إقدام شرطة الناصرية على شراء 30 كلبا للاستعانة بها في حماية أرواح الناس بدلا من أجهزة "الاي دي" المستخدمة حاليا في نقاط التفتيش، قرار صائب وحكيم وإنساني أيضا. انه ليس قرارا، فقط، بل أراه رسالة بليغة للمفسدين الذين تاجروا بأجهزة الكشف الخائبة على حساب أرواح المواطنين ودمائهم.
لا أبتغي الحديث هنا بإسهاب عن "فضل الكلاب على من لبس الثياب"، فالتاريخ مليء بالقصص والوقائع التي أثبتت بأن الكلب أكثر إخلاصا من الصديق ومن الحكومات. يندر أن تجد فينا من ليس لديه قصة سمعها عن كلب وفيّ، أو عاشها بنفسه مع كلب مخلص. أذكركم مرة أخرى بقول الشاعر أبو الأسود الدؤلي:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي صولة المستأسد الحامي
أراهن على أن الناصرية ستشهد تحسنا أمنيا كبيرا حين تباشر الكلاب الجديدة مهامها. ما يجعلني واثقا بها لأنها، على الأقل، كائنات محصّنة ضد الطائفية والفساد اللذين هما السبب الأول والرئيس وراء ما يشهده عراق اليوم من خراب ودمار.
خطوة مديرية شرطة ذي قار الجديدة هذه، ومن أجل أن تنجح، تحتاج إلى توعية أهل المدينة بأهميتها. عليها أن تعلّم الناس احترام الكلاب لأنها جاءت من أجل حمايتهم. إنها لا تخّوف أو تعضّ كما قد يتصور البعض. ومثلما هي تعرف واجبها ولا تتدخل في شؤون الغير فعلى أهل الناصرية أن لا يتدخلوا بعملها.
أهم نصيحة أقدمها لشرطة الناصرية أن يبعدوا كلاب السلطة والأحزاب عن الكلاب الجديدة حتى لا تصاب بعدوى الغباء و"اللواكة" والفساد والمحاصصة. فحذار حذار من "ربط الجرباء حول صحيحة".
وإن كان في أهل الناصرية الأعزاء من ترعبه رؤيتها خوفا من أن تعّضه أذكر له قول الممثلة الأمريكية الجميلة مارلين مونرو "ما عضّني كلب قط، لكن البشر عضّوني". ومهما تكن عضة الكلب فإنها مثل أي جرح أو كسر بسيط، لا يمكن مقارنة ألمه بوجع أولئك الذي انتخبناهم فعضونا عندما جلسوا على كرسي السلطة، وما أكثرهم. الفارق بين العضتين كالفارق بين الكسرين الذي غنّى فيهما سعدي الحلي:
عيب اعله كلمن ناح من كسر العظام
أحّـاه وجعهن حيل كسـرات الأيام
أما الشرطي الذي سيرافق تلك الكلاب ويرعاها ويشرف على أدائها ، فأنصحه بحفظ موال الحاج الزاير التالي، ليردّ به على من قد تسوّل له نفسه الاستهزاء بالكلب أو بمرافقه:
دار الملوك اظلمت عكب الضيا بسروج
وهناك دمعي يكت اعله الوجن بس روج
والخيل لمّن تردّت واظلعت بسروج
والكدش اصبح لها عزمٍ شديد وباس
والزين دنك على چف الزنيم وباس
والشهم لو عاشر الأنذال ما هو باس
من جلة الخيل شدّوا عالچلاب اسروج