يناقشني أصدقاء مقربون حول مواضيع بعض المقالات التي انشرها في "المدى" وتتناول هموماً علمية، ويتساءلون إن كنت أواكب آخر تطورات العلوم التي أطرح تساؤلات عن مواضيعها. وفي الحقيقة أنا لا افعل ذلك بشكل دقيق، أولاً لأنني اتناول مواضيع من مختلف الاختصاصات، ولا يمكن ملاحقة التطورات التي تحدث في الاختصاصات المختلفة. وثانياً، لأنني اكتفي بطرح التساؤلات فقط، بمعنى أنني لا أتناول النتائج فأكون ملزماً بالتحري عن دقتها، ولكنني أتساءل عن وجودها من عدمه. والغرض هو اثارة النقاش حول مواضيع تكاد أن تكون غائبة عن تناولنا، فالهم السياسي يكاد أن يكون هو الهم الأكثر التهامنا لأوقاتنا.
بالمحصلة؛ ما أحاول ان اصل اليه من خلال بعض المقالات التي اطرح فيها أسئلة إشكالية مشاكسة، هو فقط تحريك الراكد الثقافي والعبور بنقاشاتنا اليومية من مواضيعها المألوفة إلى مواضيع أكثر جدوى وأهمية، وهو جهد شخصي بسيط ومتواضع، ومن المؤكد انه يشوبه تشويش وقصور وبعض الأخطاء، الأمر الذي يجعل اعتراضات الأصدقاء حقيقية وفي محلها، لكن هذا لا يمنع من الاستمرار في إثارة الأسئلة.
هناك اعتراض آخر، مفاده، أن مساحة العمود اليومي لا تناسب الأفكار المعقدة من نمط تلك التي لها علاقة بالنظريات الفيزيائية الحديثة، او تلك التي لها علاقة بأبحاث الجينات مثلاً. وها هنا موضوع آخر، فالعمود اليومي يشبه الهم اليومي، ونحن لا نريد أن تخلو همومنا اليومية مما له علاقة بأهم أسئلة العلوم والتكنولوجيا. عليه، فلا بأس من ان تتناول مقالاتنا اليومية -بين الحين والآخرـ مقالا عن مبدأ عدم الدقة، مثلاً، أو عن معقولية ولا معقولية نتائج نظرية الأوتار، أو عن ثوابت العقيدة، أو عن موضوعية العلاقات العائلية. فمن الواضح أن تناول هذه المفردات يؤدي، حتماً، إلى إطلاق علامات الاستفهام في طرقنا وداخل بيوتنا وحتى على أسرة نومنا.
شخصياً أخاف كثيراً عندما اكتب أكثر من ثلاث مقالات متتالية في السياسة، فكتاب الشأن السياسي كثر، وهم بارعون جداً، ومن هنا اجدني ابحث عن شؤون أخرى أعالجها في مقالاتي. بالتأكيد أنا لا امتلك ثقافة خارقة، وبالتأكيد معلوماتي قليلة، وبالتأكيد هناك قضايا علمية لا اعرف كل تفاصيلها، لكنني أحاول ان انصب معبداَ في عمودي، معبداً تُعبد فيه علامة الاستفهام المشاكسة، ومهما كان هذا المعبد بسيطاً ومتواضعاً، فأن عبادة السؤال وعلامته، أمر يستحق المحاولة.
دين الهرطقة
[post-views]
نشر في: 12 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو احمد
انا اشكر تواضعك واسف اني اقترحت مراجعة بعض الكتب الحديثة وحتى حينما تكون في عمود صغير يمكنك ان تكتب على شكل اسئلة وان شئت مثالا ارجو الاطلاع على مقالات عدة في العلوم المعاصرة في مجلة علوم العراقية سابقا ولا شك انك قد سمعت بكتاب الاسئلة الخالدة والذي هو مو