهم يخشون استبدال قيادة دولة القانون بمرشح من الكتلة المنافسة (حكيم وصدر ومدنيين). ويردد هؤلاء أن المرشحين الجدد للمحافظة بلا خبرة إدارية. وكأن محافظي دولة القانون وقبل أن يتسلموا مفاتيح البصرة، كانوا يحكمون مستعمرات الهند الشرقية أو يديرون شؤون بلاد الصقالبة. بينما مثلوا في السنوات الماضية أسوأ إدارة لأكثر المدن ثراءً.
إن نوايا "الابتلاع" تمكنت من رأس الرجل، وهي تحول بينه وبين الصواب. وخارطة طريق الإصلاح ستبدأ من التذكر الدائم لهذه الحقيقة وصولاً إلى خارطة ٢٠١٤ التي ستثبت ثانية أن قعقعة السلاح لن تخدع بسهولة ناخبين ملّوا الحرب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. المدقق

    لقد بانت حقيقتك ايها الكاتب العنجوكي فانت تكره المالكي لشخصه وليس لمنصبه والدليل على ذلك انك تكيل المديح للتيار الصدري ولتيار الحكيم رغم انهما حزبان اسلاميان كما حزب الدعوة وتركت تشدقك بالليبرالية والديمقراطية والعلمانية التي صدعت رؤوسنا بها انت وشلة الكت

  2. ابو جعفر الساعدي

    سرمد الطائي طائفي بامتياز .. ولهذا السبب لن يكون رأيك نافع

  3. الشمري فاروق

    العزيزسرمد...لست اعرف هل هل ان وعكة السيد المالكي كات في نفس يوم تابين المرحوم السيد محمدباقر الحكيم او بعدها ولكن فب فس يومعرض الحفل التأبيني سألت قناة الحره النائب العبادي عن سبب غياب المالكي.. فاجاب بأنه في مساء نفس اليوم كان بصحبة المالكي لاحد مج

  4. احمد عبد الوهاب

    سلمت يمينك استاذ سرمد وجزيت خيرا ارجوك لاتنسى تهديدات قيس الخزعلي ومناف البطاط مع تحياتي

  5. اسامة الحبيب

    شكر استاذ سرمد , قراءة تستحق المتابعة .. عزيزي المدقق كم هو معاشك اليوم ؟ ولا تخف المدني سيعطيك معاش على حسب استحقاق الخدمة التي تقدمها للناس وسيقول لك شكرا ايضا ..

  6. قاسم عبد اللة

    سلمت يداك استاذنا الفاضل.... واقول للمدقق شكرا لانك تضحكني صباح كل يوم....

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram